معارك بالرصاص بين أهالي الخليل والمستوطنين والجيش الإسرائيلي يتدخل ويقتل فلسطينية ويصيب 23

خطة حرب يشارك فيها 30 ألف جندي تستمر شهرا لتجريد الشرطة الفلسطينية من سلاحها

TT

شهدت المناطق الفلسطينية، امس، موجة اخرى من تصعيد العنف، بدأه المستوطنون في منطقة الخليل، ورد عليه الفلسطينيون في المنطقة نفسها وفي منطقة نابلس، فقامت قوات الاحتلال بقصف شرس لعدة مواقع فلسطينية جنوب نابلس، مما اسفر عن مقتل شرطيين فلسطينيين تابعين للاستخبارات العسكرية وجرح 25 آخرين، جراح معظمهم ما بين خفيفة ومتوسطة. وكذلك اصيب اسرائيليان بجراح خطيرة واثنان آخران بجراح خفيفة. وقامت شرطة الاحتلال بابلاغ 24 عائلة مقدسية امس بأنها قررت هدم بيوتهم بذريعة انها من دون ترخيص.

ولكن هذه العينة شبه اليومية من القمع الاسرائيلي الدموي للفلسطينيين، لم تكف قوى اليمين الاسرائيلي. وكما قالت وزيرة التجارة والصناعة في الحكومة، داليا ايتسيك، وهي من حزب العمل، فان «رئيس الوزراء، ارييل شارون، يتعرض لضغوط شديدة من قوى واسعة جدا في معسكره اليميني، لكي يعلن حربا شاملة على الفلسطينيين».

وتزامن هذا المطلب مع نشر اسبوعية «فورين ربورت» البريطانية عن خطة، قالت ان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، شاؤول موفاز، عرضها على مجلس الوزراء الامني المصغر يوم الاحد الماضي، وتهدف الى القضاء على السلطة الوطنية الفلسطينية وتصفية قادتها، بمن فيهم الرئيس ياسر عرفات او طردهم.

وقالت الصحيفة في تقريرها: ان خطة موفاز تقضي القيام بحرب شاملة على المناطق الفلسطينية تستمر شهرا كاملا، وتبدأ حال وقوع عملية انتحارية فلسطينية كبيرة داخل اسرائيل. وتكون الضربة الاولى فيها عبارة عن قصف جوي مكثف وشامل يدمر كل مرافق ومباني ومقرات وممتلكات السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة ورام الله، ثم يبدأ قصف مدفعي ثقيل، ثم يجتاح الاسرائيليون المناطق الفلسطينية المحررة بقوات يبلغ تعدادها ثلاثين الف مقاتل.

وحسب تقديرات واضعي الخطة، فانه في حالة ابداء الفلسطينيين مقاومة مسلحة، ستكون النتيجة مقتل حوالي 300 جندي اسرائيلي على اقصى حد والوف الفلسطينيين، ولكنها ستنتهي بتصفية الجيش والشرطة الفلسطينيين وتجريد كل افرادهما من اسلحتهم.

وتستبعد اسرائيل، حسب التقرير المذكور، ان تؤدي تلك العملية الى اتساع الحرب لدرجة ان تشمل سورية ومصر والاردن «فهؤلاء لن يخوضوا حربا اخرى من اجل الفلسطينيين». ومع ذلك فانها تدعو الى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، فتعلن عن استنفار على طول الحدود مع مصر وعن استعداد لتدمير اية قوات دعم عراقية قبل ان تصل الى الاردن للمشاركة. ويضيف التقرير ان اسرائيل تدرك ان مثل هذه العملية العسكرية سوف تؤدي الى ارسال قوات طوارئ تابعة للأمم المتحدة بهدف حماية الفلسطينيين «.. ولكن هذه القوات ستأتي الى فلسطين اخرى، مفروض عليها واقع هزيمة».

ونفى ثلاثة وزراء اسرائيليون تماما ما جاء في التقرير. وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء شارون، انه لا يعرف شيئاً عن تقرير كهذا. والأهم ان موفاز لم يطرح تقريرا بهذا المضمون على المجلس الوزاري المصغر المذكور بتاتا. وبنفس الروح تكلم كل من وزير العلوم، متان فلنائي، ووزير القضاء مئير شطريت، وكلاهما عضو في المجلس. وزادت عليهما وزيرة التجارة والصناعة، داليا ايتسيك، التي قالت ان هناك في الحكومة من يدفع نحو هذه السياسة بهدف تحطيم السلطة الوطنية وياسر عرفات والغاء اتفاقات اوسلو ونتائجها. لكنها اعتبرت ذلك بمثابة دعم لعرفات وخدمة له. وقالت: «اذا قمنا باجتياح كهذا، لا يستفيد احد سوى عرفات، فهو معني بأن يقف العالم ضدنا، وهذا ما سيحدث في هذه الحالة».

