الكونجرس يقترح مراجعة شاملة لـ«إف. بي. آي» خوفا من خروجها عن سيطرة إدارة بوش

TT

تعرض مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف. بي. آي) الأربعاء الماضي لهجوم واسع بسبب «عقلية القلعة» التي يتميز بها وجعلته دوماً متحصناً ضد اي نوع من الفحص والمراجعة الخارجية. وقد حدث هذا في اطار محاولات مسؤولي الكونجرس الأميركي للتحكم في وكالة تحاول الآن الافلات من السيطرة.

وقال السناتور باتريك ليهي أثناء جلسة استماع في الكونجرس لمناقشة الأحداث المحرجة التي ألمت بمكتب التحقيقات في الآونة الأخيرة «صورة «إف. بي. آي» في أذهان الكثير من الأميركيين، هي انها أصبحت عصية على الادارة، وغير خاضعة للمحاسبة وغير جديرة بالثقة». ويزيد من أهمية الاتهامات التي يقدمها المشرعون والشهود البارزون، التدهور السريع في مستوى ومكانة المكتب. فقبل سنة واحدة فقط، كان الكثيرون من أعضاء الكونجرس يتحدثون بحماس منقطع النظير عن مدير «اف. بي. آي» لويس فريه، وينادون باعطاء المكتب مزيداً من الصلاحيات في مجال مكافحة المخدرات والأسلحة.

وقد أمر المدعي العام (وزير العدل) جون آشكروفت، الأربعاء الماضي باجراء مراجعة شاملة بهدف «اصلاح وتحسين المكتب»، بينما اقترح اثنان من أعضاء الكونجرس اجراء مراجعة من القمة الى القاعدة، من قبل فريق من خارج المكتب الفيدرالي، لتحقيق نفس الغرض. وفي نفس الوقت أجازت اللجنة القضائية التابعة للكونجرس اقتراحاً من رئيسها، النائب الجمهوري جيمس سينسنبرينر، بخلق وظيفة مفتش عام يراقب المكتب، وهو اجراء ظل يقاومه هذا الأخير بصورة دائمة.

وتأتي المطالبة بهذه الاصلاحات في وقت حرج، لأن المكتب الفيدرالي مقبل على تغيير شامل في قيادته، إذ يعتزم فريه تقديم استقالته.

وخلال ثلاث ساعات من السماع أمام اللجنة القضائية، ظل المشرعون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يسددون ضربات قاسية لمكتب التحقيقات كما لموظفيه الذين يصل عددهم الى 11000، توبيخاً على ما وصفه السناتور ريتشارد ديربين، بـ«السلسلة من الأخطاء الخرقاء والمحرجة».

وأهم هذه الأخطاء التي استأثرت بالعناوين الصحافية العريضة خلال الأسابيع الماضية تمثلت في فشل «اف. بي. آي»، في كشف النشاطات التجسسية لعميله السابق روبرت هانسن، وفشله في كشف 4000 صفحة من الوثائق الخاصة بالتحقيق في حادثة تفجير اوكلاهوما سيتي، مما أدى الى تأجيل اعدام تيموثي مكافي شهراً كاملاً.

لكن أعضاء الكونجرس والمكلفين بتطبيق القانون يشيرون الى سلسلة من المخالفات الخطيرة ارتكبها المكتب في السنوات الأخيرة. وتشمل هذه مثلاً التصريحات المضللة حول حادثة جمعية الداووديين بواكو (تكساس) ثم استخدام مخبرين من المافيا بواسطة عملاء مكتب التحقيقات في بوسطن، اضافة الى العجز وتدني الكفاءة بأحد مختبرات «اف. بي. آي» والتحقيقات الفاشلة في حالة العالم الذري وين هو لي، الذي بُرئ من تهم التجسس، وحادثة الحارس الأمني ريتشارد جيويل الذي بُرئ في تفجيرات الأولمبياد بأتلانتا.

ووجه هذا الأسبوع الاتهام لأحد خبراء الأمن بالمكتب، وهو من المطلعين على هويات المخبرين وقوائم الشهود، ببيع المعلومات السرية لبعض المجرمين وبعض الخاضعين للتحقيق.

ويقول السناتور تشارلز شومر، وهو من المؤيدين والداعمين القدامى للمكتب، ومن أصدقاء فريه «من حق الصديق عليك ان تنظر اليه مباشرة في بعض الأحيان وتخبره بالحقيقة المرة. والحقيقة المرة هي ان «اف. بي. آي»، ظلت ترتكب الخطأ وراء الخطأ وراء الخطأ».

ولكن الشهود من الخبراء يقولون ان المكتب لم يكن راغباً في الاعتراف بأخطائه نسبة لسيادة «ثقافة الصلف» التي تقاوم الرقابة والفحص وتشكك في كل من هو خارج صفوفه.

وقال ليهي ان فريه استدعي للشهادة، ولكنه أبلغ اللجنة انه لن يتمكن من الحضور.

وفي نفس موعد الجلسة، التي عقدت منتصف النهار، كان فريه يشارك في حفل أقيم لوداعه حضره 1000 من موظفي مكتب التحقيقات.

وقد أعلن فريه الشهر الماضي انه سيترك منصبه في نهاية يونيو (حزيران) الجاري إلا ان الموعد لم يحدد بالضبط بعد.

وامتنع ضباط «اف. بي. آي» عن التعليق على الاتهامات بعد نهاية جلسة السماع، لكن احد كبار المسؤولين بالمكتب وهو جون كولينغوود، قال في رسالة الى نورمان رابكين، المدير بمكتب المراجع العام، ان مكتب التحقيقات سيكون اكثر انفتاحاً للرقابة الخارجية «مما يسهل عليك مهمته» مستقبلاً.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»