الرد المصري على تقرير كارثة البوينج لم يوجه أي اتهام إلى الشركة المصنعة حول عيوب فنية

TT

خلافاً لتأكيدات المصادر المصرية طوال أكثر من عام ونصف العام من وجود أدلة في حوزة الجانب المصري تثبت تسبب عطل ميكانيكي في مجموعة الذيل عن كارثة البوينج المصرية، كشفت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن مفاجأة في الرد المصري على مسودة التقرير النهائي الذي أعده مسؤولو هيئة سلامة النقل الاميركية حول أسباب الحادث، حيث أكدت ان الرد المصري جاء خالياً من توجيه الاتهام لأي طرف أو جهة، ولم يشر لمسؤولية الشركة المصنعة «بوينج» ولو جزئياً عن العيب الذي أصاب مجموعة الذيل، وفقاً للنظرية المصرية، وتسبب في الحادث الذي أودى بحياة جميع ركاب الطائرة وطاقمها البالغ عددهم 217 راكباً.

ورغم اصرار الجانب المصري على اصابة مصاعد التحكم في مجموعة الذيل بعطل مفاجئ أدى لسقوطها وهو ما انعكس في التأكيدات المستمرة للمحققين والمسؤولين المصريين، وعلى رأسهم وزير النقل المصري الدكتور ابراهيم الدميري الذي كانت آخر تصريحاته تعقيباً على تسريبات مسودة التقرير النهائي تؤكد امتلاك مصر لأدلة قاطعة تحسم الجدل لصالح الجانب المصري، ورغم رفض شركة بوينج الاميركية على الجانب الآخر الكشف عن نتائج التجارب التي أجراها المسؤولون المصريون قبل أكثر من أربعة أشهر، والتي اختبر فيها الخبراء المصريون عمل مصاعد التوجيه والسيطرة في ذيل البوينج 767 تحت ظروف معينة، فقد ابتعد المسؤولون المصريون دوماً عن اتهام بوينج صراحة أو الاشارة الى مسؤوليتها الجزئية في حالة ثبوت وجود عيب أو خلل ميكانيكي تتحمله الشركة المصنعة، ولم يترجم الجانب المصري اصراره على حدوث عطل ميكانيكي الى مطالبة بوينج «رسمياً» بكشف نتائج الاختبارات والتجارب التي قاموا بها، ولم يتهم المسؤولون المصريون «رسمياً» بوينج باخفاء الحقائق والمعلومات ذات الصلة بالحادث.

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» نفى عضو في وفد المحققين المصريين، والذي طلب عدم ذكر اسمه، ان تكون لدى الجانب المصري أدلة تؤكد مسؤولية العطل الميكانيكي عن الحادث، وقال ان الأدلة التي خرج بها المحققون المصريون تدعم اتجاهات وتشير لاحتمالات حدوث عطل، وما طالبنا به هو بحث هذه الاحتمالات لتأكيدها أو نفيها. وعلق بقوله «لو ان لدينا أدلة قاطعة لما انتظرنا طوال هذا الوقت ولقدمناها وحسمنا الخلافات مع الجانب الاميركي»، ومع هذا فقد تمسك المحقق المصري بعدم حدوث تراجع في الموقف الرسمي، وقال ان الأدلة التي يتحدث عنها الجانب المصري مبنية على ما تم تزويدهم به من معلومات حول الحادث من الجانب الاميركي، وان الأدلة القاطعة ان وجدت فهي في أيدي الاميركيين.

ونفى المصدر ان يكون الرد المصري قد تمركز حول نظرية العطل الميكانيكي فقط، وقال ان الجانب المصري أعد تقريراً فنياً مفصلا وشاملا لملابسات الحادث وما تم التوصل إليه من معلومات، مشيراً الى ان صور الرادار العسكري التي سبق وطلب المصريون كشفها ورفض الاميركيون، وكذلك احتمالات اصابة الطائرة ـ ربما عن طريق الخطأ ـ بصاروخ في منطقة عمليات عسكرية، قد اثيرت أيضاً في الرد المصري.

وقال «نحن لم نستبعد أي دليل يشير لاحتمال ما وراء الحادث فقد سبق وطالبنا بالكشف عن صور الرادار العسكري في التقرير الذي ألحق بتقرير الحقائق في اغسطس (اب) الماضي، وطالبنا بمراجعة سجلات برج المراقبة الذي كان يوجه الطائرة في رحلتها، ومضاهاتها بصور الرادار العسكري وسجل بيانات الطائرة، وهذا كله لم يتم لعدم اقتناع الجانب الاميركي أو رفضه بحجة انها أسرار عسكرية، وبالمثل طالبنا بفحص احتمالات العطل الميكانيكي وأيضاً تجاهل الاميركيون هذا الطلب بحجة عدم اقتناعهم بما توصلنا إليه من استنتاجات، ومع ذلك فقد أصر المحققون المصريون على تكرار طلباتهم في الرد الذي تم تسليمه مؤخراً لهيئة سلامة النقل، وأصررنا على كشف صور الرادار العسكري وسجلات برج المراقبة وفحص أعطال البوينج في ضوء الحالات المشابهة التي حدثت في السنوات العشر الأخيرة والتي وقعت أيضاً أثناء مباشرة التحقيقات.

وأضاف المصدر ان الرد المصري طالب رسمياً هيئة التحقيق في مجلس سلامة النقل الاميركية باستكمال التحقيقات وعدم التسرع في اغلاق ملف الحادث من دون الوصول للسبب الحقيقي وراءه.

وقال ان الجانب المصري يحتفظ بالحق في المطالبة بإعادة فتح التحقيق اذا ظهرت أي دلائل جديدة يعترف بها الجانب الاميركي، أو اذا ما فتح المحققون في هيئة سلامة النقل التحقيق في حوادث مشابهة. وأضاف «سنطالب آنذاك بضمها لملف التحقيق في حادث البوينج المصرية أو ربطها مباشرة بالقضية»، ولكنه استدرك معبراً عن عدم تفاؤله في إيجابية الموقف الاميركي، وعلق بقوله «لا أعتقد ان الجانب الاميركي حريص على أن يكون موضوعياً في تناول تحقيقات الحادث، وبشكل شخصي فقد فقدت كل أمل في تعاون الجانب الاميركي معنا لكشف ملابسات الحادث».