الشيخ عبد الله بن زايد: دولة الإمارات لا تفرض قيودا على المؤسسات بالمنطقة الإعلامية بدبي

وزير الإعلام الإماراتي: عندما نستقبل «الشرق الأوسط» نحن نستقبل مطبوعة مهمة ومؤثرة

TT

قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الاعلام والثقافة الاماراتي «إن الواحات الاعلامية الحرة بدولة الامارات هي محصلة لقناعة بالدور الجديد الذي يلعبه الاعلام»، داعياً الاعلام الرسمي الى «التخلي عن مفاهيمه الكلاسيكية والتأقلم مع الحالة الاعلامية الجديدة».

وقال الشيخ عبد الله بن زايد في حديث خاص بمناسبة بدء طبع جريدة «الشرق الأوسط» بدولة الامارات انطلاقاً من مدينة دبي للاعلام «إن وجود منطقة اعلامية حرة لا يعني ان هناك مباركة اماراتية لما تنشره المؤسسات التي تعمل في هذه المنطقة».

ودعا الجهات التي تبدي حساسية تجاه الحرية الصحافية والاعلامية الى إعطاء تفسيرات مهنية لا سياسية لما يكتب ويذاع من مواد.

لكن الشيخ عبد الله لم يستبعد ان يزيد الامتعاض والشكوى مما قد يصدر عن المؤسسات العاملة في مدينة دبي للاعلام، غير انه أكد ان ذلك لا يمكن ان يعيد عقارب الساعة للوراء، مشيراً الى ان دولة الامارات لا تفرض اي اجندة خاصة على المؤسسات العاملة في المنطقة الاعلامية الحرة.

وذكر الشيخ عبد الله ان التنافس الذي يفرضه التدفق الاعلامي على المؤسسات الاعلامية المحلية هو امر طبيعي ومرحب به لأن دولة الامارات لا توفر اساساً حماية للمنتج الاعلامي المحلي الذي عليه ان يتطور ويتأقلم مع التحديات التي تفرضها البيئة الاعلامية الجديدة، وفي ما يلي نص الحديث:

* هل يؤثر التدفق الاعلامي الكبير للمؤسسات الاعلامية العربية والدولية لمدينة دبي للاعلام على الدور الذي تلعبه وزارة الاعلام في الإمارات؟

ـ نحن نرجو ان تكون مدينة الاعلام في دبي نموذجاً للاداء الاعلامي، وواحة تستقطب الكفاءات المهنية والامكانيات التقنية، كما نرجو ان تنعكس اجواء الحرية التي تتمتع بها المؤسسات العاملة بالمنطقة على سقف الحريات المتاح لمؤسساتنا الاعلامية المحلية وعلى مستوى الاداء المهني والمستوى الفني لها.

* ما قصدته، هل وجود واحات اعلامية حرة لا تخضع للمقاييس الرسمية يعني تقليصاً لدور وزارة الاعلام؟

ـ انا لا اجد اي نوع من التضارب بين الدور الذي تلعبه المنطقة الاعلامية الحرة والدور الذي تقوم به وزارة الاعلام، فضلاً عن ان هناك تنسيقا بشأن الخطوط العريضة التي تشكل فلسفة المنطقة الاعلامية الحرة، فنحن في الوزارة على قناعة كاملة بأن وجود واحات اعلامية حرة، هو نتاج طبيعي للدور الجديد الذي يلعبه الاعلام حالياً، ولذلك فإننا في الوزارة ليست لدينا حساسية من وجود مثل هذه المناطق، بل بالعكس فإنها تحظى بدعمنا وتساهم في تعزيز المكانة التي تحتلها دولة الامارات في الخريطة الاعلامية.

* إذن الاعلام الاماراتي هو في طور التكيف مع الحالة الاعلامية الجديدة؟

ـ الاعلام الاماراتي اساساً على صلة بهذه الحالة ويتكيف معها بالفعل سواء في مجال التقنيات او مستوى الحريات، لكن مع ذلك نحن نتمنى ان ينعكس وجود هذا العدد الكبير من المؤسسات الاعلامية العربية والدولية المرموقة ايجاباً على الساحة الاعلامية المحلية، لأننا نعتقد ان دور الاعلام بالمفاهيم الكلاسيكية أخذ يتلاشى وبالتالي فإن الاعلام الخاص والاعلام الرسمي مطالب بالتأقلم والتكيف.

* ألا تعتقد ان الاعلام الاماراتي يواجه تحدياً بeçلمؤسسات الاعلامية الوافدة؟

ـ المنافسة حالة صحية ومؤسساتنا الاعلامية عندها الامكانية والمقدرة لمجاراة الآخرين، ونحن في كل الاحوال نعتبر ذلك من مسؤولية المؤسسات الاعلامية المحلية، لأننا في الاساس لا نوفر حماية للمنتج الاعلامي المحلي، وبالتالي فإن عليها ان تواجه التحدي وتتكيف معه. من جانبنا فإننا ندعم كل توجه من شأنه تحسين الاداء الاعلامي المحلي بما في ذلك تطوير سقف الحريات، ومن هنا يأتي توجهنا لاعادة النظر في قانون المطبوعات والنشر.

