أعلى محاكم يوغوسلافيا تبحث دستورية تسليم ميلوشيفيتش وموسكو تنفي حضها بلغراد على عدم تسليمه لمحكمة لاهاي

TT

موسكو: «الشرق الأوسط» قالت المحكمة الدستورية اليوغوسلافية العليا انها تبحث قرارا حول مدى دستورية المرسوم الحكومي المتعلق بالتعاون مع محكمة الجزاء الدولية. واضافت انها «ستدرس الاقتراحات والمبادرات المتعلقة بدستورية وشرعية المرسوم القاضي بالتعاون مع محكمة الجزاء».

وينص المرسوم الذي اصدرته الحكومة اليوغوسلافية في 23 الجاري على فتح المجال لنقل الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش الى لاهاي، مقر محكمة الجزاء الدولية. وكان محاموه قد قدموا طعنا بالمرسوم امام المحكمة الدستورية الفدرالية، وطلبوا منها منع تنفيذ المرسوم قبل ان تصدر حكمها في دستوريته.

وتبدو الدلائل على ان استعدادات بلغراد لتسليم ميلوشيفيتش تجري على قدم وساق بادية للعيان، اذ قالت مصادر شبه رسمية ان البلاد بدأت خطوات قانونية لتسليم ثلاثة مشتبه فيهم متهمين بقتل 260 مدنيا قرب بلدة فوكوفار الكرواتية قبل عشر سنوات الى محكمة الامم المتحدة لجرائم الحرب.

والخطوات الرامية لتسليم الاشخاص الثلاثة الذين يطلق عليهم اسم «ثلاثي فوكوفار»، تأتي في اعقاب اجراءات مماثلة لتسليم ميلوشيفيتش الى المحكمة في لاهاي لمحاكمته بتهم جرائم حرب.

وذكرت صحيفة «جلاس يافنوستي» ان وزارة العدل الاتحادية قدمت الى محكمة محلية طلبا من محكمة الامم المتحدة لتسليم «ثلاثي فوكوفار» وهو اجراء يقضي به مرسوم اصدرته الحكومة اليوغوسلافية يوم السبت الماضي.

ووجهت محكمة الامم المتحدة الى «ثلاثي فوكوفار» تهم القتل الجماعي لمئتين وستين شخصا في مزرعة قرب فوكوفار في عام 1991 عندما كانوا اعضاء بالجيش اليوغوسلافي.

واتخذت وزارة العدل نفس الاجراء القانوني في ما يتعلق بطلب تسليم ميلوشيفيتش الذي وجهت اليه المحكمة في لاهاي تهم ارتكاب جرائم حرب في كوسوفو.

لكن يبدو ان الجهود الرامية لتسليم ميلوشيفيتش تواجه عقبات، ليست داخلية فقط، بل خارجية ايضاً، اذ قال دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» امس: «ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب، خلال زيارته المفاجئة التي قام بها ليوغوسلافيا بعد لقاء القمة مع نظيره الاميركي جورج بوش في سلوفينيا، من الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا عدم الرضوخ للمطالب الاميركية وتسليم ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي». وأضاف: «ان مطلب بوتين جاء خوفا من انكشاف دور روسيا خلال الحرب اليوغوسلافية، ومساعدتها للجيش اليوغوسلافي والقوات الصربية التي ارتكبت الكثير من جرائم الحرب الدولية خلال فترة القتال في كرواتيا والبوسنة وكوسوفو». واشار الى ان ادارة بوش التي لم تبد اهتماما بأزمة البلقان في البداية، عادت الآن لتستغلها للضغط على روسيا، كورقة رابحة لتمرير مطالبها الاخرى.

فروسيا التي خسرت دول شرق ووسط اوروبا، لم يبق لها سوى منطقة البلقان كمجال مفتوح لمواجهة تهديد حلف الاطلسي والغرب بأكمله، والكشف عن مشاركتها في ارتكاب جرائم دولية خلال فترة القتال في يوغوسلافيا، سيجبرها على تخفيف دورها في المنطقة، وهذا ما لا تريده موسكو، ولذلك كان مطلب بوتين عدم تسليم ميلوشيفيتش، يهدف الى منع واشنطن من تحقيق مكاسب.

وفي موسكو نفت الخارجية الروسية لـ«الشرق الأوسط» ما تردد من انباء حول ان بوتين اوعز الى يوغوسلافيا بعدم تسليم ميلوشيفيتش لمحاكمته كمجرم حرب.

وقالت ان هذه القضايا من الشؤون الداخلية ليوغوسلافيا، ولم تكن موضع بحث خلال الزيارة الاخيرة لبوتين التي كانت الاولى من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.

وأشارت الى اهتمام موسكو بوحدة اراضي الدولة اليوغوسلافية، وانها تظل عند رأيها بشأن «ضرورة عقد مؤتمر دولي لبحث مجمل الأوضاع في البلقان، والتعاون لاعادة بناء يوغوسلافيا، والعمل في مجال مكافحة كل مظاهر الارهاب الدولي، والتطرف، والحيلولة دون اتساع نطاق النزعات الانفصالية من جانب الألبان».