كارتر ينتقد عدم ممارسة بوش ضغوطا كافية على الإسرائيليين لوقف الاستيطان

الرئيس الأسبق يقول إن بوش همش «المعتدلين» في إدارته ويصف مشروعه الصاروخي بـ«السخيف تكنولوجيا»

TT

في سابقة لم يعهدها الاميركيون من قبل، هاجم الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر الرئيس الحالي جورج بوش منتقدا «تقريبا كل ما قام به» هذا الاخير، سواء في قضايا منطقة الشرق الاوسط او البرنامج الصاروخي الدفاعي او مسائل حقوق الانسان، وقبل ذلك كله تهميشه لـ «المعتدلين» من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بمن فيهم وزير الخارجية كولن باول.

ففي مقابلة اجرتها معه صحيفة «كولومبوس ليدجر انكوايرر» بمنزله في مدينة بلاينس (ولاية جورجيا) ونشرتها امس، قال الرئيس الاسبق كارتر «لست مرتاحا لكل ما قام به (بوش) تقريبا». واضاف انه تطوع مع عدد قليل من الديمقراطيين للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجمهوري في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي «لآماله الكبيرة في رئاسة بوش». ثم تابع «لقد تمنيت له بعد فوزه في انتخابات غير مؤكدة انه سيحقق طموحات الشعب من مختلف التوجهات، وليس فقط الديمقراطيين والجمهوريين. لقد اعتقدت انه سيكون زعيما معتدلا، لكنه كان ميالا جدا لبعض الاعضاء المحافظين في ادارته، وخصوصا لنائبه ديك تشيني ووزير الدفاع في ادارته دونالد رامسفيلد. الاشخاص الاكثر اعتدالا مثل كولن باول قد ابعدوا عن عمليات صنع القرار في ما يخص القضايا الدولية».

وبخصوص رؤيته للاوضاع في منطقة الشرق الاوسط، قال كارتر ان «استمرار التوتر بين الاسرائيليين والفلسطينيين قد جعل جهود الادارة الاميركية عديمة الجدوى». ويرى كارتر انه كان على الرئيس بوش الابن اتباع سياسة والده الرئيس الاسبق جورج بوش الاب في ما يخص مطالبة الاسرائيليين بوقف الاستيطان. وقال كارتر في هذا الصدد «بوش الاب اتخذ موقفا قويا في هذا الشأن، كما فعلت انا ايضا». وانتقد كارتر الرئيس بوش الابن ايضا في عدم ممارسته الضغوط الكافية على الحكومة الاسرائيلية لسحب قواتها من قطاع غزة مطلع العام الجاري. يذكر ان كارتر عرض قيامه بدور وساطة في التوتر الاسرائيلي ـ الفلسطيني المستمر منذ سبتمبر (ايلول) الماضي، الا ان طلبه قوبل بالرفض من كلا الطرفين.

وحذر الرئيس الاسبق كارتر الادارة الاميركية الحالية من تجاهل بؤر النزاع في مناطق العالم الاخرى. واشار الى ما قامت به ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون في هذا الشان. فلاحظ ان وزير الخارجية الاميركي في عهد كلينتون (ورين كريستوفر ثم مادلين اولبرايت) قام بـ 26 زيارة الى منطقة الشرق الاوسط قبل ان يؤدي زيارة الى اي بلد افريقي، في حين ان «الحروب المستعرة في القارة الافريقية تعتبر اكثر جدية من الصراع في منطقة الشرق الاوسط».

وفي المقابلة التي تعرضت الى قضايا سياسية محلية وخارجية واسعة، انتقد كارتر ايضا مواقف الادارة الحالية من قضيتي المناخ ومشروع اقامة الدرع الصاروخي الاميركي. فقال ان على الولايات المتحدة ان تحترم بروتوكول «كيوتو» الذي يقضي بخفض نسبة انبعاث الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الارض. وراى كارتر ان المشروع المقترح باقامة الدرع الصاروخي الاميركي «سخيف تكنولوجيا»، مشيرا الى ان اقامة هذا الدرع يتعارض مع معاهدة «اي.بي.ام» المبرمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق عام .1972 ولم يتردد الرئيس الاميركي الاسبق في الذهاب الى نفس ما تقوله الدول المناهضة للمشروع الصاروخي الاميركي مثل روسيا والصين، فقال «اعتقد ان المشروع الصاروخي سيطلق سباق تسلح نووي جديدا».

وتعتبر هذه الانتقادات التي وجهها كارتر الى الرئيس بوش لادائه الرئاسي خلال سبعة اشهر فقط سابقة في الولايات المتحدة. ويقول ايروين هارغروف الاكاديمي في جامعة فاندربيلت «انه من الغريب لجوء رؤساء سابقين الى انتقاد من يخلفونهم». ثم يضيف هارغروف ان «كارتر كان دائما على علاقة طيبة مع الرئيس الاسبق بوش الاب». كما رأى تشارلز جونز الاكاديمي المختص في الشؤون الرئاسية بجامعة ويسكونسون ان «كارتر شخص صاحب رؤى قوية، الا ان ما يفاجئ هو نوع التحليل الشامل في انتقاداته» لاداء الرئيس بوش.

من جانبه، رفض متحدث باسم البيت الابيض التعليق على انتقادات كارتر، مكتفيا بالقول «ان الرئيس بوش عاد توا من لقاءات ناجحة وبناءة مع الزعماء الاوروبيين، بما في ذلك اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث حققا جهدا معتبرا نحو اقامة اطار استراتيجي جديد يتماشى مع تحديات القرن الحادي والعشرين».