* ألا تتوقعون أن يؤدي هذا الحضور الكثيف من المؤسسات الاعلامية العربية والاجنبية في الساحة الاماراتية الى ازدياد المتاعب مع دول الجوار؟

ـ لا شك اننا نواجه الكثير من الشكاوى ونستشعر الامتعاض من بعض الجهات من وقت لآخر، لكن ذلك لا يعني الوقوف في وجه التطور الطبيعي الذي لم يعد بالامكان حتى من الناحية الفنية ضبطه او لجمه. والامر الآخر ان وجود منطقة اعلامية حرة في الامارات لا يعني ان هناك مباركة رسمية لما تنشره وتذيعه المؤسسات الاعلامية في تلك المنطقة، فنحن لا نملك اجندة لهذه المؤسسات او للمنطقة الحرة، وكل ما نفعله هو توفير ملاذ آمن للصحافة ووسائل الاعلام العربية للعمل بمناخ من الحرية وضمن بيئة مهنية متطورة. وهنا لا بد من القول ان الكثير من الدول بدأت بتقبل الطروحات الاعلامية الجديدة بروح رياضية اكثر عما كان عليه الامر من قبل. ونحن نأمل ان تتعزز هذه الروح مع الوقت بحيث لا يظل هناك مجال للعتب او الزعل.

وأتصور ان المفصل في النهاية هو نوعية المنتج الاعلامي، وهذه النوعية تتحدد على اساس جودتها المهنية وليس على اساس مقاسات سياسية ضيقة.

* هناك شعور لدى الكثيرين بأن دولة الامارات تأخذ مواقف سياسية ازاء ما يحدث في الاراضي الفلسطينية، وتتوجه بانتقادات لمواقف الولايات المتحدة بما لا يتناسب مع حجمها الجغرافي، هل لهذه المواقف قدرة التأثير ام انها من قبيل الاستهلاك الاعلامي؟

ـ مواقف الامارات ازاء القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموماً ليست مواقف جديدة وهي مواقف مشهودة ومعروفة منذ تولي الشيخ زايد مقاليد الحكم، لكن منذ الاحتلال العراقي للكويت تطورت العلاقة مع الولايات المتحدة، بحيث اصبحت الادارة الاميركية تنظر لعلاقاتها بدولة الامارات نظرة جديدة مما يعطي للمواقف السياسية الاماراتية تأثيرا اكبر، مما كان عليه الحال في الماضي. ولعلك تلاحظ ان مواقف الامارات لا تبتعد كثيراً عما يرد في قرارات الاجتماعات العربية، وبالتالي فإن ما تعلنه الامارات هو تعبير عن الالتزام بالقرارات العربية.

* ما دامت هذه المواقف جزءا من الالتزام بالقرارات العربية، ما الذي يدعو الامارات للتعبير عن تلك المواقف بشكل مستقل؟

ـ ما نقوله ليس تعبيراً مستقلاً، لكننا نجد ان بعض الدول العربية تتلكأ في توظيف ما تملكه من تأثير لاسماع القرارات والمواقف العربية للادارة الاميركية، وبالتالي فإننا نجد من حين لآخر حاجة الى تعميق تلك القرارات والمواقف من خلال التعبير المستقل الذي لا يخرج في حقيقته عما تم اقراره والاتفاق عليه بين جميع الدول العربية.

* تقومون بزيارة لسورية ولبنان هذا الاسبوع ما هي الموضوعات التي سيتم بحثها؟

ـ زيارتي لسورية تتم في اطار اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين، حيث ارأس الجانب الاماراتي في اللجنة، فيما يرأسها نائب رئيس الوزراء السوري خالد رعد. والاجتماعات تهدف الى تعزيز العلاقات السورية ـ الاماراتية في مختلف المجالات وخاصة في المجال الاقتصادي، حيث تحرص دولة الامارات على تقديم المساعدة للقطر السوري الشقيق لتطوير برامجه الاقتصادية من خلال بعض القروض التي اعلن عنها في السابق او تلك التي سيعلن عنها في اجتماع اللجنة. اما في ما يخص لبنان فإن زيارتي تأتي بناء على دعوة لتسلم وسام من فخامة الرئيس اللبناني العماد اميل لحود.

* تبدأ اليوم جريدة «الشرق الأوسط» الطباعة بدولة الامارات كيف ترون هذه الخطوة؟

ـ هذه خطوة مباركة بإذن الله وهي مهمة لـ«الشرق الأوسط» ولدولة الامارات، فـ«الشرق الأوسط» عندما اختارت دولة الامارات كمركز اقليمي جديد تدرك الامكانيات الكبيرة المتوفرة في سوق الامارات وفي موقعها كنقطة انطلاق اقليمية في المنطقة، ودولة الامارات عندما تستقبل جريدة «الشرق الأوسط»، فإنها تستقبل مطبوعة مهمة ومؤثرة. وعلى العموم فـ«الشرق الأوسط» ليست غريبة عن قارئ الامارات، فقد اعتاد عليها عندما كانت تشحن الى السوق المحلية يومياً، وهو الآن على موعد لقراءتها مع فنجان قهوته الصباحي. وأعتقد ان جريدة «الشرق الأوسط» التي تعد اول صحيفة عربية تطبع في الامارات تجسد بخطوتها الجديدة حالة من النضج المهني والفني، حيث يؤكد طبعها في دولة الامارات وفي المنطقة الاعلامية الحرة قدرتها على استشراف ما ينتظر الساحة الاعلامية العربية من تطورات واستغلال ما يتوفر فيها من امكانيات.