إسرائيليون يصعدون عمليات الاستيلاء على الأوقاف الإسلامية وتهويد المساجد والكنائس في أراضي 1948

الشيخ رائد صلاح رئيس مؤسسة الأقصى لـ«الشرق الأوسط»: مصادرة الأوقاف باعتبارها أملاك غائبين تعد على تراث شعب

TT

بعد 53 عاما من قيام اسرائيل، وفي نشاطات متسارعة متصاعدة بشكل خاص في السنوات والاشهر الاخيرة، تبلغ اوجها عملية تدنيس الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية الخاضعة لسلطتها فيما يعرف بأراضي «فلسطينيي 48»، وطمس معالم الحضارة العربية واضاعة الاوقاف الاسلامية على خارطة التنظيم القطرية. وازاء هذه النشاطات الرسمية، يتطوع عدد من اليهود المتزمتين العنصريين الى القيام بعملية تهويد لبعض المساجد والكنائس الى كُنُسٍ (اماكن عبادة لليهود).

وبالمقابل، تقوم الهيئات والمؤسسات الاسلامية والوطنية من العرب في اسرائيل (فلسطينيي 48)، بعملية تصد واسعة لهذه المخططات، من خلالها اكتشفت عدة مؤامرات غير معروفة من قبل، تصب في الهدف نفسه.. وتنطوي على انتهاكات مريعة لحرمات الاماكن المقدسة. ويقف على رأس هذه المعركة الشيخ رائد صلاح، رئيس مؤسسة الاقصى، ورئيس الحركة الاسلامية (جناح الشمال) ورئيس بلدية ام الفحم، الذي أطلق ـ خلاق لقاء خاص بـ«الشرق الأوسط» ـ نداء استغاثة لكل اصحاب الضمائر في العالم ان يتدخلوا لدى حكومة اسرائيل ان توقف هذه الانتهاكات وترفع ايديها عن الاوقاف الاسلامية واماكن العبادة الاسلامية والمسيحية ومنحها الاحترام والوقار اللذين تنص عليهما كل الاديان السماوية والقيم الدنيوية الطاهرة.

* دعنا في البداية نرسم خارطة الاوقاف والاماكن المقدسة التي جرى المساس بها.

ـ في اطار نكبة فلسطين عام 1948 قامت اسرائيل بتدمير حوالي 540 قرية وبلدة فلسطينية بعد ان تم ترحيل وتشريد اهلها. وهدمت الغالبية الساحقة من الاماكن المقدسة واماكن العبادة فيها، ما يضاهي 1200 مسجد، وعدد غير معروف لدينا من الكنائس المسيحية. وقد أبقت على 50 مسجدا وعدد شبيه أو قريب من الكنائس فقط.

* لماذا ابقت عليها حسب رأيك؟

ـ لا ادري. فالمخطط كان تدميرها جميعا. ويقال ان احد ضباط الجيش الاسرائيلي توجه الى قائده، اسحق رابين (الذين اصبح في ما بعد رئيس حكومة) وأبلغه انه انهى عملية تدمير قرية بالكامل باستثناء المسجد. فقال له: «كأنك ما هدمت. فالعملية غير مكتملة». ربما يكون بقاء تلك المساجد والكنائس مجرد خطأ، او تصرف انساني من ضابط اسرائيلي ذي ضمير او ايمان بالله.

* والاوقاف الاسلامية صودرت، وهي تشكل نسبة 6 في المائة من اراضي فلسطين.

ـ اخطر من ذلك. فقد صودرت واعتبرت املاك غائبين.

* ماذا تقصد بقولك إن الأمر اخطر؟

ـ ان اعتبارها املاك غائبين يعني سحبها من المسلمين ووضعها تحت سيطرة المؤسسة الحاكمة في اسرائيل، وفي هذا تعد على تراث شعب بأكمله. ولكن هناك بعدا آخر اكثر خطورة لهذه الخطوة. فأنا كمسلم أؤمن بأن الاماكن المقدسة هي ملك لله تعالى. صحيح ان حق الانتفاع منها هو للناس، لكن الملك لله وحده. فعندما يقولون ان صاحبها غائب، فكأنهم اعتبروا ان الله سبحانه وتعالى غائب عن هذه المقدسات. ونرى في هذا اولا كفرا صريحا، لكنه ايضا نوع من التعدي على عقيدتنا. وفي رأيي ان هذا يعكس البعد العنصري للنزعة الصهيونية من الجانب الديني ايضا.

