«حماس»: غوشة مستعد للتخلي عن منصبه كناطق رسمي باسم الحركة مقابل العودة للأردن

ممثل «حماس» بطهران: قرار غوشة شخصي اقتنعت به الحركة فأيدته وغادر قطر بتذكرة ذهاب فقط ومن دون تأشيرة عودة

TT

الدوحة: صالح الأشقر عمان: «الشرق الأوسط» تطورت قضية عودة المهندس ابراهيم غوشة الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) المفاجئة الى عمان من الدوحة على متن طائرة قطرية اول من امس، ورفض الاردن السماح له بدخول اراضيه ورفض قائد الطائرة القطرية اعادته الى طائرته، الى ازمة اردنية ـ قطرية يحمل كل طرف الطرف الآخر مسؤوليتها.

واما «حماس» فتقول ان المهندس غوشة وهو عضو المكتب السياسي للحركة ايضا، هو الذي اتخذ شخصيا قرار العودة، وان قيادة الحركة اقتنعت بمبرراته ووافقت عليها ولا علاقة للحكومة القطرية بها وما كان بامكانها ان تمنعه من السفر خاصة انه حجز تذكرة سفر بامواله الخاصة.

وقال ابو محمد مصطفى ممثل الحركة في طهران لـ«الشرق الأوسط»: «ان الاخ المهندس ابراهيم غوشة اتخذ قراره هذا مدعوما بموقف الحركة. وقد اتخذ قراره بكامل ارادته وهو مستعد للتخلي عن منصبه كناطق باسم الحركة وكذلك عن عضوية مكتبها السياسي».

واضاف ابو محمد «ان قرار غوشة التخلي عن منصبيه في الحركة يتمشى مع قرار الاردن عند تسفيرهما الذي ترك الباب مفتوحا امام عودتهما كمواطنين اردنيين لا يتبوآن مناصب قيادية في حركة «حماس» تماما كما هو الوضع بالنسبة للاخ محمد نزال ممثل الحركة السابق في عمان وعضو مكتبها السياسي الذي تخلى عن مناصبه في الحركة عندما نشبت الأزمة في سبتمبر (ايلول) 1999، وهو يمارس حياته بشكل طبيعي وعادي في الاردن».

وتابع ابو محمد القول «ان غوشة الذي يعاني من اوضاع صحية غير جيدة وبلغ من العمر 67 سنة، قابل بهذا الوضع». وقال «الاردنيون يقولون ان بامكان المرحلين ان يعودوا ان ارادوا كمواطنين اردنيين لا علاقة لهم بـ«حماس». وغوشة عاد على هذا الاساس، فلماذا اذن تمنع الحكومة الاردنية احد مواطنيها من العودة وهو لديه الاستعداد لان يمارس حياة عادية وفق ما يمليه عليه القانون الاردني، بين اولاده واحفاده؟».

يذكر ان الاردن رحل في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1999 الى قطر وبالاتفاق مع الحكومة القطرية التي ارسلت طائرة خاصة على متنها وزير الدولة للشؤون الخارجية، غوشة وثلاثة آخرين من قادة الحركة هم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي وعضوان آخران في المكتب السياسي هما عزت الرشق وسامي خاطر.

وجاء قرار التسفير وتنفيذه بعد شهرين من اعتقال الاردن للقادة الاربعة بعد عودتهم الى عمان من زيارة ايران، عقب قرار الحكومة باغلاق مكاتب الحركة في الاردن بتهمة اخلال الحركة بالاتفاق غير المكتوب بينها وبين الحكومات الاردنية المتعاقبة، الذي سمح لها بموجبه القيام بنشاطاتها في الاردن. وهو اتهام رفضه قادة «حماس» واعتبروه تبريرا لقرار سياسي جاء قبل ايام من جولة وزيرة الخارجية الاميركية في حينها مادلين اولبرايت للمنطقة بهدف رعاية اتفاق فلسطيني ـ اسرائيلي في شرم الشيخ. ووصف مشعل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في حينها الاجراء الاردني بانه «ترحيل قسري». وقالت الحكومة الاردنية آنذاك ان ما حدث لقياديي «حماس» الاربعة «تسفيرا» وليس «ابعادا».

