مظاهرات احتجاجية في فرنسا تصاحب مباحثات شيراك مع شارون

TT

رغم المظاهر والاستقبال البروتوكولي لرئيس الوزراء الاسرائيل آرييل شارون لمناسبة زيارته الاولى الى فرنسا، فان المباحثات التي اجراها امس مع رئيس الجمهورية الفرنسي جاك شيراك ويجريها صباح اليوم مع رئيس الوزراء ليونيل جوسبان اشبه ما تكون بحوار الطرشان. فالمواقف بين الطرفين متباعدة، وشخصية شارون تثير قلقاً فرنسياً لدى اليمين واليسار على حد سواء. وكان شارون حتى وصوله الى رئاسة الحكومة في مارس (آذار) الماضي «شخصية غير مرغوب فيها» على الأراضي الفرنسية، وعمدت الحكومة الفرنسية، مرتين على الاقل، الى منع زعيم الليكود من المجيء الى باريس التي دُعي اليها من قبل الفرع الفرنسي لحزبه اليميني.

غير ان «الواقعية السياسية» ورغبة فرنسا بلعب دور ايجابي في الشرق الأوسط، دفعتا الى ابقاء ابواب الحوار مفتوحة مع كل الاطراف. وتؤكد الخارجية الفرنسية ضرورة وضع زيارة شارون في اطار الاتصالات عالية المستوى التي اجرتها باريس مع اطراف النزاع في الشرق الاوسط وكان آخرها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، الاسبوع الماضي، الى باريس.

ويسعى شارون، في فرنسا كما في المانيا، الى تحقيق عدة اهداف، اولها «تلميع» صورة الحكومة وتبرير السياسة التي تتبعها ازاء الفلسطينيين ولبنان وسورية ثم تحميل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مسؤولية استمرار تدهور الوضع الميداني وعدم احترام وقف النار. كذلك يسعى لحمل باريس، ومعها الاتحاد الاوروبي، على الضغط على عرفات لوقف النار والاستجابة لما تطلبه اسرائيل من اعتقال نشطاء فلسطينيين وعودة التعاون الأمني بين الجانبين. وباختصار، فان شارون يسعى الى تسويق السياسة الاسرائيلية اوروبياً.

هذا الطرح لا توافق عليه فرنسا بتاتاً، فهي من جهة تعارض استهداف الحكومة الاسرائيلية عرفات شخصياً وتعتبر السلطة الفلسطينية «خطاً احمر» وتؤكد ان استمرار عرفات «مصلحة اسرائيلية» وانه «المحاور الذي لا بديل عنه لاسرائيل» اذا كانت هذه الاخيرة تريد الاستمرار في مفاوضات السلام واذا كانت تريد الوصول الى اتفاق.

وعكس ما يؤكده شارون، فان باريس تقول ان الزعيم الفلسطيني «قام بالكثير» من اجل وقف العنف. واذا كانت تؤكد ضرورة ان يبذل «كل الجهود اللازمة» لذلك، فانها كما قالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» «لا تفرض عليه نتائج مائة في المائة».

وتنتقد باريس بشدة «سياسة التصفية» التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية. وقبل 48 ساعة، عادت فرنسا لادانة هذه السياسة «التي لا يمكن تبريرها بأي شكل من الاشكال».

وأمس، وقبل دخول شارون الى قصر الاليزيه، انطلقت مظاهرة احتجاجية من وسط باريس دعت اليها جمعيات واحزاب سياسية واخرى تمثل المجتمع المدني والدفاع عن حقوق الانسان. وبموازاة ذلك، طلبت جمعية «صحافيين بلا حدود» من الرئيس شيراك ومن رئيس الوزراء جوسبان الاحتجاج لدى شارون لاستهداف الصحافيين الذين يغطون الاحداث ميدانياً من قبل الجيش الاسرائيلي. وأفادت هذه الجمعية، في بيان لها، ان ثلاثين صحافيا (21 فلسطينيا واميركيين، وسبعة فرنسيين) اصيبوا برصاص الجيش الاسرائيلي منذ اندلاع الانتفاضة الاخيرة. وعبرت الجمعية عن «مخاوفها العميقة ازاء السلامة البدنية» للصحافيين الذين يغطون الانتفاضة.

وسيلتقي اليوم شارون رئيس الوزراء الفرنسي قبل ان يغادر عائداً الى اسرائيل.