الأمير عبد الله يناشد «الحكمة» في أميركا وأوروبا أن «تتصدى لدورها التاريخي تجاه السلام»

كل قطرة دم عربية سالت على أرضنا المغتصبة لها جزية الدفع عند من أراقها

TT

غادر الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية والوفد المرافق له دمشق بعد ظهر امس منهياً زيارة لسورية استغرقت يومين عقد خلالها ثلاثة اجتماعات مع الرئيس السوري بشار الأسد كان أحدها مغلقاً، وتناولت حسب البيان الصحافي الرئاسي الأوضاع السائدة في المنطقة وخاصة في الأراضي العربية المحتلة وما يتعرض له الشعب العربي الفلسطيني جراء الممارسات القمعية الاسرائيلية وكذلك العلاقات الأخوية الثنائية بين سورية والمملكة العربية السعودية وأهمية التنسيق والتشاور بينهما.

ولدى مغادرته دمشق كان في مقدمة مودعي ولي العهد السعودي الرئيس السوري بشار الأسد ونائبا الرئيس عبد الحليم خدام ومحمد زهير مشارقة ونائبا رئيس الوزراء لشؤون الخدمات والشؤون الاقتصادية محمد ناجي العطري وخالد رعد، ووزير الخارجية فاروق الشرع، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد العمادي، ووزير المالية محمد خالد المهايني ووزير الكهرباء منيب صائم الدهر ووزير النفط محمد ماهر جمال، والسفير السعودي بدمشق الدكتور بكر عبد الله بن بكر وأعضاء السفارة.

وقبيل مغادرته العاصمة السورية أدلى الأمير عبد الله بتصريح قال فيه:

«جئنا الى سورية الشقيقة حاملين معنا تداعيات الحاضر واحتمالات المستقبل تجاه قضيتنا العربية والاسلامية، فمن يحمل شرعية الحق ويستمد العون منه جل جلاله لا يقف على اعتاب الطريق متسائلاً او حائراً او متردداً، فالحقوق لا تستجدى، انها الشرعية التي تستمد منها قضيتنا بعد الله (جل جلاله) قوة الحجة في وجه المغتصب ومنطق الحق تجاه طرف غلّب لغة القوة على منطق العقل متناسياً بأن العنف لا يولد غير العنف.

أقول ذلك مذكراً الطرف الاسرائيلي في شخوص متطرفيه وعلى رأسهم شارون بأن معطيات السلام منذ مؤتمر مدريد اخذت تتداعى تباعاً، ذلك المؤتمر الذي أحسن العرب والمسلمون فيه الظن فمدوا جسور الحوار على أمل في ان يحمل لهم المستقبل واقعاً تتعايش فيه جميع الأطراف وفق أسس تقوم على إحقاق الحق ومبادئ الأرض مقابل السلام لكلا الطرفين».

وأضاف الأمير عبد الله في تصريحه قائلاً: «هذه الرؤية هي التي جعلت اليد العربية تصافح المحاور الاسرائيلي بعد ان كان العربي يرفض منذ اكثر من خمسين عاماً مصافحة أي طرف اسرائيلي معتد. واليوم ماذا عن مدريد والتزاماتها وماذا عن عملية السلام بكل أشكالها؟

لقد تمادى الطرف الاسرائيلي في غيه وعنفه وغطرسته وأخذت الرصاصة الاسرائيلية تغتال الشيخ المسن والمرأة والطفل الرضيع، وتجاوز الحقد الدفين لدى شارون ومؤيديه الى كل رمز يمثل شموخ العربي فتمثل له الشجر الفارع بقامته صورة العربي بكبريائه وعنفوانه فمد يده الآثمة لاقتلاع الأخضر واليابس ظناً منه بأن القوة كفيلة بتحقيق اهدافه».

وأضاف ولي العهد السعودي: «اننا نعلم بأن اسرائيل ترى نفسها قوية بهذا كله ونعلم اكثر بأن ذلك قد يستمر لعشر أو عشرين او خمسين سنة قادمة او أكثر ولكننا نؤمن بأن ديمومة القوة لله جل جلاله، فهل يظن عاقل في الأرض ان المظلوم سيقبل بظلمه وان الجريح سيلعق دمه صامتاً وان الضعيف سيسلم بضعفه؟ وهل تقبل أمة على وجه الأرض تؤمن بالله وبرسله ان تسكت عن حقها او تتنازل عنه؟ من ظن ذلك فهو واهم واهم واهم».

