لحود يؤكد دعمه لحكومة الحريري في سعيها لتحقيق المعالجات الاقتصادية والمالية الملحة

لبنان يستعد لـ«مؤتمر الشركاء» بخفض النفقات وزيادة الواردات

TT

تظهر التحركات والاتصالات الجارية على الساحة اللبنانية الداخلية حالياً ان المسؤوليين اللبنانيين استوعبوا التفاعلات التي احدثتها المذكرة التي اصدرتها بعثة صندوق النقد الدولي عن لبنان قبل ايام واشارت فيها الى المشكلات الاقتصادية والمالية التي يعانيها لبنان ودعت حكومة رفيق الحريري الى المضي في تنفيذ البرنامج الذي وضعته لمعالجة هذه المشكلات بغية ملاقاة اجتماع «باريس ـ 2» او «مؤتمر شركاء لبنان» بوضع يشجع المشاركين فيه على اتخاذ الخطوات التي تساعد الدولة اللبنانية على خفض خدمة مديونيته العامة عبر ابدال هذه المديونية بأخرى مخفوضة الفائدة.

وتنطلق المعالجة اللبنانية للمشكلات القائمة تحضيراً لـ «مؤتمر شركاء لبنان» عبر خطين; الاول الاصلاح الاداري والتعيينات الادارية، والثاني خفض الانفاق وزيادة الموارد المالية للدولة عبر تفعيل الجباية وتأمين او ابتكار واردات مالية جديدة. على ان كل هذه المسائل يبدو تنفيذها مطلوبا من الحكومة اللبنانية بالحاح قبل هذا المؤتمر الذي اكد رئيس الحكومة، رفيق الحريري، انه سينعقد بعد صدور تقرير صندوق النقد الدولي في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل وقبل نهاية السنة الحالية.

وفي هذا المجال، ينقل زوار رئيس الجمهورية اميل لحود هذه الايام تأكيده انه لن يتوانى عن تقديم المساعدة للحكومة وتأييد ما تتخذه في شأن الوضع الاقتصادي والمالي الذي لم يعد يحتمل اي تأجيل أو تأخير في هذه المعالجة. وكان الرئيس لحود قد اكد اول من امس ان التعيينات الادارية التي سيجريها مجلس الوزراء قريباً ستكون بعيدة عن المحاصصة والمحسوبية والاستزلام وانه توافق ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري على هذا المبدأ وعلى استبعاد تعيين المقربين منهم ولو كانوا اصحاب خبرة وكفاية واختصاص. واكد زوار رئيس الجمهورية في هذا المجال انه حدد في هذا الموقف السقف الذي ستتم على اساسه التعيينات الادارية الجارية. كذلك حدد المواصفات المطلوب توافرها بالمرشحين لهذه التعيينات، وهي مواصفات ورد ذكرها في خطاب القسم الرئاسي الذي القاه لحود يوم تسلمه مقاليد الرئاسية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 1998.

في هذا المجال قال الرئيس الحريري لـ «الشرق الأوسط» انه يؤيد ما قاله الرئيس لحود في شأن التعيينات. واضاف: « هذا هو موقفي ايضاً. ولو لم يعلنه الرئيس لحود لكنت اعلنته. وقد عبرت عن هذا الموقف امام الوزير (وزير الصحة) سليمان فرنجية عندما التقينا» اول من امس.

وذكر قريبون من الحريري انه لن يرشح للتعيينات المرتقبة اي شخص عمل في أي من الشركات والمؤسسات المتنوعة التي يملك.

الى ذلك قال الحريري امام زواره ان حكومته مستمرة في سياسة خفض الانفاق في كل المجالات التي لا تؤثر في معيشة المواطنين. واكد ان الانفاق في مجالي الصحة والتعليم لن يخفض. واشار الى البدء بخطوات تستهدف تسهيل انجاز معاملات المواطنين في الادارات المختلفة ومنها إحداث مكاتب متخصصة بإنجاز رخص البناء.

ولم يستبعد الحريري زوال المعوقات التي تحول حتى الآن دون توقيع لبنان اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي. وذكر انه بحث في هذا الموضوع طويلاً مع الامين العام للاتحاد الاوروبي لشؤون الخارجية والامن خافيير سولانا الذي التقاه اول من امس. وتوقفا تحديداً عند موضوع تصدير المنتجات الزراعية اللبنانية الى الاسواق الاوروبية الذي تبين انه هو السبب الذي يؤخر توقيع الاتفاق. واكد الحريري للمسؤول الاوروبي ان ما يمكن تصديره من كميات من منتجات زراعية لبنانية يستهلكه الاوروبيون في ساعات. وقال ان لبنان، الصغير بمساحته وبعدد سكانه الذي لا يتجاوز الاربعة ملايين نسمة، يستورد من اوروبا سنوياً ما قيمته خمسة مليارات دولار، اي ما يوازي ما تستورده مصر التي يفوق عدد سكانها الـ 65 مليون نسمة. وفيما ينتظر لبنان ان يتلقى مؤشرات مشجعة في شأن توقيع اتفاق الشراكة مع اوروبا فإن الاوساط السياسية اللبنانية تجمع على ان الفترة الفاصلة عن موعد صدور تقرير صندوق النقد الدولي وتالياً انعقاد «مؤتمر شركاء لبنان» ستكون فترة اختبار للحكومة لكي تثبت قدرتها على تنفيذ البرنامج الذي وضعته للمعالجة الاقتصادية والمالية، فاذا نجحت تكون اجابت عن السؤال الذي طرحته بعثة الصندوق في مذكرتها الاخيرة وهو «هل تستطيع الحكومة اللبنانية تنفيذ برنامجها؟».

وفي اي حال، فإن الخطوات الحكومية ستبدأ بالتبلور ابتداء من الاسبوع المقبل سواء في ما يتعلق بالتعيينات الادارية او بالخطوات الهادفة الى عصر النفقات وزيادة الواردات.