نبيل نمساوي ينقذ عرفات من محاولة اغتيال دبرتها إسرائيل مع عملاء تغلغلوا في «حماس»

الفرنسي دوفيلييه أدهش قراءه بدقة أحداث روايته الجديدة

TT

نجا رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات من خطر داهم. فقد حاول اعضاء في حركة «حماس» اغتياله، لكنهم في الحقيقة كانوا مخترقين من اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، بناء على خطة لرئيس الوزراء ارييل شارون. ولحسن الحظ، من اجل السلام في المنطقة، نجح عميل لوكالة الاستخبارات الاميركية «سي. آي. إيه» يدعى الامير مالكو لنج في افشال المخطط.

هذه هي فكرة رواية «ارماغيدون» للكاتب الفرنسي جيرار لوفيلليه، وهي الثانية والأربعون بعد المائة في سلسلة مغامرات العميل السري «اس. ايه. اس» او «الامير مالكو». وهو رواية تلتصق بالاحداث بدقة جهنمية. فقد تخيل في احد فصولها قصف مقر قيادة عرفات، وحدث ذلك بالفعل اواسط الشهر الماضي. كما انه تطرق الى عملية انتحارية في تل ابيب، وحدث ما وصفه في مكان قريب منها. وكتب عن رصاصة طائشة اخطأت بطله الامير مالكو، فاذا بالصحافي برتران آجير، مراسل القناة الفرنسية الاولى، يصاب برصاصة في الصدر وينجو من الموت بفضل سترة واقية من الرصاص.

ويصف جيرار دوفيلييه لمجلة «في اس دي» الفرنسية باسهاب اسلوب عمل اجهزة الاستخبارات، بصلافته ومكائده وقاتليه المأجورين. كما انه يصف، بالطبع، الجاسوسات الحسناوات اللواتي لا بد من وجودهن في هذا النوع من الروايات.

ولكتابة هذه الحلقة الجديدة من سلسلة مغامرات «اس. ايه. اس»، ذهب جيرار دوفيلييه الى الميدان واستجوب لاعبين كثيرين في حرب الظلال هذه، سواء من الجانب الفلسطيني او الجانب الاسرائيلي. ويقول: «حيثما ذهبت وجدت الجميع يتحدثون عن السلام. لقد سئم الجانبان من الحرب والقنابل والتفجيرات. لكن وصول شارون الى السلطة عرقل عملية السلام. وحسب معلوماتي فان شارون يتودد الى ابي مازن (محمود عباس)، احد المفاوضين الفلسطينيين في اوسلو، انه اكثر مرونة من عرفات وهناك من يود لو انه يخلفه. وحول هذه الفكرة اقمت صرح روايتي: اغتيال عرفات. ان مخططي الاغتيال لا يمكنهم الظهور بشكل مباشر ولهذا فانهم يستغلون التوتر القائم بين الفصائل الفلسطينية لتدبير اغتيال يبدو وكأنه تم بأيد غير اسرائيلية».

هل هذا معقول؟ ان دوفيلييه يؤكد ان جميع رجال الاستخبارات يفكرون هكذا، وانه لم يخترع شيئاً من عنده.

وكما في كل رواياته السابقة، فان الوصفة هي ذاتها: قليل من العنف، مؤامرات مستوحاة من واقع الاحداث، وشخصية مكررة هي شخصية الامير الشهير مالكو، النبيل النمساوي وعميل الاستخبارات الاميركية. انه يقبل مهمات ذات مخاطر فائقة وأجر باهظ لكي يدفع نفقات ترميم قصره. ويبدو ان اموره تسير على ما يرام منذ اكثر من 30 عاماً، وامور مؤلفه ايضا، اذ تصل مبيعات كل واحدة من سلسلة رواياته الى مائة الف نسخة. وخلال حقبة الثمانينات من القرن المنصرم وصلت الى ثلاثمائة ألف نسخة.

وبكل تواضع، يشرح جيرار دوفيلييه بأنه ليس اكثر من روائي يقوم بعمله بكل دقة. ويقول: «اقوم ببحث ميداني قبل تأليف اي كتاب، وهذه خطوة اساسية اذا اراد المؤلف فهم ما يجري من احداث. وانا اعمل على الطريقة الاميركية، اي بالرجوع الى وثائق شديدة التفصيل. بعد ذلك، اكتب روايتي كلها بنفسي، من اول سطر فيها الى آخر سطر».

معنى هذا ان دوفيلييه لا يلجأ الى خدمات من يحرر له بعض الفصول، على عادة الروائيين الشعبيين في فرنسا. والمقربون منه يؤكدون انه لم يعهد الى اي منهم بمهمة مساعدته في الكتابة. مع هذا فانه يصدر اربع روايات في السنة منذ عام 1965.

ان مغامرات الاميركي مالكو تعود على مؤلفها بأرباح خيالية. ومن مجموع مبيعات تبلغ 55 مليون فرنك سنوياً (8 ملايين دولار) فان ارباحه الصافية تصل الى 12 مليون فرنك (1.6 مليون دولار). ويبدو ان جيرار دوفيلييه يظن نفسه الامير مالكو، وانه ينفق على هذا الاساس بدون حساب. اذ لا يكفيه انه يمتلك يختاً وسيارة من نوع «جاجوار»، بل يحدث ان ينفق 300 الف فرنك في شهر واحد خلال اجازة في جنوب فرنسا. وفي ظل بذخ كهذا، يبدو ان ترميم قصر الامير مالكو سيتأخر، ولا بد من مهمات جديدة تنتظره.

=