عرب بريطانيا غائبون عن الانتخابات البرلمانية

مرشحة واحدة تمثل نصف مليون عربي في مجلس العموم

TT

تنتهي غدا معركة الانتخابات البريطانية، فيما العرب الذين اتخذوا من هذه البلاد وطنا لهم غائبون عنها بصورة شبه تامة. صحيح ان من الصعب التنبؤ بنسبة اقبالهم على ممارسة حقهم الديمقراطي في الاقتراع، خصوصا ان ثمة نفورا عاما من الانتخابات يدفع كثيرين الى مقاطعتها، لكن الاكيد ان نسبة تمثيل الجاليات العربية في مجلس العموم الجديد ستكون مجحفة للغاية لاسباب عديدة يأتي في مقدمتها عزوفهم عن ترشيح انفسهم في الانتخابات البرلمانية. فحتى لو حالف الحظ المرشحة ياسمين زلزلة، لكانت صوتا يتيما في المجلس المؤلف من 560 نائبا لعرب بريطانيين يربو عددهم على 450 الف نسمة. اما اليهود الذين لا يزيد عددهم عن العرب بكثير، فكان يمثلهم في البرلمان الماضي 25 نائبا وربما ارتفع عدد نوابهم بنتائج الانتخابات الحالية! والادهى ان زلزلة (45 عاما) العراقية الاصل ليست معنية بالدفاع عن قضاياهم قبل كل شيء آخر. فالسياسية العزباء اكدت لـ«الشرق الاوسط» انها لا تتعرض في برنامجها الانتخابي للقضايا العربية «لان احدا من سكان الدائرة (التي تضم فلسطينيين وعرباً) لم يلفت نظري الى هموم عربية». ويبدو ان الناشطة التي جاءت الى بريطانيا قبل 22 عاما لتحضير الدكتوراه في الاقتصاد في جامعة سالفورد في مانشستر، حيث استقرت بعد حصولها على الشهادة وبدأت تعمل مستشارة في التنمية التجارية، اندمجت في المجتمع البريطاني تماما. فلدى استيضاحها عن مدى متانة علاقتها بالعالم العربي اشارت الى انها لم تسافر حتى الى العراق «منذ زمن طويل». وذكرت انها انضمت قبل 17 عاما الى حزب «الديمقراطيين الاحرار» الذي رشحها للمرة الثانية عن دائرة «مانشستر ويزنجتور». واضافت: «لقد خضت سابقا حملات تتصل بمنطقتي وبمصالح اهلها حتى صرت اتمتع بالشعبية واضحى كثيرون هنا يعرفونني بالاسم». وزادت: «انا عازمة على الدفاع عن حقوق ابناء دائرتي بالرعاية الصحية والتعليم والامن.. بغض النظر عن اصولهم»، الا انها ابدت استعدادها «لتسليط الضوء على القضايا العربية في مجلس العموم» اذا فازت بالمقعد البرلماني. وفوزها ليس اكيدا البتة لان منافسها مرشح حزب العمال كيث برادلي فاز بالمقعد في الدورة الماضية عام 1997 بأغلبية ضخمة بلغت 18571 صوتا وكان مجموع الاصوات التي نالها 27000 صوت مقابل 6000 صوت لزلزلة.