وقال الأمير عبد الله: «فليفعل شارون ما بدا له، فاليوم قد يكون يومه وغداً لنا ان شاء الله، فكل قطرة دم عربية واحدة سالت على أرضنا العربية المغتصبة لها جزية الدفع عند من أراقها وليس العرب والمسلمون من يقبلون بغير حقهم كاملاً جزية. ان كل رحم امرأة عربية أبية يحمل في أحشائه ثأراً وكل شهيد عانق الثرى ترك خلفه صرخة مدوية في صدر كل طفل يتطلع الى الاستشهاد. لذلك على الحكمة ان تأخذ دورها لدى الطرف الاسرائيلي قبل ان يصبح وجه السلام وملامحه كالحة شاحبة في أعيننا. اننا نناشد الشرفاء في كل العالم ان يجسدوا المعنى الحقيقي للشرف وان يساهموا بفاعلية لا انحياز معها في تحقيق السلام العادل والشامل ونناشد الحكمة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والعالم أجمع ان تتصدى لدورها التاريخي تجاه عملية السلام، نقول ذلك والأمل يحدونا وحسن الظن يدعونا وما أقسى خيبة الأمل اذا ما ابتلعته ظنون اليأس.

من هنا، من سورية الصامدة ومن مشارف الجولان المحتل ادعو عقل العاقل وحكمة الحكيم ان تسمع بلسان عربي وقلب مؤمن نداء لا نزاود به او عليه».

وفي ختام زيارته لسورية وجه ولي العهد السعودي برقية الى الرئيس بشار الأسد قال فيها «جئنا الى دمشق الغالية علينا محملين بتطلعات وهموم امتنا العربية والاسلامية التي اثخنتها الجراح وتكالب عليها الأعداء محاولين كسر شوكتها واخضاع ارادتها وتحويلها الى أمة تابعة مستكينة، ونسي هؤلاء او تناسوا اننا أمة عظيمة تستند الى ماض تليد وتاريخ مجيد وحضارة عريقة وهي قبل ذلك تحمل رسالة الاسلام الخالدة، أمة هذه خصائصها يصعب ان تنكسر او تخضع او تستكين وهي متمسكة بقوة الواحد الأحد جل جلاله مهما كانت قوة التحديات التي تواجهها وقد تخسر هذه الأمة معركة او جولة لكنها لن تخسر النهاية والعاقبة ان شاء الله».

وأضاف: «ان ما يحدث الآن على أرض فلسطين وعلى أرض الجولان وغيرها ليس سوى ارهاصة النصر وليس سوى الظلام الذي يعقبه اشراق النور بحول الله وقوته، وما يقدمه شعب فلسطين من دماء وتضحيات ليس سوى مهر الحرية والاستقلال، ولا يخالجنا أدنى شك بحول الله في ان هذا الشعب سينال حريته وسيسترد حقوقه فالتاريخ علمنا انه ما ضاع حق وراءه مطالب وان دولة الباطل ساعة ودولة الحق الى قيام الساعة.

ان من الغريب ما نسمعه هذه الأيام من المساواة بين الجلاد والضحية والمناداة بوقف ما يسمى بالعنف الفلسطيني، وكأن هذا العنف هو السبب لا النتيجة، تناسى ان الاحتلال الاسرائيلي هو أصل البلاء والاستيطان هو وقود الفتنة وإنكار الحقوق والغطرسة الاسرائيلية ورفض السلام العادل الشامل ليس حلاً يمكن الاتكاء عليه». وفي ختام برقيته حيا ولي العهد ارادة سورية الصلبة وصمودها وإصرارها على استعادة ارض الجولان المحتلة كاملة غير منقوصة. وأضاف: «نشكر فخامتكم وشعب سورية الشقيق على رحابة الصدر وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة. وحفظ الله فخامتكم وأمدكم بعون منه وحفظ الله سورية وشعبها الشقيق آمنة مطمئنة عزيزة تحت قيادتكم الحكيمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».