لائحة الاتهام الأميركية تكشف تفاصيل في عملية التخطيط لتفجير الخبر منذ التخطيط في مقام السيدة زينب بدمشق إلى مرحلة التنفيذ

اتهمت طهران بتمويل العملية وإبلاغ المتهمين بالتعليمات النهائية في اجتماع ببيروت

TT

المئذنتان التوأمان بطوبهما الازرق، والقبة المهيبة ذات الاوراق الذهبية لضريح السيدة زينب تطل على الضاحية الجنوبية لمدينة دمشق. هنا، من هذا المكان الديني المقدس، تم التخطيط الاولي لأكثر الهجمات دموية ضد مواطنين اميركيين، حسبما ورد في لائحة اتهام صدرت الاسبوع الماضي من المحكمة الجزئية الفيدرالية في الكساندريا بولاية، فرجينيا الاميركية. الوثيقة المعنية بصفحاتها الـ29، تبدو كخريطة طريق تقود الى اعتداء الخبر بالسعودية الذي اسفر عن مقتل 19 جنديا اميركيا وجرح 372 من الرجال والنساء والاطفال قبل خمس سنوات.

نادرا ما تم هذا التحديد الدقيق، لنقطة البداية لهجوم ارهابي خارجي، بهذه الصورة العلنية.

بني ضريح السيدة زينب بتمويل ايراني. وكانت ايران حسب المدعي العام الاميركي جون اشكروفت، هي التي «اقنعت ودعمت واشرفت» على المتآمرين. ومع ان المسؤولين الايرانيين ينفون اي دور لهم في هذا الحدث، الا ان وثيقة الاتهام اوردت غير ذلك.

يزور الشيعة من كل انحاء الشرق الأوسط هذا الضريح. واثناء احدى هذه الزيارات قام ما يسمى «الفرع السعودي» لـ«حزب الله» بتجنيد عدد من الشباب. وكان من بين هؤلاء الثلاثة الذين كونوا خلية كلفت بتنفيذ الهجوم على الاميركيين بالسعودية. وتم التجنيد عامي 1991 و1992. تسارعت وتائر تنفيذ المخطط عام 1993 اذ قام ثلاثة من كبار نشطاء «حزب الله» بمسح اوضاع الاميركيين في السعودية لتحديد احد الاهداف. ثم قدموا تقارير لاحمد المغسل، الذي تقول الوثيقة انه قائد الجناح العسكري لهذا التنظيم وقائد العملية المعنية ويبدو ان مقره بيروت لكنه كان يسافر الى السعودية. التقارير المشار اليها نقلت الى «مسؤولين ايرانيين».

اواخر عام 1994، وجد المجندون الثلاثة ـ علي المرهون وصالح رمضان ومصطفى المعلم ـ هدفهم المبتغى: مجمع «ابراج الخبر» الذي كان الاميركيون يسكنون شققه الاقرب الى الطريق ولا يبعد السور الذي يحيط بهذا المجمع سوى 35 ياردة عن شقق الاميركيين، مما سهل زرع قنبلة ضخمة.

بحلول يونيو (حزيران) 1995، اخذت الخلية تستكشف «ابراج الخبر» بانتظام مستخدمة اموالا ايرانية. وفي اواخر الخريف استدعيت الخلية الى بيروت لتزويدها بالتعليمات النهائية حول العملية والقاضية بتدمير «ابراج الخبر» باستخدام شاحنة بصهريج معبأ بالمتفجرات والغازولين. في اوائل 1996، عاد رمضان وهو يقود سيارة معبأة بالمتفجرات الى السعودية وكان مجند آخر من مجندي 1992، اسمه فاضل العلوي، قام في مارس (اذار) 1996 بقيادة سيارة من لبنان عبر سورية والاردن وحتى الحدود السعودية. حيث اكتشف حرس الحدود 84 رطلا من المتفجرات البلاستيكية مخبأة داخلها. ومعروف ان رطلا واحدا او رطلين يكفي لتفجير طائرة. وقد اعتقل العلوي وهو الذي قاد الامن السعودي الى اعضاء الخلية الآخرين.

لكن ذلك لم يردع المغسل، قائد المجموعة الذي يقيم ببيروت، فسافر ثانية الى السعودية اوائل مايو (ايار) واخبر عبد الله الجراش وحسين المقحصل، وهما من مجندي مقام السيدة زينب، انه في حاجة لمساعدتهما. واعطى المقحصل جهازا لتوقيت القنابل. وبدأ المقحصل وعلي الهوري، وهو من كوادر «حزب الله»، يشتريان المتفجرات.

في منتصف يونيو، اجيزت الترتيبات النهائية للهجوم، في اجتماع بنفس المكان الذي خططت فيه المؤامرة: مقام السيدة زينب بدمشق. وفي يوم 25 يونيو 1996، التقى المغسل والهوري والجراش والمقحصل وهاني الصايغ واحد كبار اعضاء الحزب من ذوي الصلات القوية بالجيش الايراني، لمراجعة الاستعدادات.

قبل الساعة العاشرة مساء بقليل، قاد الصايغ يصحبه الجراش، سيارة داتسون الى داخل موقف السيارات بابراج الخبر، بالقرب من المبنى 131. أرسلت سيارة الداتسون اشارات تؤكد ان كل شيء على ما يرام. حينها قاد المغسل، يصحبه الهوري الشاحنة الحاملة للقنبلة الى المجمع واوقفها عند سور امام المبنى. وبعد ايقاف الشاحنة استقلوا سيارة كابريس، كانت معدة للهروب وتبعتهم سيارة الداتسون. بعد ثلاث دقائق انفجرت الشاحنة، وشطرت المبنى منتزعة واجهته. هرب جميع المتآمرين، وخرج اغلبهم من البلاد. وما يزال بعضهم احرارا.

* خدمة: «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»