وفي رد على سؤال عن الدرس الذي يمكن استخلاصه من كونها المرشحة العربية الوحيدة، اوضحت: «يجب ان يغير العرب عادتهم بالامتناع عن المساهمة في الحياة السياسية البريطانية»، وشددت على ان الذنب ليس ذنب الاحزاب «فأفراد المنظمات الحزبية المحلية هم الذين يختارون مرشحيهم من خلال اقتراع حر، كما حصل معي حين فزت على عدد من المنافسين بترشيح الدائرة، لكن ماذا تفعل الاحزاب اذا لم يتقدم العرب لترشيح انفسهم»؟ وحول ما اذا كانت تواجه حملة مضادة يشنها الناخبون اليهود في دائرتها، خصوصا ان مانشستر تعتبر من مناطق تمركزهم الاساسية في بريطانيا، قالت المرشحة العراقية الاصل: «لدي اصدقاء كثيرون في الاوساط اليهودية». ونفت ان يكون هؤلاء «الاصدقاء» قد اعربوا عن قلقهم من ان تتخذ مواقف معادية لهم، مؤكدة انها تؤيد «حلا عادلا للقضية الفلسطينية يرضي الطرفين (...) ولست منحازة الى جانب ضد الآخر بل اؤمن بضرورة فض النزاع سلميا (...) وانا ضد بيع الاسلحة».

اما جميل الخليل (34 عاما)، خبير البرامج الكومبيوترية ذو الاصل اللبناني، فقد فكر بترشيح نفسه لعضوية مجلس العموم كمستقل بقصد «الدفاع بصورة رئيسية عن القضايا العربية، علما انني سأعمل ما بوسعي لتحقيق مصالح السكان المحليين من آسيويين وغيرهم» حسبما قال لـ«الشرق الاوسط». وهو اجرى «اتصالات مع جهات مختلفة عربية وآسيوية وبريطانية» في محاولة للتأكد من امكان نجاحه. ومع انه تلقى «دعما لا بأس به من هؤلاء» فقد قرر العدول عشية اغلاق باب الترشيح لانه ادرك صعوبة بلوغ الهدف من دون «شبكة دعم منظمة وحملة اعلامية فعالة». والشاب الذي استقر في هذه البلاد منذ نحو عشر سنوات، عمد الى الاستقالة من عمله ليعكف على اعداد نفسه منذ الآن لخوض الانتخابات البرلمانية او البلدية القادمة. واهاب بالعرب البريطانيين ان يبدوا حماسة اشد لخوض التجربة السياسية.

الا ان المهندس العراقي الاصل حميد عبد الذي رشح نفسه عام 1997 باسم حزب «ريفريندوم» (الاستفتاء) ونال قرابة 800 صوت فيبدو اقل حماسة لدخول المنافسة من جديد. وقال لـ«الشرق الأوسط»: ان «مرة واحدة تكفي، ولا ارغب بخوض التجربة السياسية مرة اخرى». لكنه لا يزال وفيا لمبادئه السياسية. فبعدما تم حل حزبه السابق المعروف بمعارضته لانضمام بريطانيا الى العملة الاوروبية، ها هو يؤكد عزمه على «التصويت لحزب المحافظين» المعروف بمعارضته لليورو ولمزيد من توثيق علاقات بريطانيا بالاتحاد الاوروبي.

ورد كريس دويل، المسؤول عن المكتب الاعلامي في «مجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني» (كابو)، عزوف العرب البريطانيين عن ترشيح انفسهم الى «خيبة املهم بالاحزاب السياسية في هذه البلاد (...) وثمة احساس بانهم غير مهيأين بما فيه الكفاية للمشاركة في العملية السياسية بصورة مؤثرة». واضاف في اتصال مع «الشرق الاوسط»: «الوصول الى مجلس العموم عملية تستغرق وقتا طويلا، وكي يكون للعربي حظ بالنجاح فيها لا بد له من الانضمام الى حزب ما، والعمل من خلاله حتى يبرز، الامر الذي يؤهله للترشيح ونيل الدعم الضروري (...) لذا الارجح ان العرب سيغيبون عن مجلس العموم لسنوات عدة». وفيما لفت الى ان مرشحين عرباً حاولوا دخول البرلمان وكانت تجاربهم فردية لم تحط بدعم ابناء الجاليات العربية، دعا الى «ضرورة تكاتف العرب واقبالهم على المشاركة والا سيواصلون اللجوء الى اشخاص لا ينتمون الى ثقافتهم او دينهم لاسماع صوتهم في مجلس العموم».