قرنق لــ«الشرق الأوسط»: وافقت على لقاء البشير في نيروبي ولكن البشير رفض مقابلتي

والفشل في إقامة السودان الجديد يزيد من التوجهات الانفصالية

TT

نفى الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ان تكون الحركة الشعبية تريد فصل جنوب السودان، وقال «ان الحركة تعمل لبناء سودان على اسس جديدة موحدا شمالا وجنوباً». وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» ان الحركة لم تتلق حتى الآن أي دعم اميركي وكل ما يعلمه عن الأمر هو حديث من وزير الخارجية الاميركي عن هذا الدعم، وقال انه والرئيس عمر البشير لم يتصافحا في نيروبي لان البشير رفض مقابلته، «بحجة انني رفضت مقابلته مرات سابقة وهذا لم يحدث».

واضاف قرنق «للاسف ان الانطباع السائد حاليا ان مبادرة الايقاد موجهة للجنوب والمصرية ـ الليبية المشتركة موجهة للشمال، ولذلك طلبنا توحيد المبادرتين حتى نضمن حلا شاملا للمشكلة السودانية». وفي ما يلي نص الحوار:

* اعلنت الحكومة السودانية ان الهدف من العمليات الاخيرة التي قامت بها حركتكم في بحر الغزال هو فصل جنوب السودان واعلان دولة مستقلة، ما ردكم؟

ـ هذا ليس حقيقياً، وهذه الدعاية التي يطلقها النظام مكشوفة ولا تمت للحقيقة بأي صلة، واذا كانت الحركة تريد فصل الجنوب فلماذا تأخرت كل هذا الوقت لتعلن الآن من منطقة بحر الغزال، واذا فكرنا في فصل الجنوب كان ذلك يمكن ان يكون عام 85 و91 عندما حدثت انشقاقات داخل الحركة بسبب عناصر انفصالية تطالب بالانفصال، لكن نحن نفكر في وحدة السودان على اسس جديدة وكل ما تردده الحكومة مجرد دعاية عندما تضيق بهم الحال في الداخل، ثم لماذا نعلن فصل الجنوب من منطقة بحر الغزال وما هي خصوصية بحر الغزال وما هي اهميتها بالنسبة لمنطقة الاستوائية أو النيل الازرق أو غرب السودان أو الشرق، فنحن لنا وجود في كل هذه المناطق ولكن من الواضح ان النظام يسعى من خلال هذه الدعاية لتخويف وترويع المواطنين بحجج واهية.

* ما هي اهم النقاط التي أدت الى فشل اجتماعات الايقاد الاخيرة في نيروبي؟ ولماذا لم تصافح البشير؟

ـ من قال ان قمة الايقاد فشلت. وفي الحقيقة كان الفشل في أن البشير رفض ان يقابلني وعلل موقفه بأنني رفضت عدة مرات مقابلته. وفي الحقيقة انني لم ارفض مقابلة البشير كما زعم هو ذلك، واذكر انه عام 1993 حاول عقد لقاء معي بدون ان يتم التشاور مسبقا، وكان البشير قد اتصل بالرئيس الكيني آراب موي واتفق معه على هذا اللقاء، وكل هذا بدون التشاور معي وبدون تحضير وهذا نفس الشيء حدث مع مانديلا. وعندما سئلت مؤخرا اذا كنت ارغب في لقاء البشير خلال اجتماع قمة الايقاد فقلت نعم، ولكنه قال لا ورفض هو اللقاء، اذن البشير هو الذي رفض مقابلتي وانا لم ارفض ولذلك لم نتصافح.

