بغداد: موقف موسكو وضع العقوبات الذكية في طريق مسعدود

الصحاف يرفض ضمنيا المشروع الروسي المضاد للمشروع الأميركي ـ البريطاني

TT

بغداد ـ دبي: وكالات الأنباء اعلن نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز ان فرص اقرار «المشروع الأميركي البريطاني الفرنسي» في مجلس الأمن الدولي وصلت الى «طريق مسدود» بعد اعلان روسيا رفضه.

وفي تصريحات أدلى بها للصحافيين بعد افتتاح ندوة في بغداد امس قال عزيز ان «التطور الاكثر اهمية داخل مجلس الأمن هو ان روسيا اعلنت موقفها بأنها لن تسمح بتمرير المشروع الاميركي البريطاني الفرنسي» الذي يهدف الى رفع القيود على واردات العراق المدنية وتشديدها على العسكرية في اطار ما يعرف بـ«العقوبات الذكية».

واضاف عزيز الذي يتولى حقيبة الخارجية بالوكالة في الحكومة العراقية ان «فرص اقرار المشروع من قبل مجلس الأمن تضعف ان لم تكن قد وصلت الى الطريق المسدود».

لكن وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف رفض ضمنيا في مقابلة مع قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية في وقت لاحق امس المشروع الروسي. وقال ردا على سؤال «اي فكرة، اي مشروع قرار لا يقتصر وينصب كليا على رفع الحصار هو اتجاه لا نوافق عليه ايا كان مصدر ذلك».

واضاف «هذا الموقف مبدئي ليس موجها ضد اي دولة. هو موجه ازاء حالة حقيقية هي ان العراق يعاني من حصار جائر مفروض عليه وجرائم ترتكب ضده يوميا في الوقت الذي اوفى فيه بكل التزاماته».

وكانت روسيا قد اعلنت اول من امس انها تعارض المشروع الاميركي المدعوم من بريطانيا لمراجعة العقوبات المفروضة على العراق وتقدمت بمقترحات مضادة تنص على رفع الحظر المفروض منذ احد عشر عاما.

وقال دبلوماسيون ان معارضة موسكو تقلل من فرص اعتماد المشروع قبل انتهاء المهلة المحددة في الثالث من الشهر المقبل.

وينص المشروع الروسي على تعليق العقوبات فور اقامة نظام طويل الأمد لمراقبة الاسلحة العراقية ثم رفعها بعد 180 يوما بتوصية من الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، ورفضت الولايات المتحدة وبريطانيا هذه المقترحات.

وقال عزيز ان العراق اوفد وكيل وزارة الخارجية رياض القيسي الى نيويورك التي سيصلها اليوم للمشاركة في المناقشات التي تجرى داخل مجلس الأمن، موضحا انه «سيلقي ببيان يؤكد فيه رفض العراق هذا المشروع».

وفي نيويورك فسرت الأوساط الدبلوماسية الخطوة الروسية بأنها تعبير عن رفض موسكو لمشروع العقوبات الذكية وهي خطوة أثارت غضب واحتجاج الولايات المتحدة وبريطانيا مما دفع السفير البريطاني جيرمي غرينستوك الى القول «ان مشروع قرار روسيا هو نص مزعج تماماً». واضاف «يبدو انه يسعى الى اعادة كتابة شروط تعليق العقوبات التي تم الاتفاق عليها قبل 18 شهراً».

وهو بذلك يشير الى قرار مجلس الأمن الشامل 1284 الذي وضع شروط تعليق العقوبات المفروضة على العراق لقاء وفاء بغداد بما تبقى من قضايا ذات صلة بأسلحة الدمار الشامل وعودة نظام الرقابة والرصد المستمرين على اسلحة العراق. ويدعو القرار الى تعاون العراق الكامل مع مفتشي الأمم المتحدة للأسلحة خلال فترة لا تتجاوز 120 يوما تمهيداً لتعليق العقوبات.

وأيد القائم بأعمال البعثة الاميركية السفير جيمس كينغهايم الموقف البريطاني وقال «ان حكومته لا تجد اي عنصر ايجابي في مشروع القرار سوى الفقرة الاخيرة من المشروع عن عدم تهديد العراق للأمن والسلم الدوليين».

وانتقد كينغهايم السفير الروسي دون ان يشير اليه بالاسم قائلاً «يبدو انه من السخرية المرة انه كلما حاولت حكومتي والآخرون في ابداء الاستعداد لاتخاذ تغير جذري في الموقف نجد انفسنا عرضة للهجوم من قبل الآخرين الذين يدفعون منذ فترة طويلة باتجاه تغير النظام».

وبالرغم من امل بريطانيا في ان يتمكن مجلس الأمن من اعتماد القرار قبل الثالث من الشهر المقبل الا ان السفير الاميركي لمح الى امكانية تجديد برنامج «النفط مقابل الغذاء» في حالة عدم التوصل الى اتفاق لكنه لم يحدد لفترة تجديد البرنامج.

ودعت السعودية الى اعادة النظر في نظام العقوبات، وقال سفيرها لدى الامم المتحدة فوزي شبكشي «ان المملكة العربية السعودية وانطلاقا من ايمانها بالأخوة العربية والمبادئ الانسانية ورغبتها في تحقيق أمن واستقرار المنطقة من خلال انتهاج سياسة حسن الجوار اتخذت مبادرة لمعالجة الوضع في العراق».

وذكر ان المبادرة السعودية دعت الى اعادة النظر في نظام العقوبات المتبع واجراء مراجعة شامعلة تكون غايتها رفع المعاناة عن الشعب العراقي وذلك بالسماح للعراق باستيراد كل احتياجاته الانسانية من مواد طبية وغذائية وتعليمية دون الرجوع الى موافقة مسبقة من مجلس الأمن مع ضمان الالتزام بتسديد جميع التزاماته الدولية كالتعويضات ودفع المصاريف المترتبة على الرقابة المستمرة للأسلحة المحظورة في العراق. واوضح السفير شبشكي ان المبادرة السعودية تبنتها الجامعة العربية، غير ان العراق رفضها كما رفض ايضا المبادرة التي توصل اليها القادة العرب في قمة عمان الاخيرة.

وحمل السفير السعودي الحكومة العراقية مسؤولية استمرار العقوبات الدولية المفروضة على العراق وقال «انه بسبب سياسة الحكومة العراقية وتهربها من تنفيذ جوانب اساسية تضمنتها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

وناشد العراق ضرورة القيام بإثبات حسن نياته قولاً وعملاً والامتناع عن اي عمل استفزازي او عدواني تجاه الكويت والدول المجاورة التزاما بقرارات مجلس الأمن. وشدد على اهمية ان يقوم العراق بالكف عن اي عمل يؤدي الى زعزعة الأمن والإخلال باستقرار دول المنطقة.