شاهد عيان يروي تفاصيل «مذبحة القصر» وملك نيبال الجديد يعد بكشف ملابساتها

TT

واشنطن ـ وكالات الأنباء: نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية امس عن احد اقارب شاهد عيان لمذبحة القصر الملكي في نيبال قوله ان ولي العهد الامير دايبندرا بير بيكرام كان وسط عائلته في تجمع للعائلة المالكة بالقصر الملكي بنيبال قبل ان يفتح النيران مستخدما مدفع رشاش من طراز عوزي وبندقية آلية من طراز م 16.

ورفعت نيبال حظر تجول على العاصمة كاتماندو امس في الوقت الذي قام فيه الجنود بدوريات في الشوراع لكبح اي تكرار لاعمال الشغب التي تلت مذبحة القصر الملكي يوم الجمعة الماضي.

ولم تقدم نيبال تفسيرا بعد للمذبحة التي راح ضحيتها الملك بيرندرا والملكة ايشواريا وثمانية من افراد العائلة المالكة مما اثار الاستياء بين المواطنين. ووفقا لرواية نشرتها «واشنطن بوست» تسلل ولي العهد البالغ من العمر 29 عاما خارج الغرفة حوالي الساعة التاسعة مساء ليظهر ثانية بعد فترة قصيرة مرتديا زيه العسكري وكان مسلحا.

وقال احد اقارب شاهد عيان ان ولي العهد دخل الى غرفة مجاورة حيث كان والده الملك جالسا واطلق عليه الرصاص مستخدما أسلحته الآلية. واضاف انه تمكن من خلال الباب المفتوح من «رؤية وجه الملك تعلوه الدهشة».

وقالت الصحيفة ان قريب الشاهد وهو من افراد العائلة المالكة تحدث معها ومع جريدة «التايمز» اللندنية مساء الثلاثاء الماضي بشرط عدم نشر اسمه. وروايته هي اول وصف تفصيلي لكيفية قتل دايبندرا لوالده البالغ من العمر 55 عاما وثمانية اخرين من افراد العائلة المالكة، كما اصاب ثلاثة اخرين قبل ان يطلق الرصاص على نفسه في الرأس. وتوفي دايبندرا يوم الاثنين الماضي وحرق جثمانه في نفس الليلة.

والقى مسؤولون حكوميون باللوم في بادئ الامر على ولي العهد الا انهم صرحوا فيما بعد بان المذبحة وقعت بطريق الخطأ اثر انفجار سلاح آلي. ونقلت الصحيفة عن قريب الشاهد قوله انه بعد ان قتل والده اخذ دايبندرا يطلق الرصاص من مدفعه الرشاش والبندقية الآلية وسط غرف الجلوس لمدة ربع ساعة.

واضافت ان الجميع اصيبوا بذهول افقدهم الحركة وظلوا واقفين او جالسين في اماكنهم في الوقت الذي تناثرت فيه الاعيرة النارية وسقط الضحايا على الارض. ومضى القريب يقول انه في مرحلة ما فقد دايبندرا السيطرة على سلاح من الاسلحة وبدأ يطلق النيران لأعلى حيث وقعت قطع من السقف على البساط.

واضاف: «لم يتحدث طوال المذبحة ولم يحمل وجهه اي تعبيرات.. لقد كان يطلق النيران دون تمييز، وان والدته الملكة ايشواريا وشقيقه الاصغر الامير نيراجان تبعاه الى الحديقة حيث اطلق عليهما النيران». وقال ايضا: «عندما دخل دايبندرا الى القصر ثانية اقترب منه عمه دهيندرا وقال له اترك السلاح ويكفي ما سببته من اضرار، فاطلق عليه الرصاص».

ومضى يقول ان اثنتين من العائلة المالكة، هما عمته وابنة عمه هرعتا لمساعدة الملك بيرندرا المصاب، وهنا اطلق عليهما الرصاص. وتوفي دهيندرا متأثرا بجراحه اما العمة وابنة العم فتخضعان للعلاج في المستشفى العسكري بالمدينة.

