جدل في أميركا حول تعيين بوش كبار المتبرعين لحملته الرئاسية في الوظائف الاتحادية

TT

ظل الرؤساء الاميركيون منذ امد بعيد، يكافئون من يدعمونهم ماليا بالوظائف الكبرى: السفارات وعضوية اللجان ووظائف الادارة. ولكن الرئيس جورج بوش الذي سجل ارقاما قياسية في جمع الاموال لحملة عام 2000 الانتخابية، يحاول ان يسجل ارقاما قياسية ايضا تجاه الذين دعموه ماليا بمكافأتهم بعدد كبير من الوظائف الحكومية التي تتراوح بين الوظائف القضائية الفيدرالية وعضوية وكالات مثل فرقة السلام.

وهذه الموجة من التوظيف اثارت الشكوك حول صلاحية البعض لهذه الوظائف. كما ادت الى مزيد من الاستقصاء حول سجلهم في التبرع بالاموال.

متوسط التبرعات الفردية التي قدمها 310 وزراء ووكلاء كان 8.3 الاف دولار. وهذا يمثل ضعف معدل موظفي الرئيس السابق بيل كلينتون على وجه التقريب، بناء على المعلومات الاولية للجنة التعيينات الرئاسية المتوقع تقديم تقريرها في سبتمبر (ايلول) المقبل.

بعض مرشحي بوش للمناصب القضائية تبرعوا بسخاء للحزب الجمهوري، مما يثير الشكوك حول استقلاليتهم. ويطالب الديمقراطيون مجلس الشيوخ حاليا، وخاصة في لجنة الشؤون القانونية، بمساءلة المرشحين لهذه الوظائف حول سجلهم في التبرع للحزب الجمهوري.

تعيينات بوش للسفراء انطوت على نسبة عالية جدا من التعيينات السياسية، واغلب هؤلاء من المتبرعين الكبار. وكان الرؤساء في العادة يستخدمون 30% فقط من هذه الوظائف لمكافأة مؤيديهم.

يقول بول لايت من لجنة التعيينات الرئاسية بمعهد بروكنز «الضغوط الهائلة المصاحبة لجمع الاموال، وارتفاع حجم هذه الاموال نفسها، وفرا فرصا اكبر للتأثير المالي على التعيينات الرئاسية».

الاموال التي جمعت ابان حملة بوش بلغت 1.1 مليون دولار، خلال الفترة 1999 ـ 2000، بما في ذلك 20.2 مليون من تبرعات من 200 دولار فأقل. وليس غريبا، والحالة هذه، ان يكون اغلب المعينين من المتبرعين للحملة، فالجمهوريون على كل المستويات التفوا حول بوش وحزبه وتبرعوا لهما.

والجمهوريون ليسوا وحدهم الذين يعتمدون على دعاماتهم الحزبية في جمع الاموال. وتقول المعلومات الاولية لمعهد بروكنز ان نصف الوظائف في رئاستي كلينتون وبوش، اسند لمن سبق لهم التبرع، الفرق الوحيد ان موظفي بوش تبرعوا بضعف ما تبرع به موظفو كلينتون (8300 دولار).

ويزداد قلق المعارضين من هذا الارتباط القوي بين تقديم الهدايا والحصول على الوظيفة. يقول ستيف وايز من مركز السياسات المستجيبة «هذا يعطي الانطباع بأن التبرعات السخية ابان الحملة الانتخابية اصبحت شرطا لنيل بعض هذه الوظائف الكبيرة».

ويصر البيت الابيض ان الناس لا يتم اختيارهم بالرجوع الى التبرعات الكبيرة التي قدموها. وتقول آن ووماك، المتