ضغوط أميركية وأوروبية على عرفات لإعادة اعتقال قادة «حماس» و«الجهاد»

الفلسطينيون: قادة الغرب يقعون في الفخ الذي تنصبه لهم إسرائيل

TT

في الوقت الذي تشدد فيه اسرائيل حصارها الاحتلالي الخانق حول المناطق الفلسطينية، وتواصل حشوداتها العسكرية بحجة منع تسلل فدائيين الى تخومها، يقوم المسؤولون الاميركيون والاوروبيون بالضغط على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، حتى يعيد الى السجون كل القادة الميدانيين لحركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي».

فقد اتصل وزير الخارجية الاميركي كولن باول مع عرفات، في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، وطلب منه صراحة تنفيذ الاعتقالات قائلا: «لا يمكن ان يدرك قادة «حماس» انه معني بوقف النار إلا اذا تعامل معهم بحزم». وحاول عرفات التملص من هذا الضغط مؤكدا ان «حماس» و«الجهاد» تعهدتا بوقف العمليات الانتحارية داخل اسرائيل. وانه ليس مستعدا لادخال أحد الى السجن بناء على طلب اسرائيل. وقال انه يريد ان تقدم اسرائيل ايضا على خطوات تجاوبا مع وقف النار، مثل ازالة الحصار وتحرير الاموال المستحقة لديها والمحتجزة في خزانتها ووقف عمليات التنكيل ووضع حد لانفلات المستوطنين. واكد عرفات وفقا لتصريح ادلى به مستشاره الاعلامي، نبيل ابو ردينة، ان هناك مرجعية للتفاهم هي تقرير لجنة ميتشل والمبادرة الأردنية ـ المصرية وتفاهمات شرم الشيخ. وكلها تضع في رأس سلم الاهتمام وقف النشاطات الاستيطانية وقفا تماما، باعتبارها اعتداء خطيرا على الأرض وعلى الانسان وعلى المستقبل الفلسطيني.

وحسب مصادر اميركية في اسرائيل فان باول لم يقبل تفسيرات عرفات. وقال ان المهمة الأولى الآن وقف اطلاق النار، وبدء اجتماعات التنسيق الامني بين كبار قادة الأجهزة الامنية من الطرفين.

يذكر ان رئيس المخابرات المركزية في الولايات المتحدة، جورج تنيت، لم يصل الى المنطقة كما كان مقررا، وانه سيأتي فقط اذا أبدى الطرفان استعدادا واضحا لاستئناف اللقاءات الامنية على أعلى المستويات (يلمح بذلك الى غياب كل من محمد دحلان وجبريل رجوب عن الاجتماعات الأخيرة). وقالت هذه المصادر ان الادارة الاميركية قررت الامتناع عن زيادة تدخلها في ازمة الشرق الأوسط، وذلك بانتظار ان «تبرهن السلطة الفلسطينية جديتها في وقف اطلاق النار».

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قد بادر للاتصال الليلة قبل الماضية بكل من كولن باول ونظيره الروسي، ايغور ايفانوف، وأبلغهما ان عرفات ليس صادقا في توجهه لوقف النار وان هدفه كان تأخير الرد الاسرائيلي على عملية تل ابيب حتى تهدأ الأوضاع وتبرد الدماء، ثم يجدد اطلاق النار. وقال شارون ان لديه معلومات تفيد بأن رجالات «فتح» و«حماس» و«الجهاد» يريدون استراحة حتى يعيدوا تنظيم صفوفهم. ويستعدوا لاستئناف اطلاق النار بشكل افضل وانجع.

وادعى شارون ان هذه القوى استغلت النيات الاسرائيلية الطيبة، بالسماح بمرور جنازة المرحوم فيصل الحسيني في القدس، فقامت بتسريب عدد من افرادها الى تخوم اسرائيل حتى ينفذوا عمليات في المستقبل.

يذكر ان المخابرات الاسرائيلية كانت قد طرحت كل هذه الادعاءات أمام الحكومة. لكنها على عكس شارون رأت ان الحل هو ليس بالضغط على عرفات بل مساعدته على مجابهة مصاعبه، والاقتراب من مواقفه في استئناف المفاوضات. وهي لا تؤيد فرض حصار شديد حيث ان مثل هذا الحصار يخدم بالتالي مصالح المتطرفين.

ولمح الى هذا الموقف ايضا منسق الشؤون العسكرية في المناطق الجنرال يعقوب اور، حينما قدم احصائيات امس للجنة الخارجية والأمن في الكنيست. واوضح فيها ان الانتفاضة والحصار اديا الى تفاقم الأزمة الاقتصادية في المناطق الفلسطينية: «.. فقد تضاعفت البطالة 3 مرات، وارتفعت من 11% قبل الانتفاضة الى 33%، وارتفعت نسبة الفقر من 23% الى 40% وانخفض عدد العاملين في اسرائيل من 120 الفا الى 40 الفا. واوضح ان حركة «حماس» مستفيدة من هذا الوضع اكثر من اية قوة اخرى. فهي اليوم تقدم مساعدات مالية الى 10% من العائلات الفلسطينية المحتاجة، بينما السلطة الوطنية وجمعياتها تقدم مساعدات كهذه فقط الى 5%.

من جهة ثانية، تواصل قوات الاحتلال تشديد حصارها على المناطق الفلسطينية وتحشد قوات كبيرة على طول الحدود بين اسرائيل والضفة الغربية «لمنع تسرب فدائيين».

اما في الجانب الفلسطيني فيحاول الرئيس عرفات خلال لقاءاته المكثفة مع مسؤولين ومبعوثين من الغرب والأمم المتحدة صد الهجوم الاسرائيلي وكشف ما يخبئه شارون من ورائه. ونقل على لسانه قوله الى وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر، ان شارون يوقع قادة الغرب في الفخ. «فهو يستخدمكم سندا له في العدوان العسكري الاجرامي الذي يستعد لتنفيذه».