واشنطن: لا مصلحة للعراق في وقف نفطه

TT

لا يبدو ان العراق هو الوحيد العاجز عن الخروج من العقوبات الدولية المفروضة، وإنما تبدو الولايات المتحدة هي الاخرى في نفس المأزق بشأن التعامل مع هذا النظام الذي طال أمده ودخل عامه الحادي عشر. ولعل التغيير الذي احدثته إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش باعتماد نظام جديد سمته «نظام مراقبة الاسلحة» يهدف اساسا الى «تحريك» هذه العقوبات بانتظار صياغة سياسة اميركية جديدة في العراق لم يتم الاعلان عنها بعد، ويتردد ان ريشتارد هاس، الذي التحق في الآونة الاخيرة بالخارجية الاميركية، هو الذي يقوم بصياغة بنودها التفصيلية.

وقال مصدر في الخارجية الاميركية امس ان الولايات المتحدة تريد ان تبقي الوضع «غير الرسمي» الحالي بين العراق وجيرانه، كما تريد ان ترى المعاملات التجارية الخاصة بالسلع المدنية «تتوسع» بين هذه الدول، الا ان المصدر ذاته اعرب عن رغبة بلاده في وجود «اجراءات تحول دون استخدام هذه التسهيلات الجديدة في عمليات التهريب» بالمنطقة، على الرغم من تأكيده ان الولايات المتحدة لا تملك حاليا هذه الاجراءات، وقال في هذا الصدد «ليست لدينا في الوقت الراهن الميكانيزمات المحددة لمراقبة العلاقات بين العراق وجيرانه».

ويبدو ان هذه «الميكانيزمات» تريد اميركا استخدامها لمراقبة «المواد المزدوجة الاستخدام» التي يمكن تمريرها أو تهريبها الى العراق. الا ان السؤال الذي يزال غامضا يكمن في مصادر تمويل هذه «الميكانيزمات» الرقابية، وقد اشار الدبلوماسي الاميركي الى ان «مراقبة المبادلات التجارية المدنية العراقية ستتم عبر الاموال الموجودة حاليا في الامم المتحدة».

وأشار المصدر الى ان العراق كان محظورا عليه في الماضي كل المنتوجات العامة عدا المواد الطبية والغذائية الضرورية، أما في الوقت الراهن فان قرار مجلس الامن الجديد 1352 الذي تم اقراره في الاول من يونيو (حزيران) الجاري سيسمح للعراق القيام باجراء مبادلاته التجارية المدنية كاملة عدا المواد التي يمكن استخدامها في الشؤون العسكرية، مؤكدا ان «قائمة كاملة وواضحة بهذه المواد سيتم نشرها على موقع الأمم المتحدة» على شبكة «الانترنت».

لكن كيف يرى العراق هذا النوع الجديد من العقوبات؟ لقد اكد طه ياسين رمضان نائب الرئيس العراقي امس للصحافيين ان العراق يرفض «اي قرار يصدر من مجلس الامن وبأي صيغة، بالاجماع او بالاغلبية، ما لم يتضمن رفع الحصار بدون قيد او شرط وادانة للعدوان المستمر عليه». وشدد رمضان بعد افتتاح اجتماعات الدورة الـ73 لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية في بغداد «تمسك» العراق بـ«تطبيق دقيق وعادل» للقرارات المتعلقة بالعراق.

وحول سؤال لـ«الشرق الأوسط» ان كانت الولايات المتحدة تعتبر الرفع الكامل للعقوبات عن العراق ومطالبة بغداد بنقاط محددة لاعادته الى المجتمع الدولي، اكد الدبلوماسي الاميركي ان العراق لا يزال يمثل تهديدا لجيرانه وان كان يريد الرفع الكامل للعقوبات المفروضة عليه فعليه الالتزام بالقرارات الدولية وعلى رأسها قرار 1268، في اشارة الى قبول بغداد مجددا بالمفتشين الدوليين.

وقد عرف نظام العقوبات على العراق تطورا بالفعل منذ اقراره عام 1990، اذ عرفت السنوات التالية للغزو دعوات غربية السماح للعراق بتصدير كميات محدودة من نفطه، ومع اشتداد الازمة الانسانية، تم اقتراح برنامج النفط مقابل الغذاء عام 1995 الذي رفضه العراق ثم قبله العام التالي (1996) وصار بامكانه تصدير ما قيمته ملياري دولار كل ستة اشهر. ثم الغي هذا السقف في اواخر عام 1999، لكن العوائد ظلت تخصص دوما الى حساب العراق المجمد والخاضع تحت اشراف الامم المتحدة. وصار العراق من حينها يصدر كميات معتبرة اذ سجل الشهر الماضي تصديره لـ51،2 مليون برميل يوميا، قبل ان يوقفه في الرابع من الشهر الجاري.

فبعد ان كان العراق في السابق يعبر عن اعتراضه لقرارات الامم المتحدة بتحريك قواته احيانا تجاه الحدود الكويتية، فانه صار اليوم يلجأ الى نوع آخر من التهديد وهو وقف ضخ النفط. لكن هذا الاجراء قد يعود بنتائج عكسية على بغداد وقد يهدد التحسن الملحوظ الذي يعرفه العراقيون تدريجيا. فقد ذكر مصدر آخر في الخارجية الاميركية امس ان الولايات المتحدة تعتبر تهديد العراق بوقف ضخ النفط «تهديدا جديا وذا عواقب جدية»، مؤكدا ان لا مصلحة البتة لنظام بغداد من جراء هذه الخطوة، لأن العراق بحاجة اليوم الى الخروج من عزلته وتوسيع علاقاته التجارية مع المجتمع الدولي.

وقد بدأت، منذ اختيار بوش فريقه المكلف السياسة الخارجية، الانباء تتحدث عن انقسام بين معسكر وزارة الخارجية بقيادة الوزير كولن باول الذي يسعى لاحياء التحالف الدولي المضاد لبغداد وبين معسكر وزارة الدفاع بزعامة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي يسعى للعمل مع المعارضة العراقية بهدف الاطاحة بنظام الرئيس صدام حسين. لكن الدبلوماسي الاميركي رفض امس هذه التقسيمات مؤكدا ان السياسة الخارجية تجاه العراق يرسمها شخص واحد هو الرئيس بوش.

وقد بدأت، منذ اختيار بوش فريقه المكلف السياسة الخارجية، الانباء تتحدث عن انقسام بين معسكر وزارة الخارجية بقيادة الوزير كولن باول الذي يسعى لاحياء التحالف الدولي المضاد لبغداد وبين معسكر وزارة الدفاع بزعامة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي يسعى للعمل مع المعارضة العراقية بهدف الاطاحة بنظام الرئيس صدام حسين. لكن الدبلوماسي الاميركي رفض امس هذه التقسيمات مؤكدا ان السياسة الخارجية تجاه العراق يرسمها شخص واحد هو الرئيس بوش.