الشرع: لا وجود لاستراتيجية موحدة للحرب إذا واصل شارون التصعيد

كشف أن كلينتون اتصل بالأسد 12 مرة ليبلغه أن ما يريده موجود في جيبه

TT

قال وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ان «الولايات المتحدة اقوى بلد في العالم لكنها للاسف لا تستخدم هذا الثقل الا لدعم اسرائيل». واضاف «فعلا ان الرأي الاوروبي حيال الصراع العربي الاسرائيلي وعملية السلام في الشرق الاوسط غير موحد، وثمة دول افضل عدم تسميتها، مؤيدة لاسرائيل، لكن علينا ان نحتفظ ببعض التفاؤل لا سيما ان نظام الاقتراع ضمن دول الوحدة الاوروبية الذي ينظم قراراتها ازاء قضيتنا واي قضية اخرى في العالم، هو قيد التغيير حاليا». ولفت الى ان «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي التقيته اخيرا قد قام بالكثير من اجل بلده، لكننا نأمل ان تؤدي التغييرات الجديدة الى اعادة روسيا الى ما كانت عليه من دعم للحق العربي».

وجاءت تصريحات رئيس الدبلوماسية السورية هذه في مؤتمر صحافي عقده الوزير الشرع امس لمناسبة زيارته للعاصمة البريطانية بدعوة رسمية، وقيادته وفدا حكوميا رفيع المستوى الى مؤتمر «سورية: فجر جديد للاستثمار والتجارة» الذي انتهى اول من امس.

وبعدما شدد وزير الخارجية السوري على دور بلاده في نشر الاستقرار في المنطقة، خصوصا في المرحلة التي تلت حرب الخليج، اشار الى خيار سورية الاستراتيجي في محاولة تحقيق السلام العادل.

وقال ان مؤتمر مدريد 1991 للسلام لم يكن ليعقد لولا قبول سورية المساهمة فيه للبحث عن حل عادل للصراع ينطلق من معادلة الارض مقابل السلام. وزاد ان الاميركيين الذين صمموا قراري الامم المتحدة 242 و338 هم انفسهم «الذين فشلوا في العمل عملا جادا لتطبيق هذين القرارين، الامر الذي يثير قدرا وافرا من السخرية». واوضح ان اسرائيل دولة «جشعة للارض، اذ تريد ان تأخذ منا ارضنا، وجشعة ايضا للقوة»، مؤكدا اصرار سورية على عدم التنازل عن ارضها او حقوقها.

ونفى وزير الخارجية السوري «وجود استراتيجية موحدة للحرب، فيما اذا واصل (ارييل) شارون التصعيد الحالي للاوضاع وزج بالمنطقة في صراع عسكري». واعرب عن اسفه لغياب «موقف عربي موحد حازم ومتماسك من شأنه ان يمنع الولايات المتحدة من الاستمرار بانحيازها لاسرائيل». بيد انه حذر من «التوهم بتخلي كل من واشنطن وتل ابيب عن بعضهما البعض». وحث على «اثارة مسألة انحياز اميركا لاسرائيل داخل الولايات المتحدة، والاعتماد على الجاليات العربية في اميركا الشمالية والجنوبية للضغط على الادارة الاميركية بهدف تقليص نفوذ اللوبي اليهودي على واشنطن». ونبه الى خطأ عدم «الالتزام بالقرارات العربية» مذكرا بقطر في هذا السياق.

واكد الوزير الشرع ان علاقة بلاده بلبنان وثيقة تاريخيا مسلطا الضوء على دور سورية في اعادة اللحمة الوطنية الى لبنان بعدما ادمته الحرب الاهلية. وقال ان «اعادة الانتشار الاخيرة لم تأت نتيجة لضغط معين، بل لانها في مصلحة الشعبين الشقيقين».

وشدد على ان بلاده حريصة على تخفيف معاناة الشعب العراقي، مؤكدا ان دمشق «عارضت مشروع التعديلات المقترح (من قبل بريطانيا) على نظام العقوبات المفروضة على العراق». ونفى ان تكون سورية معبرا للنفط العراقي المهرب للبيع في اسواق العالم.

ومن جهة اخرى، القى وزير الخارجية السوري محاضرة في «المعهد الملكي للشؤون الخارجية» امام جمهور حاشد من الدبلوماسيين والاكاديميين والصحافيين العرب والبريطانيين. وفي سياق عرض موسع لعملية السلام في الشرق الاوسط منذ بدايتها الرسمية في مؤتمر مدريد، اشار الشرع الى قلق ساوره منذ اللحظة الاولى بعدم رغبة اسرائيل بتحقيق السلام.