وتعقيبا على ذلك يقول ابو محمد «الآن المهندس غوشة تخلى عن مناصبه هذه وعاد بكونه مواطنا اردنيا عاديا. وبذلك ووفق تصريحات وتأكيدات المسـؤولين الاردنيين من حقه العودة الى الاردن. وبرفضهم السماح لهم بالعودة، انما يخلقون ازمة جديدة».

وقال ابو محمد ان «المهندس غوشة اشترى تذكرة سفر ذهاب بدون اياب كما لم يحصل على تأشيرة عودة الى قطر. وهو بذلك يعكس تصميمه على العودة الى الاردن ورفضه البقاء في قطر الى الابد بعيدا عن اسرته». واعتبر ان من حق قطر رفض استقبال غوشة، مؤكدا ان حركة «حماس» تطالب الحكومة القطرية رسميا بالاصرار على رفض استقباله. واضاف «ان الحكومة القطرية ساعدت الاردن على تخليصه من المشكلة في حينها على اساس ايجاد حل يرضي جميع الاطراف لكن وبعد مرور 19 شهرا تقريبا، يرفض الاردن كل الحلول».

ونفى ابو محمد وجود اي تنسيق مسبق بين حركة «حماس» او غوشة مع الحكومة القطرية، مؤكدا ان لا علاقة لقطر بالقضية. وقال «ان قائد الطائرة يرفض اعادة غوشة الموجود منذ صباح امس في قاعة الترانزيت في مطار الملكة علياء الدولي بعمان، الى طائرته لانه ليس لديه تذكرة عودة ولا تأشيرة عودة».

ورفضت السلطات الاردنية السماح لزوجة غوشة ومحاميه صالح العرموطي برؤيته والحديث معه، حيث تصر الحكومة الاردنية على ضرورة عودة غوشة الى الدوحة من حيث أتى، وهو ما دعا الحكومة الاردنية بعدم السماح أيضا بمغادرة الطائرة القطرية التي أقلت غوشة شريطة أن يكون هذا الأخير على متنها.

وقالت زوجة غوشة أم عمر، إن السلطات الاردنية لم تسمح لها برؤية زوجها في المطار، كما إنها لم تتمكن من الاتصال به ولا تستطيع التكهن بما ستؤول اليه الامور.

وقال نقيب المحامين الاردنيين رئيس هيئة الدفاع عن قادة «حماس» صالح العرموطي إنه اتصل بوزير الداخلية أكثر من مرة بغية الحصول على تصريح للقاء غوشه، لكنه لم يتمكن من ذلك، مؤكدا أن «منع غوشة من دخول الاردن يعتبر مخالفة دستورية».

من جهة أخرى، أوضح مدير عام سلطة الطيران المدني الاردني الكابتن جهاد أرشيد أنه «تمت استضافة قائد الطائرة وطاقمها في فندق عالية في مطار الملكة علياء الدولي، فيما أمضى المهندس غوشة ليلته في قاعة الترانزيت في المطار، وبقيت الطائرة على البوابة التي توقفت عندها الخميس الماضي، في حين غادر 90 من ركابها المطار على متن طائرة أردنية تابعة للخطوط الملكية الاردنية في رحلة الى أبو ظبي ـ الدوحة، أما باقي الركاب وعددهم 40 فقد ألغوا رحلتهم الى الدوحة».

وأشار أرشيد الى أن مدير شركة الخطوط الجوية القطرية احتج في اتصال معه على المعاملة السيئة التي تلقاها طاقم الطائرة في الاردن، لكن الكابتن أرشيد نفى ذلك موضحا أن «الطاقم تلقى معاملة حسنة، وأن الطائرة وطاقمها في الحفظ والصون».

