خاتمي.. الفرصة الأخيرة لإيران

TT

من خلال الغبار الثائر، برز نحو 20 من الشبان الملتحين الذين يرتدون القمصان السوداء والكفيات المقلمة ويركبون الدراجات وهم يهتفون بشعارات متطرفة لتخريب التجمع الانتخابي المؤيد للرئيس الايراني محمد خاتمي. كانوا يصرخون «عار عليك يا خاتمي، اقلع عن برنامج اصلاحاتك» فيما اتجهوا الى احد رجال الدين الذي كان يلقي كلمة في الحشد الصغير. وبسرعة هرب الخطيب الى احدى الحافلات الصغيرة المركونة جانبا، بينما واصل الشبان شتائمهم ومضايقتهم الحضور.

ويبدو ان الاجواء الايرانية تتلبد بالتوتر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، فايران تشهد اليوم لحظة مهمة في تاريخها بعد 22 عاما على الثورة التي أسست لحكم اسلامي محافظ وفي وجه التحديات الراهنة المتمثلة في قوى العولمة والتغيرات الديموغرافية. والايرانيون بكل انتماءاتهم يناضلون في سبيل تحديد الديمقراطية في نظام اسلامي.

ويذهب الرئيس الايراني محمد خاتمي، وهو من رجال الدين المعتدلين، الى ضرورة اضفاء الانفتاح على هذا النظام او المخاطرة في اقصاء الناس جميعا. وبينما يعتبر بعض خصوم خاتمي انه راديكالي جدا في افكاره يرى آخرون انه حذر جدا، في حين ان غالبية الناخبين تؤيده.

وكان خاتمي وصل الى السلطة قبل 4 سنوات باغلبية كبيرة وصلت نسبتها الى 69 في المائة من اصوات الناخبين. لكن رغم الشعبية الضخمة التي توفرت له، فانه ظل اشبه بزعيم للمعارضة منه برئيس دولة يمتلك سلطة تنفيذية. اذ بموجب الدستور الايراني فان مصدر السلطة المطلقة في يد مرشد الثورة آية الله علي خامنئي الذي ايد خصوم الرئيس. وبينما خفف خاتمي من احتقان الاجواء الاجتماعية ودعا الى توفير قدر اكبر من حرية التعبير والديمقراطية الدينية، شدد خصومه قبضتهم على مراكز القوة الاساسية: السلطة القضائية وقوات الامن والاذاعة والتلفزيون ومجلس صيانة الدستور المخول بالنظر فيما يصدر من قوانين صادرة عن البرلمان الذي يسيطر عليه الاصلاحيون ونقضها ان ارتأى ذلك.

ويخشى خصوم خاتمي من المحافظين ان اندفاعه وراء «لبرلة» النظام الاسلامي قد يفضي الى سقوط هذا النظام في نهاية المطاف. حتى ان بعض هؤلاء يعتبر حركة الاصلاح بمثابة طابور خامس للولايات المتحدة يعمل على تقويض اسس الجمهورية الاسلامية. بينما يحاجج الاصلاحيون ان شعبية خاتمي هي التي تضفي الشرعية على النظام الاسلامي الحالي. ويعتبر هؤلاء انه افضل الفرص الاخيرة لنظام ديني يواجه مخاطر جليلة في غياب اجراء اية اصلاحات عليه. وكان ذلك ايضا مضمون تحذير صدر عن خاتمي في كلمة اخيرة له في الاذاعة الرسمية بقوله «ان اي جهد يرمي الى تخييب آمال الناس لن يأتي الا بغير المرجو منه. ولو عجز الناس عن تحقيق مطالبهم من خلال النظام الاسلامي فانهم سيديرون ظهورهم له ويبحثون... في مكان آخر».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»