كبير المرشدين بميناء الاسكندرية لـ«الشرق الأوسط»: هددت باللجوء لإسرائيل تحت «ضغط نفسي» كي ألفت نظر المسؤولين

شينوي: لست خائفا وكشفت للسلطات أكبر شبكة تجسس إسرائيلية بعد نكسة 1967

TT

بينما قررت المحكمة التأديبية العليا بالاسكندرية حجر قضية كبير المرشدين بهيئة ميناء الاسكندرية السيد مرسي شينوي للنطق بالحكم في جلسة 22 اغسطس (اب) المقبل، بعد تحقيقات اجريت معه بقيامه بتحرير مذكرة ضد رؤسائه في العمل تضمنت تهديده باللجوء الى السفارة الاسرائيلية في القاهرة والتخلي عن الجنسية المصرية خرج شينوي المعروف بانه كشف أكبر شبكة تجسس اسرائيلية ضد الأمن القومي المصري عقب نكسة 1967 وقال في حوار لـ«الشرق الأوسط» ان سبب تهديده باللجوء لاسرائيل ليس خيانة لوطنه ولكنه نتيجة لما عاناه من «ضغط نفسي» مرير من بعض زملائه في العمل جعله يهدد بتلك الخطوة التي يحتقرها لكن بغرض لفت نظر كبار المسؤولين بالدولة إلى قضيته.

وتحدث شينوي عن تفاصيل شبكة التجسس التي كشفها وقيامه بابلاغ هيئات التحقيق المصرية عن وقائع «فساد» بالميناء جعلت زملاءه ينتقمون منه ويستصدرون قراراً باحالته للمعاش لتعيده المحكمة لعمله، فيما تعد النيابة الادارية المصرية طعناً في حكم البراءة الصادر بحق شينوي بحجة فساد الاستدلال وقصور الحكم. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف بدأت قصة اغرائك بالعمل لصالح الموساد كما تردد؟

ـ أنا من أسرة فقيرة ولم تؤثر في الاغراءات المادية المثيرة لتجنيدي ضد بلدي فقد عملت تلميذاً مرشداً عام 1960 بهيئة طائفة المرشدين قبل انضمامها للحكومة وظللت أعمل في هذه الهيئة كمرشد ثان وثالث حتى تم تعييني عام 1963 وفي عام 1974 انضمت الهيئة لميناء الاسكندرية وأصبحت موظفاً حكومياً وفي عام 1964 بدأت قصتي عندما فوجئت بقبطان اسباني اسمه «كاناليس» يعرض علي العمل معه في مؤسسة مناهضة لجمال عبد الناصر واتضح لي في ما بعد أنها الموساد الاسرائيلي. وفي بداية تجنيدي أرادوا معرفة كمية الأسلحة والدبابات التي تحضر لمصر وذلك لكوني المرشد الوحيد المتخصص في ارشاد البواخر العملاقة والتي تحضر السلاح إلى مصر وقمت في نفس الوقت بابلاغ المخابرات العامة المصرية واستمررت في العمل لمدة 4 سنوات كعميل مزدوج وذلك حتى عام 1967 عندما كلفت باختراق ميناء الاسكندرية وتدمير القوات البحرية نظير مبلغ قدره 48.800 ألف دولار وكانت تمثل أكبر شبكة جاسوسية لذلك تم الكشف عن هذه الشبكة بنهاية عام .1967 وأشادت بي المخابرات المصرية وكتبت عني قصة كرمز للوطنية وحولت القصة إلى مسلسل اذاعي.

* متى بدأ اضطهادك في العمل ولماذا؟

ـ عانيت من الشعور بالغيرة والحقد من زملائي لظهوري على الساحة كبطل وطني، وضغوط نفسية وعصبية على مدار أربعة وعشرين عاماً ودبر بعضهم المكائد بغرض اقصائي عن العمل كمرشد بحري ثم فوجئت بقرار اقصائي عن العمل بعدما تقدمت بطلب استقالة للتصدي للفساد وبعض الأخطاء الموجودة. وتم على هذا الأساس قبول استقالتي وفصلي من العمل وظللت خارج الميناء لمدة 5 سنوات حتى حكم القضاء الاداري بالغاء القرار وعودتي عام .1988 وبمجرد رجوعي للعمل بعد كل هذه الفترة وحرماني من الحصول على أي من مستحقاتي قامت ضدي حملة شعواء وتم تدبير قضية رشوة لاقصائي عن العمل وتشويه صورتي حتى تم التحقيق من جانب النيابة العامة في المحضر رقم 1904 لسنة 1990 وثبت بطلان هذا الاتهام وانتفاء شبهة الرشوة.

* كيف كان ذلك الاضطهاد الوظيفي الذي تقصده؟

ـ اجتمعت كل العناصر لتوجيه ضربة قوية إلي بغرض اقصائي نهائياً عن العمل فقد تم تغيير لائحة المرشدين وتم تحويلي لعمل اداري بعد تقديمي لمجلس تأديب تضمن العديد من الاتهامات وقضى بفصلي في 13/4/1995 واحالتي للمعاش الاجباري وقمت بالطعن بعد عامين من تداول مجلس التأديب الاتهامات إلى المحكمة الادارية العليا والتي قبلت الطعن وحكمت بالغاء القرار التأديبي واحالتي للمعاش ولكن رفضت الهيئة دفع مستحقاتي بل قطعت مدة الفصل من المعاش.