* ما حكاية الدعم الاميركي الذي يقال ان الحركة الشعبية تلقته وأثار جدلا واسعا حول تدخل اميركا في الشأن السوداني؟

ـ اليوم يوافق العشرين من يونيو (حزيران) عام 2001 والساعة الآن الواحدة والنصف صباحا حتى هذه اللحظة التي نحن فيها لم نتلق أي دعم، ولكن هناك حديثا من وزير الخارجية الاميركي في نيروبي مؤخرا قال فيه ان هناك دعما للحركة سيرسل. وهناك حديث عن 3 ملايين دولار وعشرة ملايين دولار والحركة حتى الآن لا تعلم اكثر مما اعلنه الوزير الاميركي. والنظام في الخرطوم ملأ الدنيا ضجيجا حول الموضوع بينما عمر البشير يصرف ثلاثة ملايين دولار في اليوم الواحد على الحرب على حساب الشعب السوداني. وبعملية حسابية 3 ملايين في 365 يوما كم يصرف النظام في الحرب؟

* وزير الخارجية السوداني د. مصطفى اسماعيل قال انك قبلت المبادرة المصرية ـ الليبية تكتيكيا، وانتم غير جادين في المضي فيها؟

ـ النظام هو الجهة التي تناور وهذا معروف للجميع. ونحن اعلنا بوضوح بأنه لا بد ان نحاور الحكومة من منبر واحد وهذا موقف منطقي. ومن خلال تجربتنا مع الحكومة ظللنا في حوار معهم منذ عام 1994 وجاءت المبادرة الليبية عام 1999 ووجدتنا ما زلنا نتفاوض في الايقاد. ولذلك حتى نصل الى حل شامل لكل مشاكل السودان بالضرورة ألا تكون هناك عدة مبادرات في وقت واحد، ونادينا بتوحيد المبادرات. اذن ما هو التكتيك في ذلك. وحديث وزير الخارجية مصطفى اسماعيل هو المناورة بعينها، وما يؤكد صدق نياتنا اننا كونا لجنة من التجمع برئاسة الفريق عبد الرحمن سعيد وارسلناها الى نيروبي لبحث مسألة التنسيق أو توحيد المبادرتين حتى يكون منبر التفاوض واحدا، ولكن الحكومة ارسلت قطب المهدي الى نيروبي لتعطيل هذه المساعي وعرقلة حركة الوفد حتى لا ينجز مهمته. وهذا كشف نياتهم وعدم جديتهم وانهم بالفعل هم المناورون. وللاسف الشديد فإن الانطباع الموجود حاليا بان الايقاد مبادرة افريقية موجهة للجنوب، والمبادرة المصرية ـ الليبية مبادرة عربية موجهة للشمال، وهذا ما دعانا الى الاصرار على التوحيد للمبادرتين، لان وجود المبادرتين بهذا الشكل سيؤدي الى تجاذب السودان، وتوحيد هذه المبادرات سيساعد على توحيد السودان نفسه.

* وزير الخارجية السوداني اعلن ان الحكومة لا ترفض تقسيم البترول، واعلنتم انتم رفضكم لهذا الحديث لماذا؟

ـ اولا هذا النظام لا يملك الشرعية حتى يكون له الحق في تقسيم البترول أو الثروة بين الحركة والنظام، بل نحن نحتاج الى حل سياسي شامل وليس مشكلتنا تقسيم البترول، وكل ما نريده وقف الحرب عبر حل شامل تشارك فيه كل القوى السياسية وليس تقسيم البترول.

* الحكومة اعلنت وقف الغارات الجوية منذ يوم 25 مايو (ايار) الماضي، واتهمت الحركة الشعبية بعدم المبادرة أو الاستجابة لهذا النداء، هل هناك تعليق؟

ـ هذه قضية مهمة. فهم الآن يتحدثون عن وقف الغارات الجوية، اذن لماذا كانوا يقصفون اهدافاً مدنية اصلا، وفي البداية اقول ان اعلانهم هذا اعتراف بانهم كانوا يضربون اهدافاً مدنية بينما كانوا ينكرون ذلك، وان اعترافهم هذا يؤكد انهم ارتكبوا جرائم كبيرة وانه لا يمكن ضرب المدنيين وهم ليسوا جزءا من الحرب. وهل هذا يعني ان الحكومة تريد ان تقول انهم توقفوا عن ضرب المدنيين وتريد ان نكافئهم على ذلك فهذه جريمة ايضا، لان ممارسات النظام ضد الاتفاقات الدولية في كل ممارساتهم في الحرب. وهل يتوقعون ان نشكرهم على توقفهم عن ضرب الاهداف المدنية. وما اود تأكيده ان النظام لم يتوقف اصلا عن ضرب الاهداف المدنية من خلال القصف الجوي وانهم واصلوا القصف الجوي من اليوم الثاني لاعلانهم وقف الغارات الجوية وما زال القصف الجوي مستمرا حتى الآن.