وكشف عن انه عبر عن هذا القلق للعاهل الاردني الراحل خلال وليمة غداء اقامها الملك حسين في عمان على شرف وزراء الخارجية في دول الطوق. وذكر انه ابدى استغرابه من حرص اسرائيل على التفاوض مع العرب مجزئين، مبينا ان (اسحق) شامير «كان يصر على اجراء محادثات اولية مع وفود عربية في ابنية منفصلة، على ان تتبعها مفاوضات كل من المسارات في مدن او حتى دول مختلفة». واضاف ان «العرب يتحملون قسطا من المسؤولية لفشل عملية السلام ومنوها بدور «اوسلو» السلبي، التي قررت سورية ان «لا تؤيدها ولا تعارضها». واشار الى ان الرئيس الراحل حافظ الاسد توقع في مكالمات هاتفية مع الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش ان مفاوضات مدريد «يمكنها ان تتمخض عن السلام خلال سنة وثلاثة اشهر»، معربا عن اسفه ان عشر سنوات مرت فيما لا يزال السلام «بعيدا جدا».

وأوضح ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين الراحل «كان اكثر الزعماء الاسرائيليين حرصا على تحقيق السلام، الا انه حاول ضرب المسارات احدها بالاخر، ودأب على التلاعب بالعملية منتهجا نهجا خاطئا». بيد انه كان «سياسيا قادما الى الدبلوماسية من المؤسسة العسكرية»، حسبما قال الشرع.

اما نتنياهو فلم يكن رجل سلام، شأنه شأن شيمعون بيريس «الذي لا يزالون يصفونه بالسياسي الذي يحلم بالسلام مع انه يتحمل مسؤولية مجزرة قانا». وخص باراك بالنقد حين القى عليه باللوم لعدم «الاعتراف بالوثيقة التي التزم فيها رابين بالانسحاب الى حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967» استجابة لاصرار سورية الثابت على استعادة اراضيها الكاملة قبل الموافقة على اي حل سلمي نهائي. واكد ان باراك «ذكي لكنه مخادع، لقد خدعنا وخدع الفلسطينيين حين ادعى انه باحث عن السلام، فلم يوافق على تحقيق السلام، وانسحب تاركا الميدان فارغا لشارون المعروف بعدائه للسلام ليس فقط بسبب مجزرة صبرا وشاتيلا، بل ايضا لانه كان وراء ثغرة الدفرسوار التي قام بها لمنع (الرئيس الراحل انور) السادات من تحقيق سلام» كان جادا في البحث عنه.

وشدد الشرع على «ان الزمن لصالحنا، وسننتظر الى ان يصبح بالامكان حقيق السلام العادل الذي سنواصل جهودنا للوصول اليه» منوها بأن «هذا هو الخيار الاستراتيجي لسورية الذي عبر عنه الرئيس بشار الاسد، خصوصا خلال زيارتيه الاخيرتين لفرنسا واسبانيا».

وذكر ان بيريس ادعى مرارا ان رابين وافق في مرحلة ما على الانسحاب الى حدود الرابع من يونيو لكن سورية لم تستجب لهذا الموقف الايجابي، مشددا على ان هذا نصف الحقيقة، اذ طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل لقاء ذلك تنازلات عسكرية وامنية باهظة من سورية، فيما واصل تلاعبه بعملية السلام.

واكد ان فشل القمة الاخيرة في جنيف بين الرئيس الراحل حافظ الاسد وبيل كلينتون، جاء بسبب رغبة مسؤولين في الادارة السابقة بافشالها. وكشف عن ان كلينتون اتصل هاتفيا بنظيره السوري حوالي 12 مرة ليناشده على الموافقة على عقد اجتماع قمة، زاعما ان «كل ما تريده في جيبي» . ووافق الرئيس السوري الراحل على الذهاب الى جنيف لانه اعتقد ان الاعتراف الاسرائيلي بوصية رابين حول الانسحاب الى حدود 4 يونيو 1967 صار في حوزة كلينتون، بيد ان الشرع اضاف «وفي جنيف اكتشفنا ان الاعتراف لم يكن موجودا، كما لم يكن هناك جيب لكلينتون ايضا».

يذكر ان عددا ضئيلا من مؤيدي اسرائيل تظاهروا قرب المبنى الذي حاضر فيه الشرع، منددين بما اسموه «تصريحات الرئيس الاسد المعادية للسامية»، كما رفض الوزير باسلوب ساخر الاجابة على سؤال طرحه صحافي اسرائيلي حول الموضوع ذاته.

=