وزير خارجية طالبان: الدول العربية لا تريد مساعدتنا و«المؤتمر الإسلامي» لم يرد على طلبنا للمشاركة في قمة الدوحة

TT

وكيل احمد متوكل وزير الخارجية والرجل الثاني في حركة طالبان الافغانية، يعتبر اكثر قادة الحركة الحاكمة تسامحا واعتدالا، التقته «الشرق الأوسط» في مقر وزارة الخارجية الافغانية في العاصمة كابل. وعبر مترجم يجيد اللغة العربية باللهجة المصرية هو مولوي محمد قاسم حميدي، خريج كلية الشريعة بالازهر الشريف، والذي يشغل في نفس الوقت نائب رئيس المراسم والتشريفات بالخارجية الافغانية، قال وكيل احمد متوكل ان هناك بعض المجاهدين العرب الذين يحاربون في صفوف طالبان ضد قوات احمد شاه مسعود، واشار الى ان عدد المجاهدين العرب ليس كبيرا مقارنة بما كان عليه الحال فترة مجابهة الغزو الروسي.

واضاف ان قضية بن لادن لا يمكن ان تحل الا من منظور الشرع الاسلامي فهو ضيف على الامارة الاسلامية. ونفى ان يكون بن لادن هو الممول لحركة طالبان، وقال «يا ريت»، فالرجل صودرت امواله وسدت جميع منافذ التمويل بالنسبة له. وعن الصيغ الجديدة او المقترحات التي من الممكن بحثها مع الاميركيين لحل مشكلة بن لادن مثل محاكمته في دولة اسلامية او دولة ثالثة، قال متوكل «اولا محاكمة بن لادن لا يمكنها ان تتم الا من المنظور الاسلامي، وان ينفذ القانون في دولة اسلامية، ويكون المتهم اثناء محاكمته في دولة اسلامية».

ولما سألته عن القيود المفروضة على بن لادن، والتى ادت الى عدم حدوث عمليات في الخارج في الاونة الاخيرة، قال الوزير متوكل «اسامة بن لادن ليس سجينا بل هو حر طليق، لكن جماعة الطلبة طلبوا منه ان يحتاط في بعض الامور، مثل عدم اجراء اتصالات مع العالم الخارجي، وعدم القاء محاضرات، وعدم اجراء مقابلات صحافية او التقاء ضيوف اجانب، والرجل التزم بذلك، ونحن من جانبنا نقدر له ذلك ايضا».

ولدى سؤاله عن مصادر التمويل بالنسبة لطالبان، قال «ان افغانستان في موقع مهم من العالم ولدينا عائدات من الزراعة والاراضى والجمارك، وفي الوقت ذاته فان مصاريفنا قليلة، وبالنسبة لباكستان فهى مديونة بالقروض الاجنبية فكيف يتسنى لها تقديم يد المساعدة الينا، وكانت الدول العربية الخليجية تقدم لنا يد العون والمساعدة ايام الجهاد ضد السوفيات، لكن ذلك لا يحدث اليوم، وهم مشغولون بدعم الانتفاضة الفلسطينية، واتمنى من القلب ان تكون المساعدات المعلنة او التي نسمع عنها تصل الى الفلسطينيين».

وتطرق الوزير ايضا الى رغبة حكومته في تحسين علاقاتها مع اميركا، رغم عدم وجود علاقات سياسية مباشرة مع واشنطن، لانهاء حالة الحظر المفروض على البلاد، الذي ادى الى هجرة عشرة الالاف من المهاجرين الافغان الى الدول المجاورة. واشار وزير خارجية الحركة الى ان طالبان في انتظار الخطوة الاولى من حكومة الرئيس الاميركي جورج بوش نحو فتح صفحة جديدة في العلاقات مع حكومة طالبان. وانتقد برنامج المساعدات الغذائية التابع للامم المتحدة، مشيرا الى ان هذا البرنامج مرتبط هو الاخر بالسياسة الاميركية، وقال «ان اعتراضات الامم المتحدة على تصرفات طالبان كثيرة، لكن مساعداتهم بطيئة للغاية». واضاف ان طالبان لا ترضى ان يتدخل احد في شؤونها، والغرب يتحين الفرصة، الواحدة بعد الاخرى، للتدخل في شؤون الامارة الاسلامية، وكلما التزمنا بتطبيق الشريعة الاسلامية ثارت الدنيا ضدنا وقالوا عنا إننا اصوليون متطرفون، وهناك في الديانتين اليهودية والمسيحية اصوليون كذلك، الا ان العيون مسلطة علينا، بسبب وبدون سبب، وكانت البداية بالنسبة لهم منذ اعلان امارة افغانستان الاسلامية، ونجاح طلبة العلم في قهر قادة الحرب الذين طردوا الالة العسكرية السوفياتية من اراضيهم وبسطوا سيطرتهم على اكثر من تسعين في المائة من الاراضى الافغانية، فتطبيق الشريعة الاسلامية غريب على العقول والمفاهيم الغربية، ونحن نتفهم ذلك، وهذه مشكلتهم وليست مشكلتنا، والالتزام بالعقيدة والقرآن والسنة النبوية المطهرة لا يعني اننا اصوليون متعصبون، وهو ما يحاول الغرب تثبيته في المفاهيم عبر اجهزة الاعلام التي يمتلكها، واذا كانوا يطلقون علينا لقب «اصوليون» فان ذلك فخر لنا وليست جريمة اقترفناها.