* بصراحة شديدة هل هناك عناصر انفصالية داخل الحركة تضغط في اتجاه فصل الجنوب عن الشمال؟

ـ نعم هناك بالطبع قوة داخل الحركة من رأيها فصل الجنوب عن الشمال، والحرب الاولى التي قادتها انانيا (1) وبعدها انانيا (2) كان هدفها فصل الجنوب. وعام 1991 كان الخلاف داخل الحركة من عناصر منهم د. رياك مشار ولام اكول ضد توجه الحركة الذي ينادي بخلق سودان على اسس جديدة. وبعد الانقسام كان جيش مشار يعمل على انفصال الجنوب، وبعدها جاء للخرطوم وعقد اتفاقاً معهم ثم عاد واختلف معهم، ولكن نحن في الحركة لنا توجه محدد هو ايجاد سودان على اسس جديدة يجمع اهل السودان من شماليين وجنوبيين. والفشل في تحقيق السودان الجديد هو الذي يؤدي الى زيادة التوجهات الانفصالية، وهذه بالفعل مسؤولية الخرطوم فاذا اصرت على دولة دينية فهذا في جوهره توجه انفصالي لاننا في مجتمع متعدد. والحقيقة ان الطرح الانفصالي هو ايضا في مركز السلطة في الخرطوم خاصة من تيار مثل تيار الجبهة الاسلامية.

* تحرك النظام دبلوماسيا في عقد اتفاقات مع دول الجوار الافريقي مثل اتفاق الخرطوم وكامبالا وتحييد اثيوبيا والمحاولات الجارية مع اريتريا لتحسين علاقاتها مع الخرطوم، هل هذا يمكن ان يحاصر الحركة ويؤثر في نشاطها العسكري؟

ـ نحن اولا نعمل من داخل السودان وليس هناك أي تأثير من مثل هذه الاتفاقات على نشاط الحركة وهذا افتراض خاطئ من الذين كانوا يعتقدون ان الحرب بين اريتريا واثيوبيا سيكون لها تأثير سلبي على نشاطنا، فهي لم تؤثر مطلقا. ومن قبل ذلك كانوا يعتقدون ان حرب البحيرات لها تأثير ايضا فلم يحدث ذلك. فهل يظنون ان مشاكل السودان في السماء والنجوم، أي انها تأتي من بعيد؟ ان مشاكل السودان هي في السودان نفسه. وكلما حققنا انتصارا ينسبونه الى دول مجاورة. ومؤخرا حررنا منطقة «راجا» والآن لا يعلمون الى أي جهة ينسبون هذه الهزيمة لان «راجا» بعيدة عن كل دول الجوار وهي مجاورة لتشاد وافريقيا الوسطى والدولتان علاقتهما جيدة مع النظام ولذلك لم يجدوا تفسيرا غير ان يقولوا ان هناك دعما جويا ساند الحركة.

* ولكن الحكومة لم تعلن بشكل مباشر عن أي طيران اجنبي ساند الحركة.. ما هي الجهة التي تعتقد ان الخرطوم تتهمها؟

ـ نحن نعلم انه لم يكن هناك دعم جوي من أي جهة، ولذلك لم يستطع النظام تسمية هذه الجهة مباشرة ولن يستطيعوا ذلك، وانهم قالوا في مرة ان هناك منظمة تسمى منظمة جيش الشعب النرويجي هي التي دعمتنا جويا، وفي الحقيقة لا يوجد شيء اسمه جيش الشعب النرويجي، والشعب النرويجي يجب ان يقدم النظام للمحاكمة لانهم اساءوا له.