* قبل ان نخوض في طبيعة الانتهاكات، هل لك ان تقول لنا كيف تعامل ويتعامل العالم العربي مع الاماكن المقدسة لليهود؟

ـ انا لا اعرف ما هو الحال في كل الدول العربية. لكن، في الاماكن التي زرتها وجدتها مصونة. لقد شاهدت بعيني آثاراً يهودية في المدينة المنورة. وقرأت لافتة تطالب المسلمين بالحفاظ على المكان. واحب ان اقول ان هذا ليس صدفة. فنحن المسلمين نحافظ على الاماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود بأمر قرآني ديني. فالآية الاربعون من سورة الحج تقول: «بسم الله الرحمن الرحيم، الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربُّنا الله، ولولا دفعُ اللهِ الناس بعضهم ببعض لهُدّمت صوامع (جمع صومعة وهي البيوت التي ينقطع فيها الرهبان للعبادة) وبيع (جمع بيعة، وهي الكنائس) وصلوات (كنس اليهود) ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، ولينصرن الله من ينصرهُ، إن الله لقوي عزيز» صدق الله العظيم. فكما ترى، وضعت الكنائس المسيحية والكنس اليهودية حتى قبل المساجد، وليس صدفة.

انتهاك الحرمات

* لنتحدث الآن عن انتهاك حرمات المساجد والكنائس.

ـ نحن ما زلنا في طور المسح الشامل. وبالنسبة للكنائس، هناك انتهاك واضح لحرمات كنيسة صفد تحولت الى متجر وكنيسة معلول الى زربية والمقبرة المسيحية في البصة عثرنا فيها على هيكل عظمي لكلب مدفون داخل قبر آدمي وغيرها.

اما بالنسبة للمساجد فلدينا قائمة جزئية عن الانتهاكات، هذا نصها:

المساجد المحولة إلى غير أهدافها الطبيعية 1 ـ مسجد البصة ـ قضاء عكا ـ (تقوم على اراضي القرية مستوطنة تدعى «شلومي» حظيرة خراف. 2 ـ مسجد الزيت ـ قضاء عكا ـ (أخزيف) مخزن للأدوات الزراعية لمتنزه أخريف. 3 ـ مسجد عين الزيتون ـ قضاء صفد حظيرة للابقار. 4 ـ المسجد الاحمر ـ صفد حول الى ملتقى للفنانين. 5 ـ مسجد السوق ـ صفد ـ حول الى معرض تماثيل وصور. 6 ـ مسجد القلعة ـ صفد محول الى مكاتب لبلدية صفد. 7 ـ مسجد الخالصة ـ (كريات شمونة) محول الى متحف بلدي. 8 ـ مسجد الدار البيضاء غرب نين محول الى مكاتب. 9 ـ مسجد البرج ـ عكا ـ محول الى مكاتب لشؤون الطلبة الجامعيين. 10 ـ مسجد عين حوض ـ قضاء حيفا ـ محول الى مطعم وخمارة. 11 ـ المسجد القديم في قيساريا ـ ساحل حيفا محول الى مكتب لمهندسي شركة التطوير. 12 ـ المسجد الجديد في قيساريا ـ ساحل حيفا محول الى مطعم وخمارة. 13 ـ مسجد الحمة ـ جنوب هضبة الجولان ـ مغلق ويستعمل كمخزن للمطعم القريب وتخزن فيه الخمور ومعدات المطعم. 14 ـ مسجد السكسك ـ يافا ـ الطابق الارضي محول الى مصنع بلاستيك أما الطابق العلوي فهو محول الى مقهى للعب القمار. 15 ـ مسجد الطابية ـ مغلق ويستخدم مسكنا. 16 ـ مسجد مجدل عسقلان محول الى متحف وجزء منه محول الى مطعم وخمارة. 17 ـ مسجد المالحة ـ القدس ـ اقتطع احد اليهود جزءا منه لبيته، ويستعمل سقف المسجد لاحياء السهرات الليلية للجيران. 18 ـ المسجد الكبير ـ بئر السبع ـ مهمل وكان قد حول في السابق الى متحف. 19 ـ المسجد الصغير ـ بئر السبع ـ محول الى دكان لشخص يهودي.

