الطيران الإسرائيلي يهاجم موقعا سورياً في البقاع و«حزب الله» يرد بعنف في مزارع شبعا المحتلة

حرب رادارات على الجبهة اللبنانية ـ الإسرائيلية

TT

اثارت الغارة الاسرائيلية على موقع للرادار السوري في سهل البقاع اللبناني امس، رداً على هجوم لـ «حزب الله» في مزارع شبعا الجمعة الماضي، وما تبع الغارة من رد سريع للحزب استهدف المواقع الاسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المحتلة، اجواء توتر لم تعرفها الحدود اللبنانية منذ الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب في مايو (ايار) 2000.

وكان الطيران الاسرائيلي قد اغار ظهر امس على موقع رادار سوري في محلة ضهور العيرون، قرب بلدتي سرعين وحوش الرافقة في البقاع والتي تبعد 20 كيلومتراً عن مدينة بعلبك، مما ادى الى جرح جنديين سوريين ومجند في الجيش اللبناني.

وافاد مصدر امني ان الطائرات اطلقت صاروخين موجهين من فوق جبل صنين (السلسة الغربية لجبال لبنان) في اتجاه موقع الرادار السوري الذي يقع قرب موقع للجيش اللبناني. وفيما اكدت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» ان جنديين سوريين وجندياً لبنانياً اصيبوا بجروح في هذه الغارة الجوية وصفت الهجوم بانه «انتهاك صارخ لحرمة الاراضي اللبنانية». واضافت الوكالة ان «حزب الله» اللبناني اكد عزمه الرد على الغارة، وقالت «حذرت المقاومة الوطنية اللبنانية العدو الاسرائيلي من مغبة التمادي في العدوان وطغيانه مؤكدة عزمها على الدفاع عن كرامة شعبها وامتها مهما غلت التضحيات».

وذكر شهود عيان ان حزب الله رد باطلاق النيران على مواقع اسرائيلية في منطقة مزارع شبعا بينما قصفت قوات اسرائيلية بلدة كفر شوبا اللبنانية الحدودية. واضافوا ان شخصا واحدا على الاقل اصيب في القصف.

وانتهى بعد نحو ساعة القصف الذي اصاب ايضا بلدة شبعا القريبة الا ان الطائرات الاسرائيلية ظلت تحلق على ارتفاع منخفض في اجواء المنطقة وبلدتي حاصبيا وراشيا في الجنوب اللبناني.

وقال شهود عيان و«حزب الله» ان منشات رادار سرائيلية في مزارغ شبعا اصيبت بالقصف.

وقال مراسل لرويترز في لبنان انه تم تدمير الهوائيات الخاصة بموقعى رادار، فيما انتشر الرماد في التلال المحيطة بالموقعين وارتفعت اعمدة الدخان في السماء كما تناثرت اجزاء محترقة من شاحنة ومعدات كهربية. وشوهدت القوات السورية واللبنانية وهي تقيم استحكامات حربية قرب موقع المدفعية المضادة للطائرات التي لم تصب بسوء. وفي القدس اكدت اسرائيل ان طائراتها هاجمت منشأة عسكرية سورية قائلة ان القصف جاء ردا على هجوم «حزب الله» وانه يجيء في اطار سياسة تهدف الى جعل سورية «تدفع ثمن دعمها لمقاتلي الحزب».

وقال مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر في بيان اصدره أمس «تعلن الحكومة الاسرائيلية شن هجوم على منشأة تابعة للجيش السوري في لبنان». واضاف «تصر الحكومة الاسرائيلية على ان النشاطات الاجرامية لحزب الله تقع بمعرفة ومساندة سورية». فيما وجه وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر تحذيرا الى سورية من مغبة اي تصعيد جديد على حدود اسرائيل الشمالية بعد الهجمات الاخيرة التي شنها حزب الله زاعما ان الهجمات التي شنها حزب الله كانت بـ«موافقة سورية وتحت نظرها». واضاف «انا متأكد انه (التصعيد) لن يكون في مصلحة سورية». وفي لبنان اعلن الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله ان«التعاطي مع هذا العدوان لن يكون كالتعاطي مع العدوان الاسرائيلي السابق على الرادار السوري في ضهر البيدر». وقال: «الاسرائيلي يلعب بالنار ويغامر. ولن يجديه هذا نفعاً».

