البرلمان اللبناني أقر الموازنة في يوم سادس «هادئ» بتأييد 82 نائبا ومعارضة 7 وامتناع «حزب الله»

جلستا المناقشة شهدتا فضائح التنصت على المسؤولين والتخابر غير الشرعي

TT

أقرَّ مجلس النواب اللبناني امس موازنة الدولة للعام 2001 بغالبية 82 صوتاً ومعارضة 7 نواب وامتناع نواب «حزب الله» عن التصويت في ختام جلستين «ماراثونيتين» استمرتا ستة ايام وشكلتا سابقة برلمانية كون المناقشات استمرت على مدى دورتين للبرلمان، عادية واستثنائية، علماً ان الموازنة تأخرت عن موعدها الدستوري ستة اشهر و21 يوماً.

واتى اليوم الاخير من المناقشات البرلمانية للموازنة هادئاً على غير عادة. ورافقته شائعات عن «تسويات» اجريت وراء الكواليس وابرزها تسوية الخلاف بين رئيس الحكومة رفيق الحريري ونواب «حزب الله» على خلفية مشروع لانماء منطقة بعلبك ـ الهرمل استبدل بخطة انمائية شاملة للمناطق المحرومة وعدت الحكومة بارسالها الى مجلس النواب بالتزامن مع الموازنة المقبلة اي بعد نحو ستة اشهر.

وابرز هذه التسويات كانت تلك التي رعاها رئيس مجلس النواب نبيه بري لنزع فتيل الازمة التي ظهرت بوادرها اول من امس بعد ظهور اقتراحات نيابية بمشاريع مماثلة لمناطق عدة اعتبرها نواب «حزب الله» محاولة من الحريري لاجهاض المشروع المقدم من نواب بعلبك - الهرمل. ولم تفلح هذه التسوية في دفع نواب «حزب الله» الى التصويت على الموازنة، فغادر بعضهم القاعة وامتنع الآخرون عن التصويت.

اما ابرز معارضي الموازنة فكانوا الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني الذي شكا من «تمرير قوانين في صلب الموازنة» والنائب مصطفى سعد الذي تحدث عما وصفه بـ «المخالفات الدستورية» والنواب نايلة معوض ونقولا فتوش وبطرس حرب ونسيب لحود وجورج قصارجي.

وكان النواب ناقشوا على مدى الايام الستة بنود الموازنة لنحو 50 ساعة تحدث خلالها 71 نائباً واثيرت فيها فضائح عدة ابرزها فضيحة التنصت على هواتف المسؤولين من قبل الاجهزة الامنية والتي لم تنته فصولها بعد، وكذلك فضيحة التخابر الدولي غير المشروع من قبل «مافيات» تأخذ من طريق الدولة نحو 250 مليون دولار سنوياً.

وشهدت ايام المناقشة بروز الخلافات بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة رفيق الحريري. وقد ادى خلاف لحود ـ بري الى تأخير الجلسة الثانية نحو 15 يوماً بعد انتهاء العقد العادي للمجلس وتأخر اصدار مرسوم الدورة الاستثنائية بسبب استياء لحود من دعوة بري المجلس النيابي الى جلسة ثانية لمناقشة الموازنة من دون انتظار صدور المرسوم عن رئيس الجمهورية والحكومة.

وكان اليوم الاخير من الجلسة بدأ صباح امس هادئاً وخصص لمناقشة 14 بنداً بقيت من الموازنة. وتخللته مناوشات للمعارضين حول شركة «سوكلين» الملتزمة اعمال النظافة في بيروت والضواحي، وعزم الحكومة اصدار انواع جديدة من اليانصيب، وفرض المعاينة الاجبارية السنوية لميكانيك السيارات، لكن دون ان يفلح هؤلاء في الغاء بعض المواد وتعديل بعضها الآخر.

ومع اختتام التصويت على بنود الموازنة وقبل التصويت النهائي على الموازنة ككل، طرح الرئيس بري موضوع الخطة الانمائية والمخرج المطروح حولها قائلاً: «ان الحكومة بصدد انجاز برنامج انمائي متوازن يشمل كل المناطق» ناقلاً عن الحكومة تعهدها: تقديم البرنامج في مهلة اقصاها اكتوبر (تشرين الاول) المقبل «بدءاً بمشاريع بعلبك ـ الهرمل وعكار والمناطق المحرومة الاخرى». واكد ان «الحكومة ستبدأ تنفيذ الخطة فور ابداء ملاحظات النواب عليها».

ثم تحدث الرئيس الحريري فقال: «عندما اتينا الى الحكم حاولنا ان نستجمع ما لدينا من بروتوكولات واتفاقات موقعة، فوجدنا صعوبة بالغة في ذلك بسبب اوضاع مجلس الانماء والاعمار بعدما تعرض له في عهد الحكومة السابقة (برئاسة الدكتور سليم الحص) كدمج المجالس وسفر موظفين من دون تعيين بدلاء لهم». واعلن ان «الحكومة بصدد اعداد البرنامج الانمائي من جديد لان الخطة التي وضعتها الحكومة السابقة غير قابلة للتنفيذ» مشدداً على ان الخطة ستشمل المناطق المحررة والبقاع وعكار وغيرها من المناطق المحرومة ومشيراً الى ان بيروت لا تحصل على شيء من البروتوكولات الموقعة والموازنة.

وطالب الرئيس الحسيني بـ «خطة تنمية شاملة مكتوبة» مؤكداً الاستعداد للتعاون مع الحكومة. وقال: «نحن ندرك صعوبة الاوضاع، لكن لا يجوز الاستهتار بالناس».

ثم تحدث النائب عمار الموسوي، الذي كان خاض اول من امس مواجهة مع الحكومة والنائب وليد جنبلاط على خلفية المشروع الانمائي، فقال متوجهاً الى بري والحريري: «ما سمعناه، منكم نأخذه كالتزام بقطعيته وامكانية البدء بتنفيذه». واكد ان نواب بعلبك ـ الهرمل «كانوا بصدد حركة مطلبية ولا اهداف سياسية او غايات فردية لهم». وقال: «بقدر ما نشعر بمعاناة اهلنا في بعلبك، نشعر بمعاناة اهلنا في كل المناطق، فالحرمان ليست له هوية طائفية او مناطقية، لذلك نؤكد على اهمية هذا المشروع والاسراع في تنفيذه».

ثم طرحت الموازنة على التصويت فاقرت بعدما نالت 82 صوتاً ضمنهم الكتل الكبرى في المجلس ككتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري وكتلة «قرار بيروت» التي يرأسها الحريري وكتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، فيما سجل غياب نواب المعارضة المسيحية كالنائب ألبير مخيبر والنائب بيار امين الجميل.