مؤتمر «الشرق الأوسط في لندن» يسلط الأضواء على علاقة العرب بـ«موطنهم الثاني»

الاستثمارات العربية تحتل مكانة متميزة في حياة لندن الاقتصادية

TT

انطلقت امس فعاليات مؤتمر «الشرق الأوسط في لندن» الذي ينظمه معهد الدراسات الشرقية والافريقية (سواس) بجامعة لندن، وصرح البروفيسور كولن بوندي، مدير المعهد، لـ«الشرق الأوسط» بأن «أهمية المؤتمر تنبع من كون سواس واحداً من أبرز المراكز الأساسية للخبرات المختلفة حول الشرق الأوسط، ومن ان المؤتمر الحالي يتميز عن سابقيه باتساعه وتوجيهه اضواء اقوى على قضايا المنطقة من خلال التركيز على جوانب معينة لعلاقتها ببريطانيا من جهة، وعلى تراثها من ناحية أخرى».

وأضاف: «من المهم للغاية تدارس القضايا التي تتصل بالشرق الأوسط وبريطانيا، خصوصاً ان كلاً منهما يلعب دوراً أساسياً في تطوير الآخر وإعادة رسم صورته».

وحول الاتهامات الاسرائيلية للمؤتمر بـ«مقاطعة» الدولة العبرية اكد البروفيسور بوندي «اننا لم ندع ممثلين عن الحكومة الاسرائيلية او أي حكومة أخرى. لقد عاملنا تل أبيب كما عاملنا الآخرين، والجهة الرسمية الوحيدة التي تساهم في انجاح المؤتمر هي الحكومة البريطانية، وقد جاء التمويل بكامله من مؤسسات خاصة».

وأجمع المتحدثون في جلسات المسار الأول الذي كُرس للاستثمارات والمصارف والمسائل المالية على وجود علاقة وثيقة للغاية بين العالم العربي والعاصمة البريطانية. ولفتوا الى ان هذه العلاقة تعود لأسباب في طليعتها تاريخ الصداقة الطويلة بين الطرفين والذي يرقى الى أواخر القرن الخامس عشر حين بدأ البريطانيون تعاملهم التجاري مع الخليج العربي والتطور الذي تتمتع به لندن كواحدة من أهم المراكز المالية في العالم. وزادوا ان القرب الجغرافي، والثقة المتبادلة، فضلاً عن ان اللغة الانجليزية هي اللغة المالية العالمية بامتياز، قد ساهمت كلها في جعل لندن «المدينة العربية الوحيدة الواقعة خارج الوطن العربي»، على حد تعبير جورج عسيلي، مدير اللجنة المالية في غرفة التجارة العربية البريطانية، و«الوطن الثاني لكثير من العرب» (الخليجيين) حسبما ذكر تيري ستون مدير بنك «أ. ب. سي» والخبير المصرفي بالعلاقات العربية البريطانية.

وكان ستون قد أشار في سياق الورقة التي قدمها في جلسة «الأعمال والمال» تحت عنوان «لندن: شريك مالي للشرق الأوسط» الى المكانة المتميزة التي تحتلها الاستثمارات العربية في حياة لندن الاقتصادية، بدليل استضافة وزيرين من عمان وقطر على طاولة محافظ مدينة لندن المالية خلال ابرز مناسبة اقتصادية سنوية تشهدها العاصمة البريطانية. وبعدما سلط الضوء على مكانة لندن كعاصمة للمال تضم مصارف اميركية ويابانية اكثر مما في نيويورك وطوكيو، وتجري في سوق بورصتها اكثر من 58 في المائة من التعاملات المالية على مستوى العالم كله، أكد الخبير المعروف ان على لندن ان تعمل على تعزيز روابطها مع الشرق الأوسط. ودعا الى تعاط مع الشرق الأوسط يتسم بالواقعية، خصوصاً لجهة المواقف من التغييرات التي تشهدها المنطقة العربية عموماً والخليجية خصوصاً. وأكد ان من واجب البريطانيين ان يقدموا كل دعم ممكن للأسواق والمؤسسات العربية المحلية.

ومن جهته، ناقش براد بورلاند، كبير اقتصاديي «البنك السعودي ـ الأمريكي» موضوع «الدول العربية الخليجية: حركة الاستثمارات الخارجية وضرورات الاستثمارات الداخلية». ولاحظ عدم وجود توازن بين المبالغ التي يرصدها الممولون الخليجيون للاستثمار الخارجي والداخلي، مؤكداً ضرورة ضخ المزيد من الأموال في الأسواق الداخلية. بيد انه أوضح ان عدم نضوج مركز مالي عربي قوي يلعب دوراً أساسياً في عرقلة حركة الاستثمارات الداخلية، مبيناً ان التطورات التي تشهدها الصناعة المصرفية السعودية خصوصاً تدعو الى التفاؤل مع ان السوق الخليجية في حاجة الى مزيد من التطوير كي تصبح قادرة على منافسة لندن كمركز مالي راسخ تاريخياً.

واشتملت جلسة «لندن مدخلاً للاستثمارات العربية» على ثلاث أوراق لفت في أولاها البروفيسور لورنس هاريس الى حاجة دول المشرق العربي الى مزيد من الاستثمارات والحركة المالية، موضحاً ان مصر تتميز عن شقيقاتها الأخريات كسورية والأردن ولبنان بأنها استطاعت ان تستقطب عمليات مالية واستثمارية تفوق قيمتها الأموال والاستثمارات المصرفية المتجهة من مصر الى العالم الغربي. ورد ذلك الى الشفافية المتزايدة والانفتاح المطرد في السياسة الاقتصادية التي تنتهجها مصر.

وأشار بول تيمبست، الأمين العام السابق لمؤتمر البترول العالمي، في ورقة تحت عنوان «الروابط بين الخليج وبحر الشمال» الى دور بريطانيا في مساعدة دول خليجية على تطوير عملاتها وأوضاعها المالية المحلية، كما تحدث بشيء من الاسهاب عن تقديم البريطانيين الخبرة اللازمة للمستثمرين العرب، لا سيما «مكتب الاستثمارات الكويتي» الذي عرفه الخبير عن كثب. وفيما اوضح أهمية التعاون المتبادل بين الخليج والصناعة البريطانية النفطية التي عادت على الطرفين بفوائد جمة، أكد تيمبست أهمية الدور الذي تلعبه منظمة اوبك، لا سيما من حيث تنظيم السوق النفطية العالمية والقيام بمهمة الوسيط الودود بين الدول المصدرة للنفط والمستثمرين العالميين. وناقش البروفيسور ايان إيدج بدوره المكانة التي تتبوأها لندن كمدينة تضم قدراً كبيراً من الخبرات القانونية المتوفرة في العالم خصوصاً في ما يتصل بحل النزاعات بين الدول حول الحدود أو حول قضايا مالية ونفطية واستثمارية.

وتناولت جلسات المسار الثاني عدداً من المسائل المتعلقة بوشائج الفنون والآداب الشرق اوسطية مع العاصمة البريطانية. واشتملت على عروض أفلام سينمائية ايرانية، ومناقشات ركزت على الفن الاسلامي وبهائه المميز.