القوميون السلاف يقتحمون البرلمان المقدوني احتجاجا على سماح ترايكوفسكي بإجلاء المقاتلين الألبان

TT

سراييفو: عبد الباقي خليفة لندن ـ لوكسمبورغ ـ أومين دول (مقدونيا): ووكالات الأنباء بدأ الجيش المقدوني امس قصف قرية قرية نيكوشتاك في شمال شرق البلاد التي يسيطر عليها الالبان. وقال شهود عيان ان المدفعية الثقيلة ضربت القرية الواقعة على بعد نحو ستة كيلومترات من اراتشينوفو حيث اجليت مجموعة من المقاتلين الالبان بمساعدة حلف شمال الاطلسي ومبعوثي الاتحاد الاوروبي مساء الاثنين الماضي.

وادت هذه الخطوة الى قيام احتجاجات من القوميين السلاف في مقدونيا والمتشددين من قوة الشرطة الاحتياطية في العاصمة سكوبيه. وتزامن القصف مع تجدد دعوة الاتحاد الاوروبي للتوصل الى حل سياسي للتمرد المستمر منذ اربعة اشهر والذي جعل البلاد على شفا حرب اهلية.

وكان حوالي 15 ألف شخص على الأقل قد تظاهروا أمام البرلمان المقدوني صباح امس ومساء الاثنين الماضي احتجاجا على اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة مع المقاتلين من ذوي الأصل الألباني، وطالبوا الرئيس بوريس ترايكوفسكي بالاستقالة. وتمكن بعض المتظاهرين من اقتحام المجمع الذي يضم مبنى البرلمان والمقر الشخصي للرئيس. وكانت الجمهورية اليوغوسلافية السابقة قد اقتربت من حافة الحرب الاهلية بعد ان قاد الاتحاد الاوروبي جهودا لوقف هجوم للجيش المقدوني على المقاتلين الالبان مما فجر احتجاجات عنيفة في العاصمة سكوبيه ومعارك في مناطق اخرى.

وظهر أحد المتظاهرين في شرفة بالمجمع وهو يحمل في يده مدفع كلاشنيكوف وأطلق بضع طلقات في الهواء وسط تهليل المتظاهرين، في حين وقفت الشرطة من دون تدخل. وكان الرئيس ترايكوفسكي موجودا في مقر إقامته في ذلك الوقت، ومجتمعا مع الأحزاب المقدونية والألبانية الرئيسية في محاولة لبدء مفاوضات لإنهاء الصراع الدائر بين قوات الحكومة والمقاتلين المتحدرين من أصل ألباني، والتي كانت قد توقفت الأسبوع الماضي بعد تجدد الاشتباكات.

وقال شهود عيان إن أكثر من 12 شخصا من بينهم رجل شرطة وجنود ومدنيون، أطلقوا النيران في الهواء. واقتحم بعض المتظاهرين البرلمان وبدأوا على الفور في إلقاء أجهزة كومبيوتر من النوافذ في حين بدأ البعض الآخر في تحطيم سيارات المسؤولين خارج المبنى.

واضافوا إن حراس البرلمان منعوا بعض المتظاهرين من الدخول، بينما لم يتخذ أفراد الشرطة خارج المجمع أي تحركات لكبح جماح المتظاهرين. واشاروا الى أن جنود احتياط في الجيش، غير مسلحين، انضموا إلى صفوف المتظاهرين، وردد المتظاهرون هتافات طالبوا فيها الرئيس ترايكوفسكي ورئيس وزرائه ليوبكو جورجيفسكي بالخروج إليهم، وإلا لن يعترفوا بهم كزعيمين سياسيين للبلاد.

وجاءت تلك المظاهرات في الوقت الذي بدأ فيه المقاتلون الألبان انسحابهم من قرية على ضواحي العاصمة سكوبيه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الاتحاد الأوروبي. وضمن الاتفاق للمقاتلين الخروج بسلام من القرية من دون أن يضطروا لنزع أسلحتهم، إذ نقلتهم حافلات من القرية للجبال السوداء إلى الشمال من العاصمة بعد ثلاثة أيام من القصف المكثف من قبل قوات الحكومة. وكان أكثر ما أثار الحشد المكون غالبيته من السلاف المقدونيين، ما قالوا إنه تساهل الاتفاق مع المقاتلين. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن أحد المتظاهرين قوله: «لا نفهم ما حدث، أو لماذا سمح للمتمردين بالمغادرة بأسلحتهم والبقاء هنا في البلاد، حيث يريدون قتل المزيد من الأشخاص؟».

ومع مرور الوقت ظل الموقف على توتره، وبدأ الحشد في وصف الرئيس ترايكوفسكي بالخائن لتوقيعه الاتفاق وطالبه بالاستقالة، كما وصفوا حلف شمال الأطلسي كذلك بالخيانة. ووجه الاتحاد الاوروبي امس تحذيرا قويا الى مقدونيا بألا تحاول حل الازمة عسكريا، وان تبدأ محادثات جادة لتحسين حقوق الاقلية الالبانية التي تشكل ثلث سكان البلاد، من اجل المساعدة على اقناع المقاتلين الالبان بتسليم اسلحتهم.

ومساء امس قال الاتحاد الاوروبي ان الرئيس المقدوني لا يزال ممسكا بزمام الامور بعد ليلة من الاحتجاجات في العاصمة. وقالت آنا ليند وزيرة خارجية السويد التي ترأس بلادها حاليا الاتحاد: «تلقينا تأكيدات تفيد ان الرئيس والحكومة يسيطران سيطرة كاملة على الجيش والشرطة». واضافت: «التطورات الجديدة تظهر مدى خطورة الموقف لكن من الواضح انه لا يوجد حل عسكري للصراع، ونأمل ان يدرك الجميع ان الطريق الوحيد المتاح للتحرك قدما هو الامتناع عن العنف واجراء حوار مشروع من خلال القنوات السياسية».

وفي لندن اعلنت الخارجية البريطانية ان جاك سترو وزير الخارجية الغى امس زيارته لمقدونيا بعد اندلاع اشتباكات في العاصمة سكوبيه وانباء عن وقوع معارك في مناطق اخرى. وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية: «قرر وزير الخارجية على ضوء الاحداث انه من غير المناسب المضي قدما بالزيارة».