ستة أحزاب جزائرية من التيار الديمقراطي تعد لمبادرة من أجل إنقاذ الجزائر

TT

دعت ستة احزاب وتنظيمات من التيار الديمقراطي، امس، «كل القوى الحية الوطنية والديمقراطية» الى الانضمام الى مبادرة من اجل انقاذ الجزائر من الخطر الذي يحدق بها واقتراح مبادرات جدية وعاجلة تحرر البلد من «الفشل التاريخي» لنظام الحكم.

واشار تصريح وقعت عليه اربعة احزاب سياسية هي التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية (غادر الائتلاف الحاكم اخيرا)، و«التحالف الوطني الجمهوري» الذي يرأسه رئيس الحكومة الاسبق رضا مالك و«الجبهة الديمقراطية» التي يقودها رئيس الحكومة الاسبق سيد احمد غزالي و«الحركة الديمقراطية الاجتماعية» (حزب يساري) الذي يرأسه الهاشمي الشريف، الى جانب لجنة المواطنين «للدفاع عن الجمهورية» وحركة «الحريات الديمقراطية»، الى ان «واجب الساعة يقتضي جمع القوى الاجتماعية والسياسية الديمقراطية والجمهورية لاعطاء امتداد ايجابي للاخذ بيد الطموحات المنبعثة من اعماق البلاد».

واكد التصريح، الذي يحمل عنوان «الامة في خطر» وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، ان «الاحداث الاليمة التي عاشتها منطقة القبائل وبقية مناطق الوطن كشفت بكل وضوح هشاشة الدولة ورفضها من قبل المواطن»، وهي الاحداث التي خلفت «عشرات القتلى ومئات الجرحى بغض النظر عن المفقودين». واضاف البيان «انها حصيلة مأساوية لنظام وضع وراء ظهره اهتمامات الشعب ولم يفهم ما طرأ على المجتمع من تحولات، انه نظام لا يستطيع ادراك ان ارهاب الدولة لا يمكن ان يخضع شعبا استطاع ان يقاوم فظاعة الارهاب الاصولي». وكشف مسؤول وقع على التصريح ان اصحاب المبادرة سيلتقون اليوم لوضع اللمسات الاخيرة على برنامج العمل.

من جهته، وصف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الاحداث التي تشهدها بلاده بانها «نوع آخر من الارهاب»، وابدى بالمقابل استعدادا للتحاور من اجل ايجاد الحلول لمشاكل الجزائريين، شرط ان يكون ذلك في جو هادئ. وشدد بوتفليقة، في خطاب القاه في مدينة ادرار (اقصى جنوب البلاد) قبل ان يعود امس الى العاصمة، على انه متعاطف مع «المشاكل الصعبة» التي يعيشها الشباب الجزائري الغاضب على الذين ينهبون البلاد، وعلى الذين يسرقون اموال الشعب»، وان «الحل لا يوجد على الاطلاق في غياب الحوار»، لكن الوصول الى ذلك «يقتضي ان تسقط الاقنعة وان نعرف من يتحاور مع من ».

ووجه الرئيس بوتفليقة اتهامات شديدة لزعيم «جبهة القوى الاشتراكية» المعارض حسين آيت احمد، على تحركاته في الخارج من اجل الضغط على النظام الجزائري، وتوجه اليه قائلا «من السهل ان تعارض مادا يدك للعدو الاجنبي، الذي لن يصبح صديقا مهما فعلت، لأنك استرجعت منه الفردوس المفقود (مجاهدو الثورة التحريرية الذين استرجعوا الجزائر من الاستعمار الفرنسي)». واضاف مخاطبا آيت احمد دائما «انك وان كنت من اوائل من رفع السلاح ضده (الاستعمار)، فانك لن تبقى مناضلا مجاهدا الا بوفائك لرفعك للسلاح ضد المستعمر الغاشم من المهد الى اللحد، وكل تواطؤ مع البلدان الاجنبية لن يخدم بطبيعة الحال الا الاجانب على حساب الجزائريين»، مضيفا «اخي العزيز، اخواني، ألا ترجعون الى منابعكم الوطنية وتكفون عن هدم بلادنا بالمعاول التي تأخذونها من هنا وهناك، من عواصم لها حسابات قديمة وليست على ابواب التصفية مع بلدكم الجزائر».

