قائد الشرطة الإسرائيلية ينصح المواطنين بأن يعتادوا التعايش مع العمليات الانتحارية

جهود إسرائيلية ـ فلسطينية رسمية لتثبيت وقف إطلاق النار

TT

في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الرسمية الاسرائيلية والفلسطينية لتثبيت وقف اطلاق النار بينهما واصل المسؤولون الاسرائيليون التشكيك في النوايا الفلسطينية، بينما واصل المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين. وحاولوا منع قوات جيش الاحتلال من الانسحاب من مواقعها المتقدمة، تنفيذا لاتفاق وقف النار، حسب خطة مدير المخابرات المركزي الاميركي «سي اي ايه» جورج تينيت.

وكانت المناطق الفلسطينية قد شهدت نهار امس ومساء اول من امس عدة لقاءات تنسيق ميدانية بين مسؤولي الامن الاسرائيليين والفلسطينيين في مختلف المناطق، لترتيب عمليات الانسحاب الاسرائيلي وتخفيف الحصار وفتح المعابر تمهيدا لعودة العمال الفلسطينيين الى اعمالهم في المناطق الحدودية (لا يسمح بعد لعودة العمال الفلسطينيين الى اماكن عملهم في اسرائيل، ويتوقع ان يتم ذلك غدا). وفي عدة اماكن اتفق على ان لا ترد القوات الاسرائيلية على اطلاق الرصاص الفلسطيني، حتى تتمكن قوات الامن الفلسطينية من معالجة الموضوع.

وافاد مصدر اسرائيلي عسكري بان هناك التزاما فلسطينيا واضحا بوقف النار «ولكن ما زالت بعض العناصر المعارضة تتمرد على القرار وتسعى لتنفيذ عمليات». لكن هذا المصدر اكد ان الموقف الاسرائيلي الرسمي من ان الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات «اتخذ قراره بوقف النار كخطوة تكتيكية لا اكثر. لأنه شعر بأن الغرب سيعاقبه اذا استمرت المواجهات. لكنه، في اللحظة التي يهدأ فيها الضغط العالمي عليه، سيعود الى استخدام العنف».

ومع ذلك، فقد اشار الاسرائيليون الى ان الجهد للالتزام بالاتفاق بارز للعيان. وقد بدأت فعلا عملية جمع الاسلحة غير المرخصة. واختفى المسلحون الفلسطينيون من حركة «فتح» وقوى المعارضة من الشوارع، خوفا من مصادرة اسلحتهم. وفي عدد من المناطق توقف اطلاق النار تماما.

ونقل على لسان مصدر فلسطيني رفيع ان حركة المقاومة الاسلامية «حماس»، قررت هي الاخرى الالتزام بوقف النار. وقالت مصادر استخبارية في اسرائيل ان «حماس» مقتنعة بان عرفات اتخذ قرارا تكتيكيا فقط. وانه خلال الانتفاضة احدث انعطافا واضحا في موقفه من «حماس» ومن بقية الفصائل المعارضة، ووقف على رأس النضال الانتفاضي.

لهذا قررت منحه فرصة لاثبات سلطته، على امل ان يشعل لها الضوء الاخضر لاستئناف العمليات ضد اسرائيل في الوقت المناسب.

وفي الاجتماع الامني الاعلى المشترك بين قادة الاجهزة الامنية من الطرفين، الاسرائيلية والفلسطينية، مساء امس، باشتراك مسؤول المخابرات الاميركية في السفارة في تل ابيب، اكد الاسرائيليون ان فترة التجربة الاولى لتطبيق خطة تينيت لمدة 48 ساعة اظهرت ان هناك محاولات لوقف النار، لكن الاتفاق يخرق في عشرات المواقع. وهددوا بالتوقف عن «سياسة ضبط النفس» المنتهجة حاليا، والرد بقسوة على العمليات اذا استمرت.

وقدم الاسرائيليون لائحة الاجراءات الاسرائيلية لاثبات النوايا الطيبة، حسب تعبيرهم، مثل تخفيف الحصار وفتح المعابر واعادة فتح الطرق الرئيسية بين طولكرم، وعنبتا وبيت ساحور، وابو ديس ونابلس وجنين، وشارع الشهداء في الخليل وغيرها.

واشتكوا من ان السلطة الوطنية لم تعتقل احدا من قادة المنظمات المؤيدة للعمليات الانتحارية ضد اسرائيل وتقوم بعملية جمع الاسلحة ببطء شديد وبلا نجاعة. لكنهم اشادوا بالجهود لوقف التحريض ضد اسرائيل في وسائل الاعلام.

اما الفلسطينيون، فاشتكوا من استمرار الحصار. وقالوا ان ما تعتبره اسرائيل خطوات اثبات نوايا طيبة هو اجراءات رمزية لم تشعر المواطنين الفلسطينيين بأن شيئا قد تغير. وتحدث الفلسطينيون عن عمليات ارهاب يهودية يقوم بها المستوطنون وتؤدي الى قتل فلسطينيين مدنيين والعديد من الاعتداءات واعمال التخريب. واكدوا ان ضباط المخابرات العامة في اسرائيل يعدون لسلسلة عمليات اغتيال جديدة، في اول مناسبة تسنح لهم. وقالوا ان اسرائيل لم تطلق سراح المعتقلين بعد.

من جهة ثانية اعلن مدير عام الشرطة الاسرائيلية شلومو اهرونيشكي، ان جهازه يعمل من خلال قناعة بأن هناك انتحاريين يتجولون داخل اسرائيل، ودعا المواطنين الى التعايش مع هذه الحقيقة وخلق آلية داخلية لمواجهتها، بواسطة الحذر من جهة وممارسة الحياة الطبيعية من جهة اخرى. وقال انه منح مفتشي البلديات صلاحيات رجال الشرطة بحيث يستطيع اي منهم اعتقال اي مشبوه.

ويواصل المستوطنون حملتهم ضد وقف النار، اذ يرون فيه مقدمة لتجميد النشاطات الاستيطانية. وحاولوا امس واول من امس منع قوات الاحتلال الاسرائيلي من الانسحاب من مواقعها المتقدمة في الاراضي الفلسطينية واحتلال هذه المواقع بعد الانسحاب. وقال رئيس مستوطنات غزة، اهرون تسور، ان حكومة شارون تهمل حياة المستوطنين وتتركهم هدرا للعدوان الفلسطيني وقال: «نحن مثابرون في موقفنا الرسمي. كلما يقع عرفات على الارض، نقوم بانقاذه، ليستعد مرة اخرى للمعركة القادمة، ونحن نواصل هذا النهج، ونضيع الفرصة تلو الاخرى للتخلص منه ومن ارهابه».