هل تنجح الأمم المتحدة في تسييس مأساة اللاجئين؟!

TT

هل تنجح الامم المتحدة في بحر الاسابيع المقبلة في تسييس قضية اللاجئين واللجوء السياسي ومعها مرض الايدز بأرقامه الفلكية في القارة الافريقية؟

الثابت الوحيد مع الامم المتحدة هو انها قد قررت في ما هو واضح ان تقرع الاجراس، وان تنتقد علنا سلوك الدول الغنية تجاه القضيتين، وان تشفع نقدها بلغة الارقام التي لا تكذب على النحو الذي اوضحه بجرأة رود لوبرز مفوض الامم المتحدة لشؤون اللاجئين.

واوضحت تقارير اخيرة لمفوضية شؤون اللاجئين ان على المفوضية ان تستغني عن نحو 765 من موظفيها العاملين في شؤون اللاجئين، بعد تقاعس الدول الاوروبية في تقديم العون المالي المطلوب للوكالة.

بين «الطرائف» التي حملتها تلك التقارير ان دولة واحدة هي اميركا قد رفعت مساهماتها المالية بين عقد التسعينات والالفية الجديدة حيث قدمت 245.1 مليون دولار عام 2000 مقابل 239.9 مليون دولار في حقبة التسعينات، فيما تراجعت مساهمات دول الاتحاد الاوروبي من 220.9 مليون دولار عام 1992 الى 95 مليون دولار عام 1999، ثم الى 38 مليون دولار عام 2000. بمعنى ان مساهمة اوروبا قد انخفضت من 19.5% الى 5% فقط.

والطريف ايضا ان الامم المتحدة فوجئت بجبهة اخرى جديدة في قضية اللاجئين فتحتها باكستان وايران، برفضهما قبول المزيد من اللاجئين الافغان، فيما لجأت دول افريقية كثيرة الى اغلاق حدودها في وجه لاجئين من دول تعتصرها الحروب الاهلية، خاصة في غرب افريقيا، حيث حالة اللااستقرار الواضحة في دول مثل ليبريا وساحل العاج وسيراليون.

على مثل تلك الخلفية تبدو مهمة كوفي أنان، الذي جاهر بانتقاد الدول المتقدمة وتبعه رود لوبرز، صعبة. فقضايا اللاجئين موجودة اصلا في اجندة الاحزاب الاوروبية ومعظمها ادخل القضية في حلبات المزايدة السياسية، دعك من تحويلها الى قضية عرقية على النحو الذي فعله حزب المحافظين البريطاني خلال انتخابات السابع من يونيو (حزيران) الجاري، ومن قبله اليمين الفرنسي وبعض الاحزاب الالمانية.

اما على صعيد الايدز فحسب الامم المتحدة قرارها الجريء بعقد جلسة خاصة لمجلس الامن قبل نهاية الشهر الجالي، لمناقشة الايدز ومكافحته في ضوء ارتفاع كلفة علاجه، وتلكؤ دولة مثل اميركا في تقديم الدواء لحوالي 23 مليون مريض في افريقيا، من اصل 36 مليون مصاب بالفيروس في العالم، وبدعاوى يراها كثيرون واهية، وبينها اتهام مدير الوكالة الاميركية العالمية للتنمية للافارقة بانهم «لا يقيمون وزنا للزمن» وبالتالي لن يلتزموا تناول جرعات دواء الايدز في موعدها لتصبح عمليات تقديم الدواء عبئا على دافع الضرائب الاميركي.

ومع ذلك، ففي جعبة انان بعض المرجعيات السياسية التي قد تعينه على اقناع الدول الكبرى باعادة النظر في مواقفها تجاه قضيتي الايدز واللاجئين. وبين تلك المرجعيات قرار مجلس الامن في اول اجتماع له في الالفية الجديدة يناير (كانون الثاني) عام 2000، باعتبار الامراض المستوطنة شأنا اجتماعيا وسياسيا في ذات الوقت، واستجابة مجموعة الثماني في قمتها الاخيرة باليابان لذلك النداء، واستضافتها لرئيس نيجيريا اوباسانجو وجنوب افريقيا ثابو مبيكي كضيفي شرف لاستكشاف الآثار السياسية والاجتماعية للجوء والنزوح والايدز.

ولكن كل ذلك لا يعني بالطبع سهولة المعركة التي تخوضها الامم المتحدة، بالنظر الى طبيعة القضيتين بسبب ملامستهما للسيادة الوطنية للدول مع قضية اللاجئين، والموازنات القطرية لنفس الدول مع قضية الايدز.