على صعيد آخر، نفى مالك وجود اية علاقة بين المظاهرات والاضطرابات التي تعرفها عدة مناطق في الجزائر وبين ما تصر السلطة على اعتباره «مؤامرة» مدبرة من الخارج. واوضح مالك ان «هذه الاهتزازات لا علاقة لها بأي تحرش ولا هي نتيجة مؤامرات وهمية»، بل ان الامر لا يعدو ان يكون رد فعل طبيعيا من طرف مواطنين «يشعرون بالاختناق، وكلما زاد هذا الاختناق فانهم ينفجرون من اجل التذكير بحقوقهم». واكد المسؤول السابق في بيان حصلت «الشرق الأوسط» امس على نسخة منه، ان الاحداث الاخيرة «تدل على ان الكيل قد طفح»، وعندما يقتنع الجزائريون بان «مشاكلهم اليومية تتفاقم من دون اي افق لحلها، فانهم يفقدون كل امل أمام المشهد المقيت لاستخدام النفوذ والرشوة الفادحة والإثراء بدون حق».

واوضح رئيس الحكومة الاسبق ان اي حل او اجراء لتهدئة الوضع لا بد «في المقام الاول» ان يمر عبر تخلص السلطة «من العناصر غير الشعبية التي جرى تعيينها اخيرا في مناصب عليا»، ذلك ان «مصداقية السلطة تقاس باختيار الرجال»، وهي اشارة واضحة الى اختيار الرئيس بوتفليقة صديقه محمد الشريف مساعديه لتولي منصب رئيس مجلس الامة (الغرفة البرلمانية الثانية) بدلا من بشير بومعزة. ومعروف ان مساعدية يمثل في ذهن الشباب رمزا من رموز النظام الفاسد. وكان الرئيس الاسبق الشاذلي بن جديد قد طلب منه، عقب مظاهرات اكتوبر (تشرين الاول) عام 1988، الانسحاب من الساحة السياسية بعد ان كان الرجل الثاني في الدولة، وبقي في الظل ليعود مع بوتفليقة الى الواجهة، ويصبح ايضا الرجل الثاني في هرم السلطة.

الى ذلك، منعت شرطة مكافحة الشغب، امس مسيرة سليمة في مدينة سطاوالي (الساحل الغربي للعاصمة) دعا اليها سكان البلديات المجاورة من اجل اجبار الحكومة على فتح شاطئ نادي الصنوبر وموريتي امام «ابناء الشعب»، بعد ان كانا لعدة سنوات حكرا على المسؤولين الكبار في الدولة ورؤساء بعض الاحزاب الموالية للسلطة والبرلمانيين. وقد اضطر المتظاهرون الى البقاء في الساحة المركزية لمدينة سطاوالي، مطوقين برجال الشرطة الذين حضروا بقوة، غير ان المجتمعين فضلوا ان يفترقوا في هدوء بعد ان تعانقوا مع بعضهم بعضا ووعدوا بانهم سيعودون وسيطالبون بفتح الشاطئين للجميع. على صعيد تطورات الاوضاع، اعلنت، امس مصادر رسمية عن وفاة شخصين بالرصاص في بلدية ذراع الميزان بولاية تيزي وزو، اثر مظاهرات ومواجهات شديدة مع قوات الامن اول من امس، وقد اصيب خلالها عدة متظاهرين بجروح متفاوتة.

من جانبه، افاد بيان للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الاولى) ان النواب سيفتحون، الثلاثاء المقبل، نقاشا عاما حول الاحداث التي تشهدها منطقة القبائل وعدة مدن اخرى.

واعلن بيان صادر عن قيادة الدرك ان 966 دركيا اصيوا بجروح، بينهم 273 جروحهم بالغة و22 اصيبوا بحروق من الدرجة الثالثة خلال مظاهرات في منطقة تيزي وزو.

واضاف البيان، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، ان 19 شخصا من عائلات رجال شرطة اصيبوا ايضا بجروح، بينهم ثلاثة اطفال وخمسة فتيان.

وافاد المصدر نفسه ان حوالي 258 آلية للدرك دمرت، في حين ان هجمات متظاهرين استهدفت 35 مخفرا للدرك اسفرت عن تدمير ثلاثة مخافر بنسبة 80 في المائة واثنين بنسبة 50 في المائة كما دُمر مبنيان كانا قيد البناء.

من جهتها، تحدثت الصحف الجزائرية عن مقتل حوالي عشرة رجال شرطة ودرك في المظاهرات في منطقتي القبائل الكبرى والصغرى.

ولم تقدم قيادة الدرك حصيلة القتلى والاضرار في منطقة بجاية في القبائل الصغرى وفي البويرة والمناطق الاخرى شرق الجزائر المتضررة بفعل المظاهرات بدءا من 14 يونيو (حزيران) الحالي.