تحليل إخباري

مهاتير يستخدم قانون «مكافحة الشيوعية» لإبعاد المعارضة الأصولية عن الحكم

TT

عندما خاطب رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد الجمعية العامة للحزب الحاكم اول من امس، توقع الحضور ان يتحدث زعيمهم حول الخطط اللازمة لمعالجة التراجع الكبير الذي حدث في شعبية الحزب، لكنه بدلا من ذلك القى خطبة استمرت ساعة ونصف الساعة انتقد خلالها بعنف «اعداء» ماليزيا في «الداخل والخارج». قال مهاتير محمد في معرض خطابه ان «القوى الاجنبية التي احتلت بلاده في السابق والتي لم تفعل شيئا لمساعدتها ليست لها نيات طيبة» واصفا اياها بأنها «تكره ماليزيا، وتكره على وجه الخصوص القيادة الحالية الى ابعد الحدود».

بعد عشرين عاما على توليه السلطة يواصل مهاتير محمد هجومه وانتقاداته العنيفة لمعارضي سياساته، كما يحاول جاهدا الوقوف في وجه الثقة المتزايدة لحزب المعارضة الرئيسي «الحزب الاسلامي الماليزي» الذي ازدادت شعبيته خلال السنوات الاخيرة. وهاجم مهاتير بعنف «الحزب الاسلامي الماليزي»، الذي يسيطر في الوقت الراهن على محافظات الشمال، ونجح في كسب اعداد متزايدة من المؤيدين السابقين للحزب الحاكم بقيادة مهاتير. وكان الأخير قد ذكر في معرض خطابه امام الجمعية العامة لحزبه ان «الحزب الاسلامي الماليزي» درج على خداع الماليزيين لان الانضمام للمعارضة يعني ان الشخص اصبح مسلما حقيقيا.

احتمالات مواجهة الحزب الحاكم حاليا بقيادة مهاتير لخسارة كبيرة وانتهاء سيطرته فعليا على السلطة لمدة 44عاما في الانتخابات العامة المقبلة، والمقرر اجراؤها عام 2004، أصاب اوساط الحزب بالذعر، بل ادت الى مطالبة البعض بتنحي مهاتير.

ورغم ان تناول مهاتير وبعض القياديين عن الإصلاحات، وانهاء الفساد في الحزب الحاكم، لا يعدو ان يكون مجرد احاديث فقط، فإن العقاب امتد الى المعارضة. فقد كان رد فعل السلطات تجاه اضراب ابريل (نيسان) الماضي متشددا، اذ اعتقل عشرة من ناشطي المعارضة بموجب «قانون الامن الداخلي»، مما عرض الحكومة الماليزية للكثير من الانتقادات في الداخل والخارج.

واثار هذا الاجراء حملة داخلية مطالبة بالغاء «قانون الامن الداخلي». وقالت وزارة الخارجية الاميركية ان هذا القانون استخدم لمنع المعتقلين، الذين ينتمون لـ«حزب العدالة الوطني»، من ممارسة حقوقهم المعترف بها دوليا في حرية التعبير. والجدير بالذكر ان ستة من الناشطين لا يزالون رهن الاعتقال بدون محاكمة لمدة تزيد على العامين، في احد السجون بشمال ماليزيا، كما ان اربعة من المعتقلين ظلوا رهن الحبس لاسابيع طويلة قبل اصدار المحكمة العليا قرارا باطلاق سراحهم.

غير ان مهاتير لا يبدو على استعداد للتراجع او الاعتذار، فقد قال في مؤتمر صحافي مساء اول من امس: «ان البعض هنا في الداخل يريد ان تنزلق ماليزيا الى حالة الاضطراب والفوضى الموجودة في دول اخرى، والذين يدركون انهم عاجزون عن الفوز بالانتخابات يريدون اطاحة الحكومة من خلال المظاهرات، وبالتالي فالحكومة، في هذه الحالة لا تعتبر المظاهرات ممارسة ديمقراطية».

وزير الداخلية الماليزي، عبد الله بدوي، نفى من جانبه ان يكون «قانون الامن الداخلي»، الذي طبق في الستينات لمحاربة الشيوعية، والذي عرف حينها «بقانون مكافحة الشيوعية»، غير مناسب للمرحلة الراهنة. وأكد ان وجهة نظر الماليزيين تجمع على ان الشرط الاساسي لنجاح جهود التنمية في البلاد يتطلب تثبيت السلم والاستقرار السياسي والأمن في البلاد. وكانت السلطات الماليزية قد حاولت مؤخرا تبرير الاعتقالات الاخيرة في صفوف المعارضين بقولها ان المعتقلين كانوا يخططون لاثارة احداث عنف مضادة للحكومة، غير ان جوربا لاكريشنان ناجابان، الذي ظل قيد الحبس الانفرادي لمدة 51 يوما، قال ان اسباب اعتقاله تختلف تماما، مؤكدا ان السلطات لم تجر معه أي استجواب حول اسلحة أو مظاهرات او أي من الادعاءات التي تحدثت عنها الحكومة في الاسباب التي ادعت انها وراء حبس المعتقلين.

واضاف ناجابان انه يعتقد ان السلطات الماليزية تريده ان يعمل لصالح الجهات الامنية، واصفا هذه التكتيكات بأنها تعكس مدى الازمة التي تعاني منها القيادة. واشار الى ان الاجراءات الاخيرة ضد المعارضين تعكس رغبة مهاتير محمد في عمل كل شيء من اجل البقاء في منصبه كرئيس للحكومة، وانه ربما لم يستطع وقف حركة الشارع اذا لم يستخدم «قانون الامن الداخلي».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»