وذكر مسؤولون ومصادر اخرى ان دايبندرا كان مهتاجا لان والدته رفضت السماح له بالزواج من صديقته ديفياني رانا، وهي ابنة سياسي نيبالي بارز وحفيدة مهراجا هندي. ولكن قريب شاهد العيان قال انه لم يكن هناك اي نقاش عن خطط زواج او عن حياة ولي العهد العاطفية اثناء التجمع العائلي مساء يوم الجمعة الماضي، كما لم يسمع اي شجار بين دايبندرا ووالديه مساء هذا اليوم ولم تكن هناك اي اشارات قبل اطلاق النيران على ان هناك شيئا خطأ.

وقال القريب: «قد لا نعرف ابدا السبب وراء المذبحة ولكن هذا هو ما حدث.. كانت ليلة جمعة عادية ولكن الامور لم تسر كما تشتهي السفن.. الحقائق غير واضحة.. كل ما يمكن فعله هو سؤال الناجين.. العائلة تعلم الحقيقة واذا كانت هناك محاولات. ونقلت صحيفة نيبالية اسبوعية امس عن شقيق الملكة ايشواريا قوله ان ولي العهد الراحل الامير دايبندرا بير بيكرام قتل والديه وافرادا اخرين من العائلة المالكة في خلاف حول اختياره لعروسه. وقالت صحيفة «عقيدة الشعب» ان سراج شومشر خال ولي العهد لم يحضر حفل العشاء يوم الجمعة الا انها نقلت عنه في مقابلة ان اقاربه ابلغوه بان دايبندرا هو المسؤول عن المذبحة. ويرفض كثير من سكان نيبال تصديق ان دايبندرا قتل والديه.

وفيما فرض الجنود حظر التجول في نيبال وعد العاهل النيبالي الجديد باجراء تحقيق تحت اشراف رئيس القضاء لتوضيح الحقيقة وراء المجزرة التي راح ضحيتها عشرة من افراد العائلة المالكة. وقال الملك الجديد جيانيندرا (53عاما) في خطاب بثه التلفزيون بعد ساعات من توليه العرش: ان التحقيق في قتل الملك بيرندرا والملكة وسبعة من افراد العائلة سيكتمل خلال ثلاثة ايام ويشارك فيها الى جانب رئيس القضاء زعيم «الحزب الماركسي اللينيني المتحد» المعارض ورئيس مجلس النواب النيبالي.

وقال الملك الجديد ان الحقائق ستوضع امام الجميع عند فراغ لجنة التحقيق من عملها. الجدير بالذكر ان كومال شاه، زوجة الملك الجديد، من بين الجرحى ولا تزال في المستشفى حتى يوم امس. وكان جيانيندرا حتى يوم الاحد، عندما كان وصيا على العرش، قد ذكر ان القتل حدث نتيجة اطلاق للنار غير مقصود من بندقية اوتوماتيكية، لكنه تراجع عن هذا التفسير، الذي لم تصدقه الغالبية، بمجرد ان اصبح ملكا للبلاد.

وقال الملك الجديد ان ثمة تعقيدات قانونية ودستورية حالت دون اجراء تحقيق كامل، لكنه كملك للبلاد يضمن اجراء تحقيق كامل الآن. غير ان هذا التأكيد لم يكن كافيا لتهدئة آلاف المحتجين الذي حاولوا تسيير مظاهرة الى القصر الملكي، ورشقوا شرطة مكافحة الشغب بالحجارة.

وكان المتظاهرون، الذين حلقوا رؤوسهم بطريقة محلية تقليدية يجري بها التعبير عادة عن الحزن على الميت، قد حملوا اعلام نيبال وهم يهتفون رافضين الملك الجديد.

يذكر ان الملك الجديد جيانندرا كان يرأس قبل تعيينه صندوقا وطنيا يعنى بالمحافظة على الحياة البرية. ومعروف عنه كذلك انه اداري متشدد، وأكثر اهتماما بحماية البيئة والظهور في المناسبات الملكية. ويجهل الكثير من النيباليين الملك الجديد، بينما كانوا يبجلون الملك الراحل. ويعني تولي جيانيندرا العرش ان وريثه سيكون ابنه الوحيد الأمير باراس الذي يقول النيباليون انه شخص غير محبوب.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»