مدنيون يشاركون رغم المخاطر في نزع الألغام الإسرائيلية من جنوب لبنان

TT

النبطية ـ أ.ف.ب: «رغم لهفتي لمساعدة ابناء بلدي ما كنت لأشارك في عمليات نزع الالغام الاسرائيلية من ارض الجنوب لولا تردي حالتي المالية»، هذا ما قاله رائف زغلول، احد المتطوعين اللبنانيين الذين يشاركون «المجموعة الاستشارية للألغام» البريطانية غير الحكومية في عمليات نزع الالغام التي خلفتها اسرائيل.

ويضيف زغلول (24 عاما)، وهو من مواليد قرية كفرحمام في منطقة كفرشوبا في القطاع الشرقي للمنطقة المحتلة السابقة «ترددت كثيرا قبل الاقدام على هذا العمل رغم قوة الدافع الانساني لكن كان لوضعي المادي المتردي الدور الاساسي في حسم القرار والالتحاق بدورة التدريب على نزع الالغام رغم معارضة خطيبتي الشديدة». ولا يعتزم زغلول الذي عمل سابقا كمتطوع في الصليب الاحمر اللبناني البقاء في عمله الجديد فقد شارك أخيراً في مباراة للالتحاق بقوى الأمن الداخلي ويقول «اذا نجحت سأترك هذا العمل».

وكان احد المتطوعين، ويدعى حسين ياسين (30 عاما)، قد فقد ذراعه مطلع الشهر الحالي في انفجار لغم كان يعمل على تفكيكه في منطقة النبطية في حقل يمتد بين قريتي كفر رمان وعربصاليم وكان الجيش الاسرائيلي يقيم فيه احد ابرز مواقعه وهو موقع السويداء. ويقول بلال غندور (25 عاما) من بلدة النبطية «عندما انتهى عملي ككهربائي في مشروع توسيع وتأهيل مطار بيروت الدولي لم انجح في الحصول على عمل جديد فتطوعت في هذا الميدان رغم خطورته». ويبلغ راتب المتطوع لنزع الالغام وتفكيكها او تفجيرها 600 دولار شهريا في بلد لا يتعدى متوسط دخل الفرد الشهري 700 دولار. ويحمل ربيع قبيسي (27 عاما) من بيروت اجازة في ادارة الاعمال وقد اغلق محله لبيع الكومبيوتر بسبب تردي الاوضاع المالية ويقول: «في المرة الاولى شعرت بخوف كبير فلا تجربة سابقة لي مع الألغام والان اصبحت قادرا على اكتشاف اللغم وتفجيره بدون خوف».

ويقول خضر قيس (23 عاما) من بعلبك (شرق) وهو عامل كهرباء وله خبرة ميليشيوية سابقة في هذا المجال «اذا لم نقم نحن بنزع الالغام من ارضنا فمن سيفعل ذلك؟». ويضيف: «كنت اشعر بالحزن كلما سمعت عن اطفال اصيبوا بانفجار الالغام والان كلما نزعت لغما اشعر بأني احمي طفلا». اما غسان مروة (24 عاما) ويعمل في كهرباء السيارات وله خبرة سابقة في التعامل مع الالغام فيقول باندفاع «نزع الالغام نوع من العمل المقاوم. الالغام تقتل اولادنا وأطفالنا».

ويؤكد جون ديفاين، رئيس «المجموعة الاستشارية للألغام» التي يضم فريقها اربعة بريطانيين فى موقع السويداء «يتضمن الحقل هنا ومساحته ثلاثة دونمات 370 لغما تم خلال ثلاثة اشهر نزع نحو 70 منها فقط». ويعزو المشرف على الفريق الذي يعمل بالتعاون مع الجيش اللبناني وتحت اشراف المكتب الوطني لنزع الالغام «البطء الشديد» في العمل الى صعوبات مردها خصوصا الى «ان ارض لبنان غنية بالمعادن» والى رغبة الفريق «بنزع اللغم وتنظيف محيطه من اي مخلفات». ويقول: «اضطررنا الى استقدام كواشف اكثر تطورا مخصصة للأرض الغنية بالمعادن تميز بين الطبيعي منها والمصنع»، مشيرا الى ان كلفة المشروع بلغت 500 الف يورو تبرعت بها المجموعة الاوروبية وذلك لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد في حال الحصول على دعم مالي اضافي. وقد اتخذ فريق العمل مركزه الرئيسي بالقرب من موقع السويداء السابق للجيش الاسرائيلي. وينتشر عناصره في الحقل مجهزين بالخوذ الضرورية والاقنعة الزجاجية والثياب الواقية من الشظايا التي يفرض ارتداؤها على كل من يدخل الحقل وحتى على الصحافيين. وتفيد تقديرات الامم المتحدة بأن الجيش الاسرائيلي خلف 130 الف لغم وقذيفة غيرمنفجرة على الاقل في المنطقة المحتلة (850 كلم مربعا) بدون ان يعطي خرائط لمواقعها وذلك بعد انسحابه في مايو (ايار) 2000 اثر احتلال استمر 22 عاما.

وفككت قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان والجيش اللبناني حتى الان قسماً ضئيلاً منها. كما تعهدت دولة الامارات في مارس (اذار) الماضي بتمويل مشروع لنزعها بكلفة 50 مليون دولار. وتتولى دول عدة منها اسبانيا وروسيا تدريب اخصائيين لبنانيين في نزع الالغام.