طالبان تضيق الخناق على موظفي الإغاثة

TT

تدرس حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان قرارا بإلزام العاملين الأجانب في الدولة بالتوقيع على خطاب يلزمهم بعدم خرق مجموعة من الترتيبات، ويضعهم تحت طائلة سلطات الشرطة الدينية . كما يجب على الأجانب بمقتضى ذلك أن يوافقوا على عدم اقتراف الزنا، أو السعي إلى تحويل المسلمين إلى دين آخر، أو ارتداء ملابس غير أخلاقية، أو العزف على آلات موسيقية. وتتراوح عقوبة خرق تلك القوانين بين الإبعاد والسجن إلى القتل رجما.

ويعني تنفيذ هذا القرار أن وكالات الإغاثة ستواجه اختيارا صعبا، ما بين حاجتها إلى حماية الموظفين والتزامها بمساعدة الأفغان الذين يواجهون الحرب والعوز. وقال شهود عيان ان الشرطة الدينية في أفغانستان هاجمت المستشفى المركزي في مدينة هيرات، وهو الاقتحام الخامس من نوعه خلال شهر. ويقول الأهالي إن الشرطة أرادت أن تتأكد أن لحى الأطباء والمرضى غير مشذبة، وأن شعرهم مقصوص حسب القواعد التي وضعتها طالبان . ويقال إن الطاقم الطبي قاوم رجال الشرطة وأعادهم من حيث جاءوا، بينما أفادت تقارير أن مريضين ماتا بينما كان الأطباء مشغولين بهذه المسألة. وتوجه الأطباء بالشكوى مباشرة إلى حاكم المدينة، خير الله خيرخوا، الذي يقال إنه أدان اقتحام الشرطة للمستشفى.

ويقول أحد العاملين الأجانب في أفغانستان إن الأمر ببساطة جزء من سعي طالبان إلى تصعيب ظروف عمل موظفي قطاع الإغاثة الإنسانية في أفغانستان. وأفاد خطاب تسرب إلى إحدى وكالات الإغاثة أن طالبان تعتزم تخيير موظفي الإغاثة الأجانب بين توقيع قائمة بالتعهدات أو مغادرة البلاد.

ومن بين التعهدات التي يجب على الموظفين الإقرار بها عدم الالتقاء بنساء أفغانيات، وعدم التقاط صور، والامتناع عن تناول المشروبات الكحولية أو أكل لحم الخنزير. وتجرم القواعد الجديدة ما تسميه التسبب في فوضى، وذلك بوضع النفس موضع الاشتباه بالتجسس، كما تجرم ماتعتبره طالبان عدم احترام القيم الثقافية والقومية للشعب الأفغاني. وسوف تكون عقوبة مثل تلك الجرائم، والتي تخول الشرطة الدينية تنفيذها، إما الإبعاد من البلاد أو السجن. ويلتزم الأجانب أيضا بالموافقة على أحكام الشريعة الإسلامية الخاصة بالزنا. والتي تعني القتل رجما لمقترفيها من المحصنين والجلد لغير المحصنين. وتعتبر الشرطة الدينية هي الجهاز الأمني الأكثر إخافة للأفغان، إذ تملك سلطة عقاب الأفراد جسديا أو حبسهم بلا محاكمة. وتتهم الأمم المتحدة الشرطة الدينية الأفغانية بالقبض العشوائي على الأفراد، والعمل في إطار قواعد غير معلنة وعدم الالتزام بتقديم أدلة. ولن يكون سحب الموظفين الأجانب من أفغانستان أمرا يسيرا، حيث يكافح الأفغان في مواجهة الفقر والحرب الأهلية في وضع إنساني تصفه الأمم المتحدة بأنه الأسوأ في العالم. ويتساءل مدير إحدى وكالات الإغاثة مستنكرا عن التبرير الأخلاقي الذي يمكن لوكالته تقديمه لسحب موظفيها من أفغانستان، بينما يعلم الجميع أن هذا سيؤدي إلى موت آلاف من ابناء الشعب الأفغاني. ورغم أن أفغانستان من أكثر البلاد فرضا للقيود على مواطنيها، فلا تزال طالبان حتى هذه اللحظة تحترم الحياة الخاصة للأجانب. وجرت عادة الحركة الحاكمة في أفغانستان على اعتبار مخالفات الأجانب مثل مشاهدة التلفزيون أو عزف الموسيقى داخل بيوتهم الخاصة أمرا من اختصاص وزير الخارجية لا الأجهزة الأمنية. لكن الأسابيع الأخيرة شهدت توترا متناميا بين طالبان ووكالات الإغاثة.

ورفضت الأمم المتحدة التعليق على الأنباء المتعلقة بهذا الخطاب قائلة إنه لم يصدر رسميا بعد، لكنها قالت إنها قد تنهي البرامج الخاصة بأفغانستان إذا لم يتحسن الوضع الأمني. وتشكو الأمم المتحدة من أن الشرطة الدينية تتحرش بموظفيها الأفغان، بينما يتعرض موظفو الإغاثة الدوليون لتهديدات متكررة بالقتل من قبل مسلحين أجانب.

...والمعارضة تطرد قوات طالبان من بلدة استراتيجية كابل ـ رويترز: قالت قوات المعارضة الافغانية امس انها طردت حركة طالبان الافغانية الحاكمة من بلدة ياكاولانج الاستراتيجية في اقليم باميان بعد قتال شرس. ولكن الجانبين اصدرا تقارير متناقضة عن القتال الذي اندلع في أقصى شمال افغانستان، اذ نفت المعارضة مزاعم طالبان بأنها سيطرت على منطقة رئيسية وانها ليست بحاجة الى شن هجوم على بدخشان معقل المعارضة الرئيسي الوحيد المتبقي.

وقال محمد هابيل المتحدث باسم المعارضة ان مقاتلي المعارضة تدفقوا على بلدة ياكاولانج من الجانب الغربي وطردوا طالبان بعد قتال شرس اثناء الليل. واضاف ان طالبان منيت بخسائر فادحة في الارواح وأرغمت على الفرار الى المناطق الجبلية المجاورة، الا انها شنت هجمات مضادة بينها قصف جوي.

وتبادلت طالبان والمعارضة السيطرة على ياكاولاند عدة مرات منذ عام 1998. وتقع البلدة على طريق الامداد الرئيسي لطالبان من الشمال الى الجنوب عبر جبال كوش الهندوسية.