* ماذا حدث بعد عودتك هذه المرة إلى العمل؟

ـ عودتي هذه المرة للعمل هي المرة الأخيرة حيث لم يتبق إلا 18 شهراً لبلوغي سن التقاعد وبدأ الصراع بيني وبين أقراني بهيئة الميناء عندما تقدمت بثلاثة بلاغات عن حادث الباخرة «سي دريم» للمحامي العام بالاسكندرية ورئيس نيابة الأموال العامة وإلى وزير النقل اتهم فيها المسؤولين بالميناء بالاهمال والتواطؤ الذي أدى لتحطيم فنار النجمة مما تسبب في اهدار المال العام والاساءة إلى سمعة ميناء الدخيلة دولياً وتعرضها للأخطار من جراء هذا الحادث وأيضاً تحمل الدولة مبلغ 5 ملايين جنيه لاعادة بناء الفنار.

* ماذا عن تفاصيل موضوع الباخرة «سي دريم»؟

ـ «سي دريم» كانت ستمثل مسلسلا لا ينتهي أردت ايقافه حفاظاً على سمعة مصر الدولية فهذه الباخرة يونانية قديمة قامت باحضار نوع من أنواع الحبوب التي يتم زراعتها في الأرجنتين وأثناء سيرها في المحيط الأطلنطي اندلعت بها النيران وتم اعتبارها مفقودة وظلت عنابرها مغلقة على البضاعة لمدة 4 سنوات بأحد الموانئ حتى تم دفع التأمين الخاص بها لأصحاب الباخرة والمشكلة التي صادفتهم أنها لا تصلح للبيع كخردة لاحتوائها على بضاعة فاسدة. وفي نفس الوقت كانت توجد خارج الميناء باخرة تسمى «ليدر» بنفس المواصفات تنتظر دورها للدخول مما يعني انها ستكون مسلسلا لن ينتهي وقامت احدى الشركات المصرية بأخذ «سي دريم» وسحبها عن طريق لانش قاطرة لميناء الاسكندرية بدون أن يكون بها قبطان أو ماكينات أو شهادة وتم انزال الشحنة على أساس كونها فول صويا وعند تفريغ الشحنة وجد بها «42 طن دود» وكان ذلك اليوم يمثل عطلة رسمية فضلاً عن سوء الأحوال الجوية واغلاق البوغاز ورغم ذلك تم سحب الباخرة رغم أنه في تلك الأحوال لابد من تدخل هيئة قناة السويس أو القوات البحرية لأنها معدومة المصدر وعند قطر سي دريم اصطدمت بفنار النجمة وجهاز الانارة اللذين دمرا بالكامل والكارثة التي كانت ستحدث هو اصطدامها بمنصة محطة الاثيلين أخطر محطة بالميناء ولولا تدخل العناية الالهية لدمرت الاسكندرية. لذلك قمت بابلاغ المسؤولين والقضاء وفوجئت أن الاتهام يتحول ضدي ولكن أثبتت تحقيقات النيابة براءتي مما نسب إلي.

* ماذا عن قصة الملايين التي تملكها كما تردد؟

ـ اتهمت بامتلاكي الملايين وأنا ليس لدي سوى مسكني الذي أقطن به بمنطقة سيدي جابر والذي قمت بشراء نصفه ومنزل بمنطقة الابراهيمية وقطعة أرض زراعية بسيطة. ووصل الأمر إلى حد اتهامي بالكسب غير المشروع عن طريق الاختلاس والتربح بطرق غير شرعية فقد تعرض منزلي الكائن بمنطقة الابراهيمية لمحاولات مستمرة لهدمه وحرر ضدي أكثر من محضر منها محضر بـ12 ألف جنيه بحجة أنني قمت ببناء الدور الثامن بالمخالفة لقرار ترخيص البناء رغم وجود شهادة تثبت أن العقار يتكون من 8 طوابق وقد استطاعت أسرتي تدبير المبلغ وقمت بدفعه.

* ماذا عن تهديدك باللجوء لاسرائيل والتنازل عن الجنسية المصرية؟

ـ حجم ما تعرضت له من ضغوط واضطهاد على مدار أربعة وعشرين عاماً كاملة جعلني أضطر لقول ذلك بغرض لفت أنظار المسؤولين بالدولة إلي كنوع من التعبير عن رفضي للأوضاع والممارسات المنحرفة داخل الميناء كما أن تشجيع وثناء ربابنة السفن الأجنبية العملاقة وتقديرهم لكفاءتي جعل أحدهم يقول لي لو أنك لدينا لأقمنا لك معهداً لتدريس فنون الارشاد فضلاً عن عدم استجابة أي مسؤول بالدولة لشكواي، كل ذلك جعلني أشعر بالاضهاد وأقول ذلك تحت ضغط نفسي شديد. فأكثر من قبطان لأحد البواخر الحربية قام باعطائي خطاب شكر لكفاءتي، ثم أنني لو كنت أنوي السفر لاسرائيل ما احتجت ان أقول ذلك وما كنت انتظرت كل هذا الوقت وأنا أتعرض لكل فنون العذاب والذل والاهانة بل هي صرخة أردت من خلالها أن يصل عذابي إلى المسؤولين على الأقل لاعطائي مستحقاتي التي لم أحصل عليها بعد خدمة 40 عاماً في الميناء.

=