مسؤولون في واشنطن وتل أبيب يحاولون التقليل من الخلاف بين بوش وشارون والفلسطينيون يرحبون بموقف الرئيس الأميركي

TT

تل أبيب: «الشرق الأوسط» بدا واضحا الخلاف بين الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون في تقويم كل منهما للوضع الراهن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك بالنسبة للخطوة التالية نحو تنفيذ توصيات لجنة ميتشل. فبينما قال الرئيس بوش ان تقدما محدودا احرز على طريق وقف العنف، مما يعني ان الامكانية متوفرة للدخول في الخطوة التالية وهي اجراءات بناء الثقة، قال شارون ان الوضع لا يسمح بمثل ذلك، وانه لا بد من «وقف نهائي للعنف» لمدة عشرة ايام على الاقل، لتبدأ بعدها فترة التهدئة لمدة 6 اسابيع. وتأكد هذا الخلاف في مؤتمر صحافي عقده مسؤول كبير في الادارة طلب الا يذكر اسمه، بعد المحادثات، تحدث فيه عما دار فيها وما تحقق والخطوات التالية. وبينما سعى مسؤولون اميركيون واسرائيليون الى التقليل من حجم هذا الخلاف قال آخرون ان التفاهم الذي كان قائما بين شارون وبوش قد ولى واعتبرت الصحف الاسرائيلية ان شهر العسل بين شارون وبوش انتهى. وقال امين عام مجلس الوزراء الفلسطيني احمد عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «اننا نعبر عن تقديرنا للموقف الذي اتخذه الرئيس بوش امام رئيس وزراء اسرائيل، مؤكدا ان ذلك بمثابة «صفعة لشارون».

وفي واشنطن حاول مسؤول اميركي كبير دون نجاح، التقليل من اهمية الخلاف فقال، ان ما طالب به شارون (وقف تام للعنف لمدة عشرة ايام، والتهدئة 6 اسابيع) ليس جديدا، وان ما يجري العمل عليه الآن ايجاد الطريق للتحرك الى الامام، وقال: ان هناك حاجة لفترة تهدئة، لكن الاطراف هي التي تحدد مدة الفترة، للتحرك نحو تطبيق توصيات تقرير ميتشل، ولهذا غادر وزير الخارجية كولن باول الى المنطقة، حيث سيحاول معرفة ما يمكن القيام به لمساعدة الاطراف على التحرك قدما.

وردا على اسئلة متكررة عن الخلاف في تصريحي الرئيس بوش وشارون اكد المسؤول الكبير انه ليس هناك خلاف في الرأي بينهما، بل ذلك يعكس الحالة الراهنة لوقف النار الهش، ولذلك «فاننا في حاجة لرؤية الجهود من الطرفين لتعزيز وقف النار والتحرك الى الامام». وعكس قول المسؤول ان على الطرفين القيام بالجهود، ان الرئيس بوش والادارة لا يتفقان مع شارون ان العمل المطلوب هو من الجانب الفلسطيني فقط، اذ يعترف المسؤولون الاميركيون انه من المستحيل على السلطة ان تضع نهاية للعنف بشكل كامل، وان كانوا لا يزالون يطالبونها بالعمل 100 في المائة مما تقدر عليه من جهد.

ولم يكن الخلاف فقط على فترة العشرة ايام، او فترة التهدئة 6 اسابيع، بل ايضا على موضوع تجميد النشاط الاستيطاني الذي قال المسؤول الكبير ان الموضوع جرى بحثه. وتجنب المسؤول الرد على السؤال ان كان شارون وافق على الالتزام بوقف النشاط الاستيطاني كما يريد الرئيس بوش وكما جاء في توصيات لجنة ميتشل، اذ تمسك شارون بموقفه المتمثل في وقف تام للعنف وفترة تهدئة 6 اسابيع قبل الدخول في الخطوات التالية.

وقال المسؤول: ان الادارة مع ما ورد في تقرير ميتشل بكل عناصره، ومنها كما يعرف الجميع وقف النشاط الاستيطاني، وان الوزير باول في جولته سيعمل مع الاطراف على كيفية الدخول في مرحلة اجراءات بناء الثقة. وشدد المسؤول الكبير، في تأكيد غير مباشر للخلاف على القول: ان موقفنا واضح تماما وهو الالتزام بتنفيذ جميع ما ورد في تقرير ميتشل بكل عناصره.

وقلل المستشار السياسي لرئيس الحكومة الاسرائيلية، زلمان شوفال، الذي كان سفيرا لاسرائيل في واشنطن، من شأن هذه الخلافات التي كما قال بالغ فيها الاعلام الاسرائيلي والاميركي.

وقال شوفال «كان معروفا لنا ان البيت الابيض يفكر بطريقة مختلفة عنا في موضوع وقف النار ومجمل العلاقات الاسرائيلية ـ الفلسطينية، ولم نفاجأ بشيء. لكن جوهر العلاقات بيننا وبين الادارة الاميركية لم يمس بتاتا، بل بالعكس. فهناك امور متقدمة على صعيد العلاقات الثنائية. غير ان المحلل السياسي الاسرائيلي جوزيف الفر مستشار ايهود باراك يعتبر الخلاف ضربة قاصمة. وقال انها المرة الاولى التي يشير فيها رئيس اميركي بوضوح الى انه اقرب الى جانب الفلسطينيين على الاقل في ما يتعلق بشأن الجدول الزمني.

واضاف شوفال، الذي كان قد زار واشنطن والتقى عددا من كبار المسؤولين فيها، الاسبوع الماضي، عندما ذهب لتمهيد زيارة شارون «ان الولايات المتحدة ما تزال اقرب دولة في الغرب الى الموقف الاسرائيلي في كل المواضيع، بما في ذلك موضوع وقف النار . وهي ما تزال ممتنعة عن استقبال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في البيت الابيض، لانها غير راضية عن سياسته ومقتنعة مثلنا بأنه لم يتخل عن سلاح الارهاب في معركته السياسية».

وأكد المسؤول الاسرائيلي ان الرئيس بوش لن يفرض على اسرائيل جدولا زمنيا لوقف اطلاق النار. وقال بوضوح انه يطلب ولا يفرض ان نبدأ فورا في فترة السكينة لمدة خمسة اسابيع (اسرائيل تطلب ان تكون هذه الفترة 6 اسابيع، وان تسبقها عشرة ايام يثبت فيها الفلسطينيون انهم سيوقفون اطلاق النار تماما).

وعلم في اسرائيل، امس ان وزير الخارجية الاميركي، كولن باول، الذي وصل الى القاهرة محطته الاولى في هذه الجولة امس لن يحمل معه جدولا زمنيا الزاميا. وقرر ان يجري محاولة للتوصل الى تفاهم على جدول زمني بمشاركة الطرفين.

وقال مصدر اسرائيلي مخول ان باول لم يأت الى المنطقة برغبته او برغبة رئيسه بوش «فهما على عكس الادارة السابقة للبيت الابيض، ليسا معنيين بالتدخل الزائد في قضية الشرق الاوسط او اية قضية اخرى في العالم، ولكنهما وافقا على التدخل حاليا بضغط شديد من المملكة العربية السعودية ومن مصر».

وكان شارون قد اعلن في ختام لقائه مع بوش، فجر امس، انه لم يغير موقفه المبدئي. ويصر على ان لا تبدأ فترة السكينة الا اذا توقف اطلاق النار تماما، ولعدة ايام طويلة.