العاملون في «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية يقتحمون مقرها احتجاجاً على قرارات صرفهم

«حزب الله» يحمِّل الحكومة المسؤولية ويعتبر إدارة الشركة «قوة احتلال»

TT

اقتحم امس عمال وموظفو شركة «طيران الشرق الاوسط ـ الخطوط الجوية اللبنانية» (الميدل ايست) مقر ادارة الشركة، بدعم من نواب حركة «امل» و«حزب الله» والحزب السوري القومي الاجتماعي. وقد بدأ العاملون في الشركة اضراباً مفتوحاً احتجاجاً على عزم الشركة صرف ما يزيد على الف منهم. وقطعوا التيار الكهربائي عن المقر واحتجزوا داخله رئيس مجلس الادارة محمد الحوت وعدداً من مديري الاقسام. واطلقوا هتافات وصفوا فيها الحوت بأنه «عميل لاسرائيل». وحمَّل النائب علي عمار (حزب الله) الحكومة مسؤولية ما يحصل واصفاً اياها بـ «الفاجرة» ومتهماً ادارة الشركة بانها «قوة احتلال». واعلنت النقابات العاملة في الشركة ان الاضراب المفتوح سيستمر «حتى رحيل الادارة الحالية». وقد ادى ذلك الى ارباك في حركة الملاحة الجوية لـ«الميدل ايست» وتعطل بعض رحلاتها المقررة.

وكان رؤساء الدوائر في الشركة قد استدعوا صباح امس مئات الموظفين وابلغوهم قرار فصلهم من العمل في اطار الحل الذي ارتأته الادارة وحصل على موافقة الحكومة، والقاضي بتسريح 1200 موظف واحالة 250 آخرين الى التقاعد المبكر، خصوصاً ان لدى الشركة 4500 موظف يعملون على 9 طائرات مستأجرة. وهي تعاني من خسائر سنوية تصل الى 50 مليون دولار.

وقد اصدر المكتب الاعلامي في «الميدل ايست» البيان الآتي: «تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء القاضي باعادة الهيكلة الجزئية للشركة وتعديل شروط العمل وصرف الفائض من الموظفين من اجل حماية مستقبل صرح وطني عريق، يهم شركة طيران الشرق الاوسط ان تعلن انها بدأت عملية تنفيذ القرار المذكور مع منح الموظفين الذين سيتم الاستغناء عن خدماتهم كامل التعويضات الاستثنائىة المقرر تخصيصها لهم، والتي تعتبر لائقة وسخيّة وفق كل المعايير المحلية والعالمية التي يبلغ معدلها 38 الف دولار للموظف الواحد تدفع اضافة الى تعويضاته القانونية المستحقة له لدى الضمان الاجتماعي.

ان الشركة تؤكد ان هذا القرار كان خياراً لا بد منه حفاظاً على طياريها ومضيفاتها ومضيفيها وموظفيها الذين سيتابعون بعد هذه العملية النهوض بمسؤولية توفير افضل الخدمات للمسافرين وحماية الثقة العالية التي يمنحها اللبنانيون وغيرهم من المسافرين للشركة التي لم تخذلهم في اصعب الاوقات.

ان هذا القرار، على صعوبته، يعوّض بالامل بتخفيض الخسائر التي لا تثقل ميزانية الشركة وكاهل موظفيها فحسب، بل الشعب اللبناني بأسره، وهو الذي يتحمل كلفة خسارتها السنوية التي فاقت 750 مليون دولار خلال العقدين الفائتين.

ان الشركة تؤكد مرة جديدة بضمير مرتاح ان هذا القرار اتخذ بمنأى عن اي تدخل سياسي او غيره، وان المعايير التي اعتمدت في الصرف كانت في غاية الموضوعية والشفافية ومن افضل ما حصل في شركات الطيران العالمية بشهادة شركات الاستشارات العالمية.

ان الشركات التابعة التي اطلقت ستكون مربحة وتضمن استمرارية عمل الموظفين وتحسين اوضاعهم وفي طليعتها شركة الخدمات الارضية «ميغ» وشركة تشغيل مطار بيروت وصيانته «ميز» وشركة «ماسكو» لصيانة الطائرات والتي بات بامكانها ان تبقى بمنأى عن اي عملية صرف جماعي قد تحصل في الشركة الام في حال فشل هذه العملية الانقاذية وعدم توقف النزف المالي الكبير.

