برلماني أصولي يتهجم على مصورة صحافية بسبب طريقتها في اللباس داخل البرلمان المغربي

TT

تحولت جلسة الاسئلة الشفوية بمجلس النواب المغربي اول من امس الى حلقة لتبادل عبارات التعنيف والقذف بين عضوين من حزب العدالة والتنمية الاصولي المعتدل (معارضة) والفريق الاشتراكي مدعوما بكافة اعضاء فرق الغالبية والمعارضة، وذلك بعدما تدخل النائب عبد الاله بنكيران وقاطع احد النواب الذي كان بصدد طرح سؤال شفوي على وزير الفلاحة، وامر بطرد امينة خباب المصورة الصحافية بالقناة الثانية من قاعة الجلسات بسبب لباسها.

واثار هذا الموقف حفيظة كافة النواب، الذين اعتبروا تصرفه خرقا سافرا للنظام الداخلي لجلسات البرلمان اولا، ومسا بحرية الانسان وحرية الصحافي اثناء تأدية مهامه ثانيا. ولم تقف الامور عند هذا الحد، بل ان النائب بنكيران حاول التهجم على الصحافية واندفع صوبها آمرا اياها بالخروج، وموجها لها عبارات قاسية لكونها على حد تعبيره «سافرة ولم تحترم مشاعر النواب وحرمة المكان».

واخذت الامور منحى أكثر صدامية عندما اقحم مصطفى الرميد رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية نفسه في النقاش والدفاع عن زميله على الرغم من انه كان خارج قاعة الجلسات عندما وقعت الحادثة في بدايتها، وليبدأ بذلك سيل التلاسن الكلامي بين نواب حزب «العدالة والتنمية»، ونواب الحزب الاشتراكي، الذين سارعوا بدورهم الى اتهام النائبين بالتعنت وفرض الوصاية على سير الجلسات، وارغام الصحافيين على الانضباط حسب قناعتهما الخاصة.

وقالت النائبة بديعة الصقلي من حزب الاتحاد الاشتراكي متزعم الائتلاف الحكومي، ان موقف بنكيران والرميد يشكل «سلوكا استفزازيا غير مقبول، ومسا بالحريات العامة وكرامة المواطن واعتداء على حرية صحافية اثناء تأدية وظيفتها».

واضافت بديعة الصقلي، ان أحزاب الغالبية، وهي تدين هذا التصرف والسلوك الخطير، فانها تدعو الى مواجهة حقيقية لهذه العينة من السلوكات السياسية التي يسعى اصحابها الى قولبة الناس واخضاع المرأة لرؤى واختبارات محددة. وذكرت ان عدم مواجهة مثل هذه المواقف قد يجر المجلس الى مواقف أخطر.

وفي السياق ذاته، اعتبر احمد الزايدي عضو الفريق الاشتراكي ورئيس نادي الصحافة، ان هذه الحادثة تمثل ارهابا فكريا ضد العمل الصحافي والصحافيين، واضاف «ان ما وقع داخل البرلمان يشكل لحظة كاشفة للمس بحرية مواطنة وصحافية تقوم بأداء واجبها المهني».

وعند استئناف الجلسة عاد الغليان من جديد، عندما طالب نواب حزب «العدالة والتنمية» بطرد الصحافية، وعدم السماح لها بالتقاط الصور، فيما طالب النواب الاشتراكيون بضرورة عودة الصحافية للقيام بمهامها أو رفع الجلسة، لتنتهي الامور باستئناف الصحافية لعملها وسط موجات استنكار نواب فريق «العدالة والتنمية».

وقالت المصورة الصحافية أمينة خباب، «ان ما جرى يشكل بالنسبة لها صدمة حقيقية، لان النواب الذين يفترض فيهم ان يقدموا النموذج للمواطنين والرأي العام، عبروا عن درجة غير مقبولة من سلوك الرفض والوصاية ومصادرة حرية الآخرين وأشيائهم الخاصة».

واضافت «ان النائب البرلماني لا يعرف حجم العناء الذي يقوم به المصور الصحافي يوميا في اكثر من موقف وهو يحمل كاميرا تزن 14 كيلوجراماً»، وأردفت «ان مهنتي كصحافية هي نقل الحدث، وما جرى اليوم اعتبره اعتداء على شخصي وعلى الصحافيين».

من جهته، قال النائب بنكيران لـ«الشرق الأوسط» انه لا يحتج على النساء وطرق لباسهن، فهذه امور ينظمها القانون، لكن داخل مجلس النواب (الغرفة الاولى بالبرلمان المغربي) المحترم والموقر، لا بد من حدود في شكل اللباس ونوعيته.

واضاف بنكيران انه انطلاقا من كونه أحد نواب الامة فانه ملزم وكافة زملائه النواب، بدخول المجلس بلباس معين ومحترم. وقال انه خلال افتتاح الدورة التشريعية برئاسة العاهل المغربي يفرض على النواب رجالا كانوا ام نساء طبقا للقانون الداخلي، ارتداء اللباس التقليدي، وهذا اكبر دليل على ان للمجلس حرمته.

واوضح بنكيران ان المصورة الصحافية العاملة في القناة التلفزيونية الثانية، دخلت قاعة مجلس النواب بلباس مفضوح، وما «قمت به امام هذه الواقعة هو تنبيه رئيس الجلسة النائب ابراهيم الراشدي الذي ينتمي الى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لكي يتدخل ويمارس سلطاته لاخراج الصحافية، الا ان بعض النواب من فريق الحزب الاشتراكي أدخلوني في ملاسنات».

واعتبر بنكيران ما وقع من ملاسنات في القاعة والتي دفعت برئيس الجلسة الى توقيفها لاكثرمن ساعة يجب الا يفسد صلب الموضوع، وان لا يحول الانظار عن قضية هامة تهم حرمة المؤسسة التشريعية. ودعا بالمناسبة الى احترام مجلس النواب، مؤكدا ان الصحافية المذكورة، خارج القاعة «لن نتدخل في شؤونها الخاصة».

وقال بنكيران ان حزب «العدالة والتنمية» عندما طرح قضية حرمة المؤسسة التشريعية، فانه «يميل في السياق ذاته الى مسألة الحياء العام في بلادنا، فهناك قوانين تمنع اللباس الذي يخدش الحياء العام، والمطلوب هنا تحريك القوانين وتطبيقها».

يذكر ان النائب المقرئ أبو زيد من حزب «العدالة والتنمية» لم يتفق مع طريقة تدخل النائب بنكيران. =