وأوضح أن «على قائد الطائرة الامتثال للقوانين الدولية التي تنص على إعادة الراكب غير المسموح بدخوله الى أية دولة على نفس الطائرة»، مشيرا الى أن «تصرف قائد الطائرة غريب ومستهجن». وقال إن «الحكومة الاردنية قد تمنع قائد الطائرة من الطيران الى الاردن مرة أخرى، ويمكن أن تعمم رخصته على الجهات الدولية المختصة لانه خالف القوانين الدولية».

في غضون ذلك أصرت الحكومة الاردنية على موقفها بـ«منع المهندس غوشة من مغادرة المطار».

وقال وزير الاعلام الدكتور طالب الرفاعي إن «الموقف الاردني بهذا الخصوص يتلخص بأن الطائرة القطرية التي أقلت غوشة لن تغادر المطار الا وهذا الأخير على متنها».

وأوضح الرفاعي في تصريحات صحافية، أن «قدوم غوشة الى الاردن يبدو وكأنه أمر مدبر من قبل الحكومة القطرية بغية فرض الامر الواقع على الاردن، وإعادة قادة حماس»، موضحا أن «الاردن يرفض مثل هذا الاجراء».

وأكدت مصادر أردنية أنه «لن يسمح للمهندس غوشة بدخول الاردن مهما طال انتظاره في المطار»، كما نفت «إجراء وساطات مع الحكومة الاردنية لادخاله»، موضحة أن «الحكومة تصر على عودته على نفس الطائرة الى الدوحة».

وفي الدوحة نفى مصدر في وزارة الخارجية القطرية الليلة قبل الماضية ما اورده تصريح مصدر حكومي اردني مسؤول بأن الطيار ابلغ سلطات مطار الملكة علياء بان لديه تعليمات مشددة من حكومة دولة قطر بعدم اعادة غوشة الى الدوحة.

وقال المصدر ان قائد الطائرة رفض اجبار غوشة الذي يحمل جواز السفر الاردني، على الصعود للطائرة رغما عن ارادته.

واوضح المصدر القطري «ان قطر تحرص على علاقاتها المتميزة مع المملكة الاردنية الهاشمية، وان مثل هذه البيانات والتصريحات لا تحقق الاهداف المنشودة ولا تؤدي الى الغرض المطلوب».

واستغرب المصدر ما جاء في تصريح المصدر الحكومي الاردني المسؤول، وقال انه، ايضاحا للحقيقة، فان دولة قطر تقديرا للعلاقات المتميزة بين البلدين قبلت استضافة قادة حركة «حماس» ومن ضمنهم المهندس غوشة على اراضيها ولفترة مؤقتة لظروف اردنية وحسب اتفاق مع الحكومة الاردنية لتسوية الموضوع.

وقال انه «بعد فترة من وصول قادة حركة حماس اجرت دولة قطر عددا من الاتصالات مع الحكومة الاردنية وعلى اعلى المستويات لحل هذا الموضوع.. وتم التأكيد للاشقاء في الاردن ان قادة حركة «حماس» ضيوف على دولة قطر، وليس هناك ما يمنع من مغادرتهم اراضيها والعودة اليها متى شاءوا وانه من الممكن ان يحدث مثلما حدث يوم اول من امس سواء كان وصولهم من دولة قطر او من خارجها.. وكان آخر هذه الاتصالات قد تم مع الامين العام لوزارة الخارجية الاردنية الذي شارك في الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول الاسلامية في شهر مايو (ايار) الماضي ووعدت الحكومة الاردنية بتسوية الموضوع الا ان دولة قطر لم تتلق ردا حتى الآن.

واعرب المصدر القطري عن اسفه «لعدم قيام السلطات الاردنية بالتنسيق مع السلطات القطرية وبدلا من ذلك قامت بحجز الطائرة ومنعها من المغادرة الا بعد اعادة غوشة الى متنها رغما عن ارادته مما يخالف ذلك احكام وقوانين الطيران المدني الدولية».

وقالت مصادر قطرية لـ«الشرق الأوسط» ان الهدف من قبول السلطات القطرية استضافة قادة «حماس»، «كان تجنيب الاردن ازمة سياسية حادة جراء سجنهم الذي كان سيؤدي الى معارضة شديدة من قبل القوى الاسلامية في الاردن في حينه».