ان الشركة اذ تأسف لبعض الاعمال اللامسؤولة التي حرّض عليها وقام بها بعض المتضررين وهم قلّة، تؤكد ان مجلس الادارة يقوم بواجباته ويتحمّل مسؤولياته ويطلب من جميع المعنيين بهذا الامر ان يتحملوا مسؤولياتهم».

ويحصل الموظفون والعمال المفصولون، الى جانب تعويضاتهم القانونية، على تعويضات اضافية تراوح بين 30 مليون ليرة كحد ادنى و200 مليون ليرة كحد اقصى. الا ان العمال اعتبروا ان التأمين الصحي والتقديمات الاجتماعية من حجم التعويض المعروض عليهم. وهددوا بمنع الطائرات من الاقلاع. وكان تحرك الموظفين والعمال قد بدأ بعد تسلمهم صباح امس تعاميم ادارية تتعلق بالاستغناء عن خدماتهم وتتضمن الهيكلية الجديدة للشركة، فاقدموا على حرق هذه التعاميم وداسوها بأقدامهم. ودعت نقابة العمال والموظفين الى الاعتصام. واستخدم بعضهم مكبرات الصوت في اطلاق الشتائم واتهام رئيس مجلس الادارة محمد الحوت بالعمالة لاسرائيل.

وقال احد العمال: «لقد تطور تحركنا بعد اصابة احد الموظفين الذين ابلغوا بقرار صرفهم، ويدعى يوسف دياب، بنوبة قلبية نقل على اثرها الى المستشفى فحاول العمال مقابلة رئيس مجلس الادارة ولكنهم فوجئوا بتعميم يحذر كل من تسلم قراراً بصرفه من حرمانه من تعويضاته وملاحقته قضائياً».

وحاول المعتصمون اقتحام مقر ادارة الشركة فمنعتهم وحدات مكافحة الشغب التابعة لقوى الامن الداخلي التي انتشرت في المكان، مما دفع رئيس نقابة الموظفين والمستخدمين في الشركة حسين عباس الى مناشدة وزير الداخلية الياس المر سحب القوى الامنية، مؤكداً «ان الاعتصام سلمي ومفتوح حتى تحقيق المطالب».

وانضم الى المعتصمين النواب عمار الموسوي وعلي عمار (حزب الله) وعلي خريس وعلي حسن خليل وعلي بزي (حركة «امل») ومروان فارس (الحزب السوري القومي الاجتماعي).

وقال النائب علي عمار: «مشكلة البلاد تكمن في ذهنية رأس المال المتوحش الذي لا مكان للفقر فيه». واضاف: «ان هذه الحكومة الفاجرة جاءت لتعاقب شركة طيران الشرق الاوسط وسائقي سيارات المازوت واحياء الفتنة بين رجالات الجامعة اللبنانية والنواب في ظل تعرض البلاد لأشرس هجمة». ودعا الموظفين والعمال الى وضع قرارات الصرف تحت اقدامهم «لأن هذه الادارة قوة احتلال لا مكان لها بينكم».

ونقلت وكالة «رويترز» عن عضو المجلس التنفيذي لنقابة عمال وموظفي الشركة علي ابو حمدان ان «قرار الشركة جائر ومخالف لقانون العمل ولكافة القوانين المرعية الاجراء في البلاد» لافتاً الى ان الشركة خفضت سن التقاعد للعاملين على الارض من 65 الى 60 عاماً وللمضيفين الجويين من 60 الى 50 عاماً.

وفيما ذكر ان الشركة الغت 8 رحلات لها بعد ظهر امس الى كل من الكويت ودبي والرياض والدمام وجدة وعمان ولارنكا وابو ظبي، قالت مصادر في ادارة الطيران المدني لـ«الشرق الأوسط» ان رحلات الشركة لم تتأثر بالحوادث التي حصلت وبقيت وفق البرنامج المقرر لها منذ الصباح. الا ان مصدراً مسؤولاً في «الميدل ايست» اكد لـ«الشرق الاوسط» ان حالة من الارباك سادت حركة رحلات طائرات «الميدل ايست» حيث جرى تعطيل بعضها والغاء اخرى بينها رحلة بيروت ـ عمان.