وحول مشكلة منع تعليم الفتيات، سألته عن حجتهم في ذلك بما ان السيدة عائشة رضوان الله عليها كانت عالمة بين قومها وتعلم السيدات الفقه والحديث، فقال «نحن نحاول ان نتبع مسلك الصحابة رضي الله عنهم، ولكن المنع جاء بسبب عدم وجود الامكانيات اللازمة لفتح المدارس الخاصة بالفتيات، لان المشكلة هي عدم السماح بالمدارس المختلطة، فنحن في حاجة ماسة الى مدارس اولا لتعليم الاولاد، انتم تتحدثون عن بلد بعد مخاض 20 سنة من الحروب، وما زلنا في حالة حرب على الجبهة الشمالية، واولوياتنا هي الحفاظ على الامن والاستقرار في البلد، ثم التعليم والتنمية». عندها سألته «اذا لم تتحسن الاحوال هل ستغلقون كذلك مدارس الاولاد؟» فاجاب «العلم عند الله». وحول ملف العلاقات مع الدول العربية والاسلامية اوضح وزير خارجية طالبان متوكل ان هناك اتصالات مع ايران وقطر بدون ان تعترف هذه الدول رسميا بحكومة الحركة. واشار الى ان الدول العربية لا تريد مد يد المساعدة الى افغانستان، وقال في هذا الصدد «اذا نزلت الى شوارع كابل ومناطق المهاجرين ستجد الصليب الاحمر موجودا، بينما للاسف فان الهلال الاحمر غائب، ستجد دورات تدريبية للغة الانجليزية، بينما لا توجد دورات للغة العربية، لغة القرآن والسنة والجنة».

وتطرق الى قمة منظمة المؤتمر الاسلامي التي انعقدت في الاونة الاخيرة في الدوحة، وقال «الفاتحة على روحها، فقد طلبنا ان نشارك في المؤتمر الاخير في الدوحة ولم يأت الرد، وطلبنا المشاركة بصفة مراقبين، ولم يأت الرد كذلك، انهم لا يريدون اعطاءنا الفرصة للمشاركة والاقتراب من اخواننا العرب والمسلمين».

واكد متوكل عدم وجود اي اتصالات في الوقت الحاضر بين طالبان والقيادات الفلسطينية، وقال ان اتصالاتنا بمنطقة الشرق الاوسط ضعيفة عموما. واكد ان حل مشكلة فلسطين لن يكون الا بشعار واحد وهو «الجهاد طريقنا الوحيد لطرد المعتدين».

ثم سألت وزير الخارجية الافغاني عن كيفية متابعته لاخبار العالم في ظل عدم وجود اي بث تلفزيوني، فقال ان لديه طبقا فضائيا فوق سطح منزله يتابع من خلاله اخبار هيئة الاذاعة البريطانية «بي. بي. سي» وشبكة «سي. ان. ان» التلفزيونية الاميركية، وقناة «الجزيرة» القطرية. قلت له ماذا لو حدث وشاهدتم بدون قصد شيئا من المحارم او المحرمات التي منع بسببها البث التلفزيوني في كابل، فرد مبتسما انه «خطأ مغفور ان شاء الله». وبالنسبة لقرب عودة البث التلفزيوني الى كابل قال ان الامر ليس قريبا رغم وجود الكادر الاداري والوظيفي، الذي يتسلم راتبه كل اول شهر، ولكننا في حاجة الى التقنيات لاعادة البث التلفزيوني الى انحاء العاصمة الافغانية، وقبل كل ذلك تأمين عدم انقطاع التيار الكهربائي الذي تشهده كابل بصفة متقطعة، وحتى لو عاد البث التلفزيوني فسيكون موقوفا على امور الشريعة الاسلامية وتوضيح الحقائق في ما يخص الحلال والحرام والمسائل الفقهية التي نشعر ان ابناءنا في مسيس الحاجة اليها بصفة يومية كوجبات روحانية. يذكر ان البث الاذاعي باللغات العربية والانجليزية والبشتو والفارسي والاوزبكي لا تبث ارسالها الى افغانستان بدون اي انقطاع.

وزير الخارجية الأفغاني أحمد متوكل في سطور

* انهى تعليمه الابتدائي في «دار الهجرة الاسلامية» في كويتا ببلوشستان (باكستان).

* تلقى العلوم الدينية والشرعية في مدرسة الاشرفية.

* قبل التحاقه بوزارة الخارجية شغل منصب مسؤول الصحافة والاعلام في قندهار مقر قيادة الحركة الحاكمة.

* قبل توليه منصب وزير الخارجية بسنتين، كان يشغل منصب مستشار امير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد والمتحدث الرسمي باسم امارة افغانستان.

* متزوج ولديه اربعة اولاد وبنت.

* يشغل حاليا وقت فراغه بقراءة كتب السيرة النبوية والقاء سلسلة محاضرات على طلبة الكليات الجامعية واكاديمية الشرطة بهدف التعرف على اراء الجيل الجديد عما تتخذه طالبان من اجراءات وقوانين.