زيارة الأسد لباريس تتم على خلفية تفهّم دور سورية في لبنان ومطلبها استعادة الجولان كاملا

TT

من المقرر ان توقع سورية وفرنسا ثمانية اتفاقات تعاون بين البلدين خلال زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لباريس في الفترة بين 25 و27 يونيو (حزيران) الحالي. وتشمل الاتفاقات قطاعات النقل والكهرباء والسياحة والمعلوماتية والصناعة والثقافة والتعليم العالي وتبادل الخبرات الفنية والتدريبية.

وتتناول محادثات الرئيس السوري مع الرئيس جاك شيراك ورئيس الحكومة ليونيل جوسبان قضايا الشرق الأوسط ولبنان والعلاقات الثنائية. وقد بات مفهوما في العاصمة الفرنسية ان فرنسا ستتمنى على سورية تأييد تقرير ميتشل والمبادرة المصرية ـ الأردنية. واذا كان ذلك متعذراً، فتأمل فرنسا ان تتخذ سورية موقف «الحياد الايجابي» من التقرير والمبادرة، وذلك لدعم فرص السلام في المنطقة.

وتدعم فدرنسا حق سورية التام في استعادة الجولان ومطالبتها اسرائيل بالانسحاب الى خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967. ويبدو ان هناك تفهما فرنسيا للموقف الرسمي اللبناني ـ السوري بتأجيل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب الى ان يتم انسحاب اسرائيل التام، بما في ذلك مزارع شبعا.

وتعتبر فرنسا «الوجود السوري» في لبنان قضية ثنائية بين الحكومتين السورية واللبنانية. وليس من المنتظر اثارتها خلال الزيارة. وهي ايضا تؤيد تلازم المسار السوري ـ اللبناني في مفاوضات الشرق الأوسط، لكنها تعتبر الوضع الداخلي والأمني في لبنان من اختصاص ومسؤولية الحكومة اللبنانية.

ويعتزم السوريون تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا التي تشارك بشكل اساسي في قطاع النفط السوري على صعيد التنقيب والانتاج. وتلتزم فرنسا بالموقف الاوروبي في موضوع «الشراكة» التجارية مع سورية. لكن السوريين مترددون في توقيع اتفاق بهذا الشأن، لأن تحرير التجارة كما يطالب الاتحاد الاوروبي سيلحق اذى بالغا بالصناعة السورية ولا سيما في قطاع الغزل والنسيج.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان الرئيس شيراك قبل دعوة لزيارة سورية في نهاية العام الحالي، وربما تتم في نوفمبر (تشرين الثاني) او ديسمبر (كانون الاول) المقبلين. وهي ثاني زيارة يقوم بها رئيس فرنسي الى سورية منذ استقلالها عن فرنسا في عام 1945 بعد زيارة الرئيس ميتران في الثمانينات.

وقد اعد برنامج حافل للزيارة التي يقوم بها الرئيس بشار، وتضمن لقاء مغلقا وعشاء رسميا في قصر الإليزيه يتبادل خلاله الرئيسان القاء الكلمات. وفي اليوم الثاني للزيارة يتناول الرئيس السوري غداء عمل على مائدة جوسبان.

وسيقام حفل استقبال كبير للرئيس بشار وصحبه في مبنى بلدية باريس، وسيقوم بزيارة للجمعية الوطنية (البرلمان) يلتقي خلالها رؤساء الكتل النيابية. ويزور ايضا «معهد العالم العربي» حيث سيقدم هدية الى هذا الصرح الثقافي الذي يرمز الى الصداقة الفرنسية ـ العربية.

ويستقبل الرئيس بشار رجال الاعمال الفرنسيين، ويحضر حفل استقبال للجالية السورية في فرنسا التي ستنشر اعلانين على صفحتين في «فيغارو» و«لوموند» ترحيبا بالرئيس السوري.

ويرافق بشار وفد رسمي سوري يضم نائب الرئيس عبد الحليم خدام ووزراء الخارجية والاقتصاد والتعليم العالي وسفير سورية في باريس. وستكون السيدة اسماء الاخرس الى جانب زوجها الرئيس بشار. كما يرافق الوفد عدد من كبار رجال الاعمال السوريين، ووفد امني يضم 22 ضابطا سوريا، وعدد من موظفي الخارجية والصحافيين والتلفزيونيين ومراسلي وكالات الأنباء في دمشق.

ويعقد الرئيس السوري خلال الزيارة مؤتمراً صحافياً في قصر الضيافة الجمهوري، وتجري صحيفة «فيغارو» لقاء مسبقا معه في دمشق. كما سيظهر في مقابلة على شاشة القناة الفرنسية الثالثة، وستنشر مجلة «باري ماتش» ريبورتاجا عائليا مصورا عنه وعن السيدة السورية الأولى. وتصدر مجلة «دوكيمان» الشهرية عددا خاصا عن هذا البلد العربي.

ويبدو واضحا من برنامج الزيارة الحافل مدى اهتمام الرئيس شيراك في المنطقة العربية. وكان الرئيس بشار قد زار باريس قبيل وفاة والده الرئيس حافظ الأسد، وتشهد العلاقات الثنائية تطورا كبيرا. وتعتبر سورية فرنسا الصديق الاوروبي الأول، وتقدر لشيراك تفهمه للقضايا العربية واهتمامه المتواصل بأوضاع المنطقة.

ويرافق وفد رسمي فرنسي كبير الرئيس السوري خلال الزيارة، وسيخترق الموكب شارع الشانزليزيه الشهير الذي سترفرف على طوله الاعلام السورية، ليضع باقة من الزهور على قبر الجندي المجهول تحت قوس النصر. وقد سمحت السلطات الفرنسية بمظاهرتين بعيدا عن مقر الرئيس السوري، اولاها لأنصار العماد عون و«القوات اللبنانية». والثانية لليهود الذين يحتجون على تصريحات الرئيس بشار التي دمغ فيها الصهيونية بالنازية الفاشية.