أمير البحرين يضطلع بوساطة لإنهاء نزاع بين جماعتين من الشيعة في بلاده

وعود ببناء مأتم جديد في منطقة جد حفص

TT

ذكرت أمس مصادر بحرينية مطلعة أن أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة يضطلع بوساطة بين جناحين متصارعين بين الشيعة في البحرين، من شأنها طي صفحة النزاع الذي أدى يوم الجمعة الماضي إلى صدامات أوقعت عددا من الإصابات وألحقت أضرارا بالممتلكات.

وقال أمس الشيخ حسن مشيمع أحد رموز الشيعة في البحرين لـ«الشرق الأوسط» انه تلقى وعودا من مسؤولين بحرينيين بتشييد مأتم جديد في منطقة جد حفص في محاولة لإنهاء النزاع حول المأتم القائم في تلك المنطقة، متوقعا أن يتم الانتهاء من بناء المأتم الجديد خلال عام واحد فقط.

وكان مشيمع قد التقى مساء أول من أمس وزيري العدل الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة، والداخلية الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، وكذلك محافظ المنطقة الشمالية الشيخ عبد الرحمن بن صقر آل خليفة للنظر في أمور الخلافات الأخيرة، آملا أن تتخذ خطوات رسمية لانهاء الخلافات. وتبادلت مجموعتان شيعيتان الاتهامات بشق وحدة الصف واتباع اسلوب بدائي في التعامل مع الرأي الآخر، وذلك اثر الخلاف بين الشيخ سليمان المدني المعروف بأن منطقة جد حفص تخضع له دينيا وبين الشيخ مشيمع الذي خرج من السجن في فبراير (شباط) الماضي مشمولا بمكرمة العفو الأميرية.

وظل الخلاف، الذي بدا دينيا وان كان في الحقيقة خلافا في الرؤى السياسية بين الطرفين، متواريا تحت السطح منذ فترة الأحداث الساخنة التي شهدتها البحرين عام 1994، اذ تعتبر جماعة الناشطين السياسيين الدينيين الشيعة أن الشيخ المدني ذو مواقف مؤيدة للاجراءات الحكومية في ذلك الوقت والتي لم ترتضيها الجماعات الدينية الشيعية المعارضة التي يعتبر الشيخ مشيمع أحد رموزها، حتى انفجر هذا الخلاف ليل يوم الجمعة الماضي في شكل اشتباكات بالأيدي والعصي والأدوات الحادة وطالت أضراره الأفراد والممتلكات في منطقة جد حفص.

وكان الفصل الأخير الذي طفت بعده الخلافات الى السطح هو النزاع على ادارة مأتم جد حفص الذي يسعى اليه مجموعة من أهالي المنطقة تختلف في الاتجاهات عن ادارة المأتم، الحالية التي ظلت في موقعها فترة السنوات الثماني الماضية.

وكانت هذه المجموعة قد جمعت توقيعات أربعمائة شخص من منطقة جد حفص تدعو لانتخابات جديدة لادارة المأتم، وقدم هذا الطلب منذ فبراير (شباط) الماضي الى ادارة الأوقاف الجعفرية للنظر فيه، الا أن ردا بهذا الشأن لم يصدر من الادارة حتى الآن.

وينفي مشيمع، المتهم من قبل جماعة سليمان المدني بأنه محرك الخلافات على ادارة المأتم أن يكون له أي دور تحريضي ضد أتباع سليمان المدني، ولكنه أكد أنه لا يبخل برأيه على من يسأله النصح، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالرغم من انني لم أوقع على العريضة، فانا لا أرى أي ضير في اجراء انتخابات جديدة بناء على طلب عدد كبير من أهالي المنطقة». في حين يرى جاسم الوافي، عضو مجلس الشورى الذي تحدث الى «الشرق الأوسط» هاتفيا من دبي أنه لا يوجد سبب يدفع لتغيير ادارة المأتم ما لم تكن هناك نقاط قدح مثبته ضد الادارة الحالية.

وعن الاشتباكت الأخيرة يقول مشيمع انه حوصر في منزله ليل الجمعة من قبل 200 شخص من أتباع سليمان المدني، وذلك إثر محاولته إمامة صلاة الجمعة في أحد مساجد المنطقة في نفس اليوم من قبل أشخاص متسلحين بالعصي والآلات الحادة. وأضاف أن منزله تعرض للتكسير وجرى تهديده وأهل منزله، كما تم تكسير زجاج سيارة ابنه علي الذي تصادف وصوله الى المنزل وقت الاشتباك، مما دفعه لطلب نجدة رجال الشرطة، مشيرا الى أن عددا كبيرا من «مؤيديه» علموا بالأمر قبل وصول الشرطة، مما أوقع الاشتباكات.

ومن جانبه يقول الوافي، مدافعا عن جماعة سليمان المدني، ان ما حدث يوم الجمعة كان رد فعل لعمليات عنف مشابهة كان يتعرض لها أهالي المنطقة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية قام بها أتباع مشيمع، جماعة سليمان المدني، مشيرا الى ان أفرادا تعرضوا للضرب، كما أحرق عدد من السيارات، عدا تصرفات المشاغبة التي كانت تدفع لها هذه الجماعة أثناء تأدية القراءات والطقوس الدينية منذ شهري محرم وصفر الماضيين.

وأشار الوافي الى أن الخلافات الأخيرة طالت إمامة أحد المساجد في منطقة جد حفص، اذ تعرض إمام مسجد اسكان جد حفص الشيخ كاظم الحواج للضرب لثنيه عن مواصلة الإمامة للمسجد، في الوقت الذي يتناوب فيه عليها ثلاثة آخرون، أحدهم الشيخ مشيمع من دون الحصول على اذن من الامام «صاحب الراتبة». كما اشار الوافي الى أن الجماعة الأخرى قاطعت المآتم خلال الموسم الديني وأقامت مأتما «لقيطا» في أحد المنازل. ويرد مشيمع على ذلك قائلا ان جماعته منعت من دخول المأتم.

يذكر ان الطرفين اللذين تبادلا الاتهامات باشعال الخلافات حذرا من انشقاق الصف في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن الى الوحدة الوطنية في مرحلة البناء الحالية والاصلاحات السياسية التي بدأها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.