الرئيس السوداني حصل على دعم القوات المسلحة للمبادرة المصرية ـ الليبية

TT

ساد التفاؤل والارتياح الساحة السياسية السودانية في اعقاب اعلان الحكومة والمعارضة والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الموافقة على المبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة لتحقيق الوفاق الوطني والحل السياسي الشامل في السودان.

وابلغ مسؤول كبير لـ«الشرق الأوسط» ان الحكومة اقرت خطة لتحرك دبلوماسي مكثف على المستوى الاقليمي وبوجه خاص دول الجوار وعلى المستوى الدولي لاطلاعهم على المبادرة المشتركة وما تضمنته من مبادئ من جهة، ولحشد الدعم والمساندة لتحقيق السلام والحل السياسي الشامل في السودان من جهة اخرى.

وقال المسؤول الانقاذي ان جدية الحكومة تجاه موافقتها على المبادرة المشتركة تمثلت بأنها اوكلت لوزير خارجية السودان الدكتور مصطفى عثمان لاعلانها في مؤتمر صحافي عالمي، وبحضور السفراء المعنيين كشهود اثبات على هذا الموقف الذي لا تراجع عنه.

كما ان وزير الخارجية اوضح الحيثيات التي استندت اليها الحكومة في اتخاذ قرارها، فهي درست المبادرة بتأن وعلى عدة مستويات، وعلى مدى ساعات طويلة الى جانب تلمس رغبة ومزاج الرأي العام السوداني الذي اظهر تجاوبه الواضح، ولذلك وجدت الحكومة ان اي موقف في وجه المبادرة او تحفظ عليها «انما يصادم في المقام الاول الرأي العام السوداني، ولذلك خرجت الحكومة بهذا الموقف الذي لا لبس فيه ولا غموض، باعطاء القاهرة وطرابلس قوة الدفع المطلوبة».

ولمزيد من التأكيد فان الرئيس السوداني الفريق عمر البشير اطلع القوات المسلحة والتي وافقت على المبادرة وفوضته للمضي في طريق الوفاق. ومن جانبه قال رئيس المكتب السياسي لحزب الامة الدكتور أدم مادبو لـ«الشرق الأوسط» ان حزب الامة سارع الى اقرار مبادئ المبادرة المشتركة لادراكه بأهميتها وجديتها وايضا لمعرفته بالظروف الدقيقة التي يعايشها السودان، وقدم حزب الامة ملاحظات سلمت لدولتي المبادرة تتمثل في اهمية قيام آلية، او سكرتارية للمتابعة وتحديد فترة زمنية لتنفيذ المبادئ التسع، مثل تهيئة الفترة الانتقالية وقيام الحكومة الانتقالية وطالب بضرورة اشراك دول الجوار خاصة اثيوبيا واريتريا وايضا الدول الكبرى كالولايات المتحدة، والمجموعة الاوروبية واليابان وكندا، لأن السودان سيحتاج الى عون ودعم هذه الدول اذا ما تحقق السلام والحل السياسي الشامل.

ورأى رئيس المكتب السياسي لحزب الامة اهمية دعم القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والاغلبية الصامتة للمبادئ المشتركة باعتبارهم اصحاب المصلحة الحقيقية في السلام والاستقرار.

ورأى محللون سياسيون بأهمية تحرك المجموعة السودانية التي قادها رئيس القضاء الاسبق دفع الله حاج يوسف في مطلع هذا العام يغرض تهيئة الاجواء للحوار بين كافة القوى الوطنية والسياسية وتحريك منظمات المجتمع المدني والاغلبية الصامتة والتي قدرت بـ85 في المائة من الشعب السوداني بينما لا تتجاوز قوى الحكومة والمعارضة سوى 15 في المائة على حد ما كشفت الاستطلاعات في وقت سابق.

وحذرت مجموعة سودانية محايدة من التباطؤ او التأخير او المناورات او المراوغات لكبح قوة الدفع السائرة الآن لانجاح المبادرة المشتركة، وقال مراقب سياسي ان ما اثير من ان مسألة قيام حكومة قومية مؤقتة قد تجد تلكؤا او مقاومة من جانب حكومة الانقاذ الوطني، امر مبالغ فيه لأن حكومة الانقاذ هي التي اقرت مبادئ المبادرة دون تعديل او حذف او اضافة او تحفظ، كما ان الواقع اظهر ان حكومة الانقاذ عمدت اكثر من مرة الى توسيع قاعدة الحكومة ولكن الاعتذار جاء من جانب الآخرين، وان التشكيلة الوزارية الحالية طرحت المشاركة على حزب الامة لسبع مقاعد وزارية ولكنه رفض.

ورأى هذا المراقب وهو وثيق الصلة بالانقاذيين ان البند الخاص بالحكومة المؤقتة لن يشكل ازمة او اعتراضا في وجه تطبيق المبادئ المشتركة ورأى ان قضية الاستقرار والسلام اكبر مما عداها.

وقال وزير الخارجية الاسبق ورئيس مؤتمر وادي النيل الدكتور حسين ابو صالح لـ«الشرق الأوسط» ان قضية الدين والدولة لن تثير خلافا، مشيرا الى اتفاقية الحكم الاقليمي للجنوب التي وقعت في اديس ابابا عام 1972 ضُمنت في الدستور عام 1973، كما ان قضية تقرير المصير مضمنة في الدستور الحالي من خلال اتفاقية الخرطوم للسلام التي وقعتها الحكومة مع رياك مشار، واعتبر الدكتور ابو صالح ان كافة القوى السياسية والوطنية يمكن ان تتجاوز العقبات اذا اتجهت بنوايا صادقة لتحقيق المبادرة المشتركة.

واعتبر المراقبون ان موقف القوات المسلحة يشكل بدوره دعما قويا للمبادرة المشتركة حيث اكد الناطق الرسمي باسمها «ان قيادة القوات المسلحة اكدت وقوفها مع السلام وقناعتها التامة بأن كل الاهداف التي يتحارب من اجلها الفرقاء لا يمكن ان تحل الا عبر التفاوض والحوار الهادف.

ولوحظ ايضا ان الفريق عمر البشير اكد عزم الحكومة على الوصول الى سلام مع كل معارض، كما ان رئيس حزب الامة الصادق المهدي امتدح موقف القوات المسلحة من المبادرة المشتركة وقال «نحن نعتبر هذا الذي حدث يمثل خطوة وطنية صحيحة، ونحن في الاصل نتعامل مع القوات المسلحة كمؤسسة قومية، وان تأييد القوات المسلحة ابرز انتماءها لمصالح الوطن العليا.

واخيرا يمكن القول ان مبادئ المبادرة المشتركة قد احدثت وقفة قوية من النشاط في الساحة السياسية وغلب التفاؤل على ما عداه ولكن هنالك من يرون ان تخفظات الحركة الشعبية نحو المبادرة قد تثير مصاعب ولن تكون في صالحها اذا ارادت الاصطدام بالتيار الواسع الذي تجاوب مع المبادرة.