تجدر الاشارة الى انه بعد اقل من ساعة على كلام نصر الله جاء رد «حزب الله» بقصف مدفعي عنيف استهدف اربعة مواقع اسرائيلية في مزارع شبعا. وتركز القصف الصاروخي على موقع الرادار الاسرائيلي في جبل الشيخ (حرمون).

وحذر بيان لـ«المقاومة الاسلامية» (الجناح العسكري لحزب الله) اسرائيل من «مغبة التمادي في العدوان». واكد عزم المقاومة على «الدفاع عن كرامة شعبها وامنه مهما غلت التضحيات». مضيفا ان الرد على القصف الاسرائيلي تركز على موقع الرادار المزود بالتقنيات واجهزة الرادار« حيث اصيب اصابات مباشرة وشوهدت السنة النيران تتصاعد منه».

واستخدم مقاتلو الحزب في هجماتهم قذائف الهاون والصواريخ. وافاد مراقبون ان القصف هو الاعنف منذ اطلاق «حزب الله» عملياته في منطقة المزارع.

وقد رد الجيش الاسرائيلي بقصف عنيف ومركز لمنطقتي شبعا وكفرشوبا. وبثت الاذاعة الاسرائيلية ان الجيش اعلن حال التأهب في مواقعه في مزارع شبعا وعلى طول الحدود مع لبنان. وقد طاول القصف الاسرائيلي اطراف بلدة شبعا المحررة ومنطقة كفرشوبا. وافاد سكان محليون ان عشرات القذائف الاسرائيلية سقطت في المنطقة. ومشطت القوات الاسرائيلية الاودية وخراج البلدات المقابلة لمزارع شبعا بالاسلحة الرشاشة الثقيلة. ولم يبلغ عن وقوع اصابات.

وكان نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قد اكد «استمرار العمليات ضد الاحتلال تحت عنوان تحرير الارض والاسرى والمعتقلين». واعلن في احتفال للحزب اقيم امس: «اننا سنقاوم اسرائيل بالطريقة التي نراها مناسبة وبالتوقيت الذي نراه مناسباً. وان طال الزمن بين عملية واخرى فهو امر ميداني لا فرق عندنا ان يفسره الآخرون بتفسيرات سياسية او غير ذلك».

في الاطار نفسه علمت «الشرق الأوسط» ان الجيش اللبناني وضع في حالة جهوزية تامة للرد على اي عدوان اسرائيلي.

وافاد مصدر لبناني مسؤول ان الرادار السوري الذي جرى قصفه شبيه بالرادار الذي قصفته الطائرات الاسرائيلية قبل شهر ونصف الشهر في منطقة ضهر البيدر. والراداران اللذان جرى تدميرهما يشكلان جزءا من شبكة واحدة للاستطلاع والانذار المتكامل.

وقال المصدر ان ما حصل على جبهة مزارع شبعا في اليومين الماضيين يؤكد عدم صحة ما تردد عن وجود اتصالات دولية وعربية لتهدئة الوضع في هذه المنطقة والالتزام بما سمي بـ«الخط الازرق» اذ ان لبنان تحفظ على هذا الخط عند اقراره من قبل الامم المتحدة واكد احقيته في استرداد مزارع شبعا بكل الطرق المتاحة، عسكرية كانت او دبلوماسية. واذ لاحظ المصدر عدم رد «حزب الله» على الاعتداءات الاسرائيلية بقصف المستعمرات الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية، اكد ان تركيز الحزب على قصف المواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا يدل على قواعد لعبة جديدة تخرج هذه المنطقة من «الخط الازرق» لتضعها في دائرة سياسية وعسكرية جديدة عنوانها وفقا للمفهوم اللبناني «وجود ارض لبنانية تحت الاحتلال الاسرائيلي يجب تحريرها عن طريق المقاومة باعتبارها الحل الامثل للوصول الى هذا الهدف».