ويذكر ان عصابات المستوطنين تسعى الى جر الحكومة الى حرب شاملة مع الفلسطينيين بمختلف الوسائل. وقد بدأت، منذ الساعة الخامسة من فجر يوم امس، استفزازا مفزعا، فراحت تقذف الحجارة ثم تطلق الرصاص من عدة مواقع في المناطق التي ما زالت محتلة من الخليل باتجاه بيوت المواطنين وسياراتهم وباتجاه المصلين المتوجهين نحو الحرم الابراهيمي والعمال الذين يبكرون في الخروج الى العمل. وانضمت اليهم قوات الاحتلال، التي هرعت الى المكان وكان اول اجراءاتها اعلان حظر التجول على الاحياء العربية التي ما زالت محتلة. واتسعت حلقة الاعتداء، وسقط 15 ضحية اذ اصيب بجراح بالغة رجل مسن في الثمانين من العمر وطفل في الثانية عشرة و13 جريحا آخر.

على اثر ذلك، تخفّى ثلاثة فلسطينيين بزي الجيش الاسرائيلي الرسمي حسب الرواية الاسرائيلية، ونصبوا كمينا لسيارة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال، فاطلقوا النار عليها وتمكنت من الافلات، فأصاب الرصاص سيارة مستوطنين ومتجرا لاحد الفلسطينيين وجراء ذلك اصيب المستوطن بجراح خطيرة كما اصيب عاملان فلسطينيان يعملان في منجرة قريبة.

وفي الوقت نفسه اطلق فلسطينيون النار على سيارة مستوطنين قرب نابلس، فأصيب سائقها بجراح بليغة، واصيبت زوجته وطفلته الرضيعة باصابات خفيفة.

وردت قوات الاحتلال يساندها المستوطنون على العمليتين بقصف مكثف ومركز على مواقع الدبابات من نابلس والخليل. واحتلت في منطقة نابلس تلة فوق قرية كفر قليل ومن هناك اطلقت حمم مدافعها باتجاه موقع الاستخبارات العسكرية الفلسطينية في جبل عيبال، مما ادى الى مقتل رجل أمن من غزة، محمد عطا ابو فياض، وآخر لم يكشف عن اسمه بعد واصيب سبعة آخرون بجراح. ثم قصفت قوات الاحتلال قرية كفر قليل نفسها.

اما في الخليل، فقد اطلق الجنود يد المستوطنين، لينفذوا جرائمهم الانتقامية على هواهم، فحطموا السيارات الفلسطينية في مدينة حلحول وقرية بني نعيم واقتحمت سرية مع فرقة جنود مخيم الفوار وراحت تعيث فسادا وتحطيما وتطلق قنابل الغاز. وفي الخليل نفسها جرى تحطيم عشرات ابواب الحوانيت الفلسطينية وفي بعض الاحيان شوهد بعضهم يسرقون.

وروى مدير مستشفى رفيديا في نابلس، الدكتور حسام الجوهري، كيف وصل اليه الشاب القتيل، فقال: «لم نر شابا، ولا قتيلا، ولا حتى جثة، وجدنا اشلاء ممزقة، يداً واحدة فقط، ولم نعثر على الثانية. بعض الاشلاء من المعدة. قطعة من الصدر. وهكذا. فالقصف مزق جسده إرباً إرباً».

وفي مساء الأمس، عقد مجلس المستوطنات اليهودية، اجتماعا طارئا للبحث في ما اسموه «هدر دماء المستوطنين بسبب سياسة «ضبط النفس» التي يتبعها رئيس الوزراء». وقرر المجلس مطالبة شارون، صراحة، بانهاء الفرصة الناشئة للقضاء على ما تبقى من اتفاقيات اوسلو واعادة احتلال المناطق الفلسطينية («ولو بشكل مؤقت»، كما جاء في بيانهم) والتخلص من عرفات.

وذكر ضابط الامن في المجلس ان جنديا اسرائيليا اصطدم مع نشاط المستوطنين فدخل في اشتباك معهم، مما ادى الى اصابة مستوطن بجراح بليغة.

واعلن الناطق العسكري انه يفحص هذه الشكوى، وغيرها من الشكاوى المقدمة ضد الجيش من يهود وفلسطينيين.