مساجد ومقامات تحولت الى كنس ومعابد لليهود 1 ـ مسجد مقام يعقوب ـ صفد ـ محول الى كنيس لليهود. 2 ـ مقام ياقوق ـ قضاء طبريا ـ محول الى قبر لليهود باسم حبقوق. 3 ـ مقام الست سكينة في طبريا ـ محول الى قبر يهودية باسم راحل وتحول الى كنيس للصلاة لليهود. 4 ـ مقام الشيخ دانيال ـ دنة، شرق طمرة الزعبية ـ قضاء بيسان حول الى قبر يهودي باسم دان. 5 ـ مسجد العفولة محول الى كنيس يهودي. 6 ـ مسجد كفريتاـ كفار آتا ـ محول الى كنيس يهودي. 7 ـ مسجد طيرة الكرمل ـ قضاء حيفا ـ محول الى كنيس يهودي. 8 ـ مقام الشيخ شحادة ـ يتردد الى المقام المتدينون اليهود بهدف تحويله الى قبر يهودي باسم (تيسون بن جدعون) وقد تعرض لعدة انتهاكات. 9 ـ مقام سمعان ـ شمال غرب قلقيلية ـ حول الى قبر يهودي باسم شمعون. 10 ـ مقام النبي يامين ـ غرب قلقيلية ـ محول الى قبر يهودي باسم بنيامين. 11 ـ مقام علي ـ اليازور ـ محول الى كنيس يهودي. 12 ـ مقام أبي هريرة في يبنة ـ قضاء الرملة ـ محول الى قبر ليهودي باسم الراب جمليئيل. 13 ـ مسجد النبي روبين ـ جنوب يافا ـ محول الى قبر يهودي باسم (رؤوبين بن يعقوب). وقد نسفت مئذنته بقذيفة مدفع أو دبابة. 14 ـ مقام الشيخ الغرباوي، غرب قرية المدية وبجوارها ـ موديعين ـ حول الى قبر يهودي باسم متتياهو. 15 ـ مسجد وادي حنين قضاء الرملة ـ نيس تسيونا ـ حول الى كنيس يهودي باسم غولات يسرائيل.

مساجد ومقامات مغلقة ومهملة ومهدومة حديثا 1 ـ مسجد أم الفرج ـ قضاء عكا ـ (بن عامي) هدم في تاريخ 4/12/1997. 2 ـ مسجد وادي الحوارث ـ قضاء طولكرم ـ (قرب الخضيرة) هدم على يد بعض اليهود في 3/2/2000. 3 ـ مسجد الشيخ نعمة ـ صفد.. هدم المسجد وبقيت المئذنة، وهي مهملة. 4 ـ مقام الخضر ـ البصة ـ شلومي ـ مهمل. 5 ـ المسجد الزيداني في طبريا ـ مغلق ومهمل. 6 ـ مسجد البحر في طبريا، مغلق ومهمل، قامت بلدية طبريا بترميمه بهدف تحويله الى متحف، وقام يهودي بحرقه في يوم 6/2/2000. 7 ـ مسجد حطين ـ قضاء طبريا ـ (كفار زيتيم)، اغلق عدة مرات على يد دائرة أراضي اسرائيل. 8 ـ مسجد عمقة ـ مستوطنة عمقة، مغلق ومهمل وهو آيل للانهيار. 9 ـ مقام الشيخ محمد كويكات ـ بيت هعيمق مهمل. 10 ــ مقام النبي يوشع، (متسودات يشع) ـ قضاء صفد، مهمل. 11 ـ مسجدان في خان جب يوسف (كيبوتس عميعاد)، مهملان. 12 ـ مقام الشيخ ابريق ـ ساحل حيفا ـ مهمل. 13 ـ مقام الشيخ ابريق، طبعون ـ مهمل. 14 ـ مقام النبي هوشان ـ هوشة شمال ابطن ـ قضاء حيفا ـ رممه المسلمون. 15 ـ مسجد ابطن المندثرة ـ قضاء حيفا ـ مهمل. 16 ـ مسجد احمد ـ عكا ـ مهمل. 17 ـ مسجد السميرية ـ قضاء عكا ـ مغلق من قبل دائرة اراضي اسرائيل. 18 ـ مقام في المنشية ـ عكا ـ مسكون من قبل عائلة مسلمة للحفاظ عليه. 19 ـ مسجد المنشية مهمل. 20 ـ حيفا المسجد الصغير مهمل ولا يسمح للمسلمين بترميمه واستعماله. 21 ـ مقام السهيلي ـ بلد الشيخ ـ حيفا ـ مهمل. 22 ـ مسجد اللجون ـ مجيدو ـ حول سابقا الى منجرة واليوم مهمل. 23 ـ مسجد معلول ـ قضاء الناصرة ـ مهدوم قسم كبير منه وما تبقى سوى القليل. 24 ـ مقام في طيرة الكرمل ـ قضاء حيفا ـ مهمل. 25 ـ مسجد صرفند ـ حيفا ـ (هبونيم) مهمل. 26 ـ مسجد اجزم ـ ساحل حيفا ـ مغلق من قبل دائرة اراضي اسرائيل، ويمنع الاقتراب منه، والمخالف يهدد بالسجن. 27 ـ مقام الشيخ علي ـ جبع ـ ساحل حيفا ـ مهمل. 28 ـ مسجد أم العلق ـ الروحة (رمات هنديف) مهمل. 29 ـ المسجد الجديد ـ قيساريا ـ مهدوم. 30 ـ مقام الشيخ محمد ـ الخضيرة ـ مهمل. 31 ـ مقام جمال الدين أقوش ـ جنوب بئر السكة، مهمل. 32 ـ مسجد سيدنا علي ـ الحرم ـ (هرتسليا)، قام بترميمه المسلمون وتؤدى فيه جميع الصلوات. 33 ـ مقام الصادق ـ مجدل صادق ـ جنوب كفر قاسم ـ قضاء الرملة، مهمل. 34 ـ مقام النبي يحيى ـ المزيرعة ـ قضاء الرملة، مهمل. 35 ـ مقام أبي العون ـ جلجولية ـ مهمل. 36 ـ مقام سراقة غرب قلقيلية ـ مهمل. 37 ـ مقام في المدحدرة، شرق طيرة بني صعب، مهمل. 38 ـ مسجد مسكة ـ غرب طيرة بني صعب، مهدوم جزء كبير منه. 39 ـ مقام اليازور ـ قضاء يافا ـ مهمل. 40 ـ مقام احمد اقبال اسدود ـ قضاء غزة ـ مهمل. 41 ـ مسجد اسدود ـ قضاء غزة ـ هدم بعض اجزائه وهو مهمل. 42 ـ مقام الشيخ عوض ـ عسقلان ـ قضاء غزة ـ مهمل. 43 ـ مقام تميمي الداري ـ بيت جبريل ـ قضاء الخليل، مهمل وقد اعتدي عليه بالحرق منذ ثلاث سنوات. 44 ـ مسجد زكريا ـ شمال بيت جبريل ـ مهمل. 45 مسجد في دير الشيخ ـ جبال القدس ـ مهمل. 46 ـ مسجد عين كارم ـ القدس ـ مهمل ويستعمل وكرا لمتعاطي المخدرات واعمال الرذيلة. 47 ـ مسجد لفتا ـ القدس ـ مهمل. 48 ـ مقام المجيرمي ـ الطنطورة ـ ساحل حيفا ـ مهمل. 49 ـ مسجد ومقام الفالوجة ـ قضاء غزة ـ تم هدم المقام قبل عام ونصف العام. 50 ـ مقام محمد العجمي ـ المجدل ـ طبريا ـ مهمل.

ان هذه المساجد والمقامات لا تساوي 10 في المائة من مساجد فلسطين التي هدمت فترة الاحتلال، وما بقي منها الا القليل شاهدا واضحا على عنت وصلف الظالمين، ولم تسلم حتى هذه النسبة القليلة التي تبقت من مقدساتنا، فها هي يمارس بحقها ابشع انواع العذاب، ويمارس بحقها ابشع انواع الانتهاك فنرى الكثير منها قد حول الى غير هدفه الطبيعي، والبعض يغلق ويترك مهملا حتى الهدم، والبعض الآخر تمارس بداخله اعمال الرذيلة.

* يحضرني سؤال مؤلم ازاء كل ذلك. فأمام هذه الانتهاكات والجرائم التي تمارس ضد المقدسات الاسلامية، نجد المسلمين ساكتين، بينما يقيمون معركة طويلة عريضة على مقام، غير ثابت انه مقدس، يدعى شهاب الدين في الناصرة ويتسبب في شبه حرب اهلية؟ ـ هذه قضية اخرى. ونحن نقوم بجهد كبير لحماية المقدسات الاسلامية.

* ماذا تفعلون بالضبط؟

ـ بالنسبة للمساجد، نحاول ترميمها واقامة الصلاة فيها. لقد نجحنا في ضمان اقامة الصلاة في كل يوم جمعة في ستة مساجد منها حتى الآن. ونحن ماضعون في هذه المهمة لتوسيعها. واما بالنسبة للاوقاف..

* لنتحدث اولا عن المساجد. فهل تواجهكم مضايقات من الحكومة الاسرائيلية او من يهود عنصريين عندما تقيمون الصلاة في مسجد او تحاولون ترميمه؟

ـ اجل للأسف، ان الاخوة الذين يقومون بهذا العمل يضحون بأنفسهم، لانهم تعرضوا ويتعرضون لاعتداءات كثيرة من العنصريين. وفي الكثير من الحالات، قمنا بالترميم فوجدناهم يخربون ما عمرناه. وفي عدة حالات قامت السلطة نفسها بهدم المسجد بالكامل، كما حصل في صرفند.

الأوقاف

* وماذا تفعلون بالنسبة للاوقاف؟

ـ لقد بدأنا، نحن في مؤسسة الاقصى، والاخوة في جمعية الاقصى بقيادة الشيخ كامل ريان، عملية مسح للمقدسات والاوقاف، من مساجد وكنائس ومقابر واملاك، حتى نحصرها.. ونبدأ معركة لتحريرها من أيدي دائرة املاك الغائبين. فنحن نريد ان نستعيد هذه الاوقاف لنرمم ما يمكن ترميمه ولنستفيد من ريع بقية الاوقاف، لما فيه صالح المسلمين والعرب.

* وكما قلت لنا من قبل، فقد واجهتهم مشكلة خطيرة؟

ـ اجل. لقد وجدنا ان جهاز التنظيم الحكومي قام بتغيير بناء وترتيب الاحواض والقسائم، بحيث لم تعد الخرائط القديمة تصلح. والهدف من هذا طمس ملكيتنا للوقف، الذي تبلغ مساحته واحداً على 16 من اراضي فلسطين.

* وماذا تفعلون لمواجهة هذا الاجراء؟

ـ بعد ان فشلت كل الجهود للحصول على ملاءمة للخرائط، بدأنا نعمل بأنفسنا على اجراء الملاءمة وهذه مهمة مضنية ودقيقة تحتاج الى سنوات والى الكثير من الخبراء. وقد بدأ عملنا يثمر.

* كيف تقومون بالعمل؟

ـ في نهاية المطاف علينا ان نجري عملية اسقاط للمواقع على الخرائط الجديدة. ولأجل ذلك نبدأ بالخرائط القديمة. ونثبت المعلومات ميدانيا بواسطة المسح الهندسي والتصوير بالكاميرا وبالفيديو ونجمع المعلومات عن كل موقع. وبعد اجراء بحث علمي ينسق كل المعلومات، نقوم بعملية اسقاط هندسي على الخرائط الجديدة لتحديد معالمها بشكل دقيق.

* والهدف النهائي؟

ـ الهدف الاول هو التوثيق حتى تعرف الحقائق، ومن ثم صيانتها. فهذه معالم حضارية لا يجوز دثرها. ولا يجوز السماح بتدينسها. ولكي نتمكن من ذلك لا بد من تحقيق اعتراف بحقنا عليها.

* وهذه معركة شعبية سياسية؟

ـ بالطبع. سوف نستخدم كل ادوات الكفاح الشعبي والقضائي والبرلماني، مع اعضاء الكنيست العرب ومع رؤساء البلديات وبالمظاهرات والاعتصامات، ومع المتضامنين اليهود.

* هل يوجد متضامنون يهود؟

ـ نعم يوجد. على سبيل المثال فان مواطنا يهوديا من صفد هو الذي اكتشف ان فيلم اثارة جنسية يصور داخل المسجد المهجور هناك. فكتب مقالا في صحيفة عبرية. وبذلك توقف هذا الانتهاك. وقد فعل ذلك لوحده، ولم نكن نعرفه.

* هل اتصلتم به لشكره؟

ـ نعم. زرناه وشكرناه. وهناك مجموعة من اليهود المتدينين المعتدلين بقيادة الحاخام ملغروم، رافقتنا بجولة على الاماكن المقدسة المنتهكة حرمتها. ونحن نتوخى ان يتسع هذا النشاط التضامني ويؤثر على الحكومة.

المعركة

* لا تؤاخذني ان قلت لك، ان الشعور لدي ان هذه المعركة تتخذ طابعا احاديا، وليس الطابع الشعبي الذي تستحقه. فالمفروض ان تكون هذه معركة شعب؟

ـ قد تستغرب من جوابي. فحتى الآن لا توجد معرفة لدى الامة الاسلامية والامة العربية حول حقيقة المقدسات في فلسطين، فقسم كبير من اراضي الوقف في فلسطين موقوف على الحرم في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة وعلى المسجد الاقصى المبارك. فهذا الوقف ليس فقط للشعب الفلسطيني. وفي حينه، قد اوقف عن سبق تعمد واصرار ليشكل احتياطيا للحرم الثلاثة. وهذه ليست قضية مال فحسب انما هي مسألة تلاحم ومصير مشترك. وهذا التلاحم هو جزء حيوي من النظرة الاستراتيجية للامة العربية والاسلامية. ولعل من ابرز دلالاتها قيام صلاح الدين الايوبي باقامة احياء للمسلمين من كل الارجاء، حول المسجد الاقصى المبارك. فنجد حي الافارقة وحي الافغان وحي المغاربة وحي اليمن وحي البوسنة وغيرها. وابلغهم: هذا وقف ذري، عليكم وعلى ابنائكم من بعدكم.

* ما تقوله بالغ الاهمية. ولكنني، بسؤالي، قصدت ان جماهير شعبنا داخل اسرائيل ليست مجندة في هذه المعركة فلماذا؟

ـ اعترف واذنب نفسي، اذ اقول اننا كشعب لم نعط قضية الاوقاف عامة والمقدسات خاصة، حقها. فنحن نتحدث عن ضرورة مأسسة حياة جماهيرنا هذه في التعليم والصحة والعلوم والاقتصاد. ولكن، كيف نقيم هذه المؤسسات. ومن اين نمولها؟ أمن الجمعيات الاميركية والاوروبية كما يفعل البعض؟ انا أرى في ذلك خطورة بالغة. ان مصدر الدخل يجب ان يكون في اوقافنا وريعها. ان احد اهم اهداف اسرائيل من مصادرة الاوقاف، حسب رأيي، هو منعنا من استغلالها لتلك الاهداف الوطنية. انت تعرف ان دائرة الاوقاف الاسلامية في فلسطين ما قبل 1948، كانت تمول التعليم والرفاه الاجتماعي. فلماذا لا نعيد التجربة. اجل ما قلته صحيح، انها مهمة وطنية. وعلينا جميعا ان نتجند لها. ان نناشد العالم ان يساندنا فيها. فهذه حقوقنا. ويجب ان نبدأ ممارستها.

* افي هذا الاطار تدعون الى العودة الى وقف الاملاك؟

ـ اجل. طول عمر امتنا توقف الاملاك لصالح الامة. ونحن جددنا هذه العادة. وهناك تجاوب واسع معنا. فالمسلمون يوقفون الاراضي منذ عدة اشهر. وسنستخدمها في تلك المهمة الوطنية العليا.