واشنطن تعتبر تحقيقات «تفجير الخبر» مفتوحة وسط جدل حول عدم تسمية إيرانيين في قائمة الاتهامات

TT

واشنطن ـ لندن: «الشرق الأوسط» والوكالات اعلن وزير العدل الاميركي جون اشكروفت ولويس فريه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف. بي. آي) ان التحقيق في تفجير الخبر بالسعودية عام 1996 الذي راح ضحيته 19 جنديا اميركيا، لا يزال مفتوحا ومن المتوقع توجيه اتهامات جديدة. وفيما اصر فريه على ان هؤلاء الذين وجه اليهم الاتهام سيقدمون للمحاكمة، فإنه اعترف بأن الولايات المتحدة لا تحتجز ايا من المتهمين، وستحاول المطالبة بتسليمهم لمحاكمتهم في اميركا.

ورفض فريه وغيره من المسؤولين الاميركيين ذكر عدد المتهمين الا ان مسؤولا في هيئة من هيئات تطبيق القانون طلب عدم ذكر اسمه، اشار الى ان نصف المتهمين محتجزون في الشرق الاوسط. وقال فينسنت كانيسترارو وهو رئيس سابق لمكافحة الارهاب في وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.ايه)، ان «عشرة من المتهمين موجودون في السجون السعودية وثلاثة في ايران، وان اللبناني الذي اعد القنبلة واطلق عليه اسم «جون دو» باعتباره مجهولا في قائمة الاتهام، يعيش حرا في لبنان». في الوقت نفسه اشار الى ان «هذه هي في الواقع اتهامات رمزية».

وكانت هيئة محلفين كبرى بولاية فرجينيا قد اعلنت قائمة الاتهامات اول من امس قبل ان تسقط بالتقادم بعض التهم مثل محاولة القتل والتآمر بعد غد، الذي يصادف الذكرى الخامسة للانفجار. واوضح فريه في المؤتمر الصحافي الذي عقد قبل يوم واحد من تركه منصبه، ان عريضة الاتهام المكونة من 29 صفحة تشير 35 مرة الى دعم او توجيه ايراني للخلية التي نفذت التفجير. وحسب الاتهام فان مسؤولين عسكريين ايرانيين وجهوا بل مولوا اعضاء «حزب الله» السعودي لاجراء ما وصفه بـ«عمليات رصد في بعض مناطق السعودية». وطبقا لقائمة الاتهام فإن 9 من بين المتهمين الـ14 وجهت اليهم 46 تهمة جنائية تشمل التآمر لقتل اميركيين وموظفين يعملون لحساب الولايات المتحدة، واستخدام اسلحة دمار شامل وتدمير المنشآت الاميركية والتفجير والقتل. اما باقي المتهمين فوجهت اليهم خمس تهم بالتآمر. وذكر اشكروفت ان قائمة الاتهام تشمل «ما نعتقد اننا تستطيع اثباته امام المحكمة». ولكنه تعهد بمتابعة الاتهامات ضد الايرانيين الذين لم يسمهم، والذين قال انهم «كانوا وراء العملية ودعموها واشرفوا عليها».

من ناحية اخرى قال دان غور وهو خبير في السياسة الخارجية في معهد لكسينغتون الأميركي للابحاث «اعتقد ان القرار بعدم تسمية اي ايرانيين هو قرار سياسي وليس قانونيا». ويواجه المتهمون بتهمة القتل والتآمر واستخدام اسلحة الدمار الشامل ضد مواطنين اميركيين، عقوبة الاعدام اذا تمت محاكمتهم في الولايات المتحدة. وقال فريه انه يعتقد انه يمكن تسليم بعض او جميع من شملتهم قائمة الاتهام للولايات المتحدة طبقا للمعاهدات الدولية. وكان فريه قد دخل في خلافات مع جانيت رينو وزيرة العدل الاميركية في عهد الرئيس السابق بيل كلنيتون وغيرها من المسؤولين حول استراتيجية التحقيق. وفي اوائل العام الحالي، بعدما تم اختيار اشكروفت وزيرا للعدل في ادارة الرئيس الجديد جورج بوش، نقل فريه القضية من مكتب المدعي العام في واشنطن الى مكتب الادعاء الفيدرالي في ريتشموند بولاية فرجينيا. واشار تقرير منشور الى انه لم يثق في دوافع البيت الابيض في تحقيقات تفجير الخبر، وشك في انها تنطلق من دوافع علاقات عامة والسياسة الايرانية اكثر من العدالة.

وقد شعر مسؤول سابق في وزارة العدل الاميركية كان طرفا في التحقيقات خلال عهد كلينتون، بالحيرة والارتباك من عواقب تعليقات فريه. وذكر المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه ان فريه لم يناقش على الاطلاق توجيه اتهامات للايرانيين مع كبار المسؤولين في وزارة العدل الاميركية. واوضح المسؤول انه «اذا كنت تملك القدرة على اثبات تورط الايرانيين في عمل جنائي، فستكون لذلك عواقب جيوسياسية». ولكن القرار النهائي بعدم توجيه الاتهام الى ايرانيين اتُخذ بسبب عقبات قانونية او استدلالية تشمل المصادر الاستخبارية السرية الاميركية التي اعتمد عليها المحققون الاميركيون. واوضح المسؤول «ان الحصول على معلومات استخبارية شيء وان تضع شخصا في قفص الاتهام والقول بأن هذا ما حدث شيء آخر. وتصوري هو انه لا يوجد ما يكفي من الوضوح او التأكد للمضي قدما في الاجراءات القانونية ضد الايرانيين».

كما اشار كينيث كاتزمان وهو محلل في شؤون الشرق الاوسط في ادارة ابحاث الكونجرس انه «لا يعتبر توجيه الاتهام تقدما هاما بما انه لم تتم تسمية المسؤولين الايرانيين». واعرب كاتزمان عن اعتقاده «بوجود التزام باعتبارات السياسة الخارجية التي اثرت في هذه القضية منذ بدايتها. فالولايات المتحدة تحاول ادخال ايران في القضية. وتأكد لدينا انهم يدعمون الارهاب، لكننا نحاول توجيه ايران نحو علاقة جديدة».

الا ان روبرت بلتزر وهو مسؤول سابق في ادارة مكافحة الارهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي يختلف اختلافا كبيرا مع وجهة النظر تلك اذ يقول «اذا كان لدينا ما يكفي لاتهام بعض المسؤولين الايرانيين لفعلنا ذلك». وفي الوقت ذاته نفى ساندي بيرجر مستشار شؤون الامن القومي السابق في عهد كلينتون ان الادارة السابقة كانت متساهلة في التحقيقات، واوضح «لقد كان ذلك موضوعا اثارة الرئيس مرارا وتكرارا، لانه كان على قناعة ان اسر الضحايا تستحق معرفة الحقيقة، واردنا تحقيق العدالة في هذا المجال».

وتشمل قائمة الاتهام كلا من عبد الكريم الناصر الذي تصفه القائمة بأنه رئيس ما يسمى «حزب الله» السعودي واحمد المغسل الذي تقول عنه القائمة انه زعيم «الجناح العسكري» في التنظيم المزعوم ومتهم بقيادة الشاحنة، وهاني الصايغ الذي تقول اللائحة انه ساهم في اعداد القنبلة. وكان الصايغ قد فر الى كندا عام 1997 لكنه سلم الى السعودية من الولايات المتحدة بعدما تراجع عن اعترافه بالذنب. وبالرغم من ان فريه اصر على ان الاعتبارات الدبلوماسية لم يكن لها دور في رفض الحكومة توجيه الاتهام الى ايرانيين، فإن خبراء السياسة الخارجية في المؤسسات والمعاهد غير الحكومية قالوا ان القرار يسهل التداعيات السياسية بالنسبة للبلدين. واوضح ادوارد ووكر الذي كان مساعدا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى حتى اوائل العام الحالي، ان «ذلك سيؤثر على العلاقات. ولكنه لن يكون بنفس الدرجة التي يمكن ان يكون بها اذا تم توجيه الاتهام لمسؤول ايراني». ويتفق ووكر مع فريه واشكروفت في انه لم يتم توجيه الاتهام لافراد ايرانيين لان الادلة ضدهم لم تكن محددة بدرجة كافية، الا ان خبراء آخرين اقترحوا ان رأي وزارة الخارجية هو الذي ساد المناقشات التي جرت وراء الستار حول الحكمة من مواجهة حكومة الرئيس الاصلاحي المنتخب للمرة الثانية محمد خاتمي. واضاف ووكر «لقد شاركت في هذا الموضوع لفترة من الوقت. واعتقد ان وزارة العدل بذلت كل ما في وسعها للقيام بعملها. وهي في حاجة الى ادلة يمكن الاعتماد عليها امام المحاكم الاميركية. ان وزارة العدل لا تلقي التهم جزافا، واذا كانت لديها الادلة فستستخدمها».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»