استبعاد حدوث تحسن في علاقات واشنطن بطهران في ظل اتهامات دعم الإرهاب وتاريخ عدم الثقة

TT

مع وجود رئيس يؤمن بالاصلاح في ايران وادارة جديدة في البيت الابيض الاميركي، كان العديد من الناس في ايران يأملون في تحسين العلاقات مع اميركا بعد اكثر من عقدين من العداوة، ولكن المراقبين في العاصمة الايرانية اشاروا الى ان التاريخ الطويل من عدم الثقة والتوجس، بالاضافة الى الاتهامات الاميركية لايران بالارهاب، يجعلان احتمال التقارب المبكر بين البلدين ضئيلا.

وقال علي ربيعي مستشار الامن الوطني للرئيس الايراني محمد خاتمي ـ الذي اعيد انتخابه مرة اخرى، «لدينا اصلاحات ونحاول ايجاد مجتمع ديمقراطي، وعلى الولايات المتحدة تغيير الطريقة التي تنظر بها لايران».

وفي واشنطن، لا تزال العداوة مستمرة منذ ازمة رهائن السفارة الاميركية في طهران حين احتجزت مجموعات من الطلاب في عام 1979عددا من الدبلوماسيين الاميركيين لمدة 444 يوما. اما في طهران فإن السياسة الايرانية تجاه الولايات المتحدة تتأثر بما يوصف بـ«المظالم التاريخية» بخصوص دور وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية في انقلاب 1953 الذي ادى الى اعادة نظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان مؤيدا من جانب الولايات المتحدة.

وبصورة اكثر دقة فإن السياسة الاميركية تجاه ايران تشكلت في جزء كبير منها، عن طريق الاتهامات طويلة المدى بأن ايران تدعم الارهاب الدولي وتعارض عملية السلام في الشرق الاوسط، وتعمل من اجل الحصول على اسلحة الدمار الشامل.

وكانت هيئة محلفين كبرى في الكساندريا بولاية فيرجينيا قد اعلنت قائمة الاتهام في عملية تفجير ابراج الخبر عام 1996 في السعودية التي ادت الى مقتل 19 عسكريا اميركيا. وبالرغم من القائمة التي تضم ثلاثة عشر سعوديا ولبنانيا واحدا لم تأت على ذكر اسماء ايرانيين، فإن جون اشكروفت وزير العدل الاميركي اشار الى ان مجموعة من الايرانيين «دعمت واشرفت وايدت» المجموعة التي نفذت العملية.

وتجدر الاشارة الى ان السلطات القانونية الاميركية قد تابعت خط التحقيقات هذه باهتمام شديد منذ تنفيذ العملية. وزعم مسؤولون اميركيون ان البريجادير (العميد) احمد شريف، الذي كان، في الفترة التي وقعت فيها عملية التفجير، مسؤولا استخباراتيا كبيرا في الحرس الثوري الايراني على صلة بجماعة من السعوديين اتهم بعض اعضائها بتنفيذ عملية تفجير الخبر.

وكان حميد رضا اصفي المتحدث باسم وزارة الخارجية الايراني قد «رفض بشدة» في مقابلة صحافية مؤخرا الاتهامات بأن المسؤولين الايرانيين لعبوا دورا في عملية التفجير، وقال ان اقحام ايران في الاتهامات «سيعقد الامور بين البلدين» وطبقا للدستور الايراني فإن البلاد تحكم عن طريق تشريعات دينية ومدنية. ويعتقد معظم المراقبين الدوليين انه اذا لعبت ايران دورا في الارهاب الدولي، فإن ذلك، قد يكون تم بقرار الجانب الديني المحافظ في الدولة، الذي يسيطر على الحرس الثوري وغيره من الخدمات الامنية، وليس من قبل الجانب الاداري الذي يرأسه الرئيس خاتمي. وركز خاتمي الذي يسعى لانهاء عزلة ايران وضمان موقع لبلاده في الاقتصادي العالمي، على تغيير صورتها في الخارج خلال فترة رئاسته الاولى. وارتبط بعلاقات هامة مع حلفاء اميركا مثل بريطانيا واليابان بل بدأ في الاقتراب من اميركا اللاتينية. كما اثار قلق الادارة الاميركية بمحاولة التوصل الى عقود تسليح مع روسيا.

وفي واحدة من اكثر الامثلة رمزية على تغيير وجهة نظر حلفاء اميركا في ايران، اصدر المسؤولون الايرانيون، في فصل الشتاء الماضي، اوامرهم بإزالة الرسومات والشعارات من على سور السفارة الاميركية السابقة في طهران في اطار عملية تجميل المدينة. وبقيت لوحة واحدة تحمل شعار «تسقط اميركا» فيما كان يعتبر واحداً من اكثر بيانات السياسة الخارجية وضوحا منذ عام 1979.

الا ان الاتهامات المتكررة بالارهاب قد طغت على اية محاولة للمصالحة. فقد صوتت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي، على سبيل المثال، يوم الاربعاء بـ 41 صوتا ضد 3 اصوات لصالح تمديد العقوبات التي تسمح للولايات المتحدة بتوقيع غرامات على شركات النفط الاميركية والاجنبية التي تتعامل تجاريا مع كل من ايران وليبيا - وهو الحظر الذي تعتبره شركات النفط الاميركية غير عادل، بينما يعتبره من جانب عدد حلفاء الولايات المتحدة المقربين غير قانوني.

وذكر المسؤولون الايرانيون ان الغاء الحظر يعتبر شرطا لبداية اي حوار بين البلدين. واوضح محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس الايراني وأحد ابرز الاصلاحيين في البرلمان ان تمديد العمل بهذا القانون «سيدمر كل الجسور وكل الجهود التي قمنا بها».

ومن المتوقع ان يجدد الكونغرس العقوبات، التي تستهدف معاقبة ايران على ما تعتبره الولايات المتحدة الترويج للارهاب. وكانت ادارة الرئيس جورج بوش قد اقترحت تخفيض العقوبات من خمس سنوات الى سنتين، الا ان هذا التخفيض لا يعني شيئا بالنسبة للمسؤولين الايرانيين. فقد ذكر اصفي «الحظر هو الحظر سواء كان سنتين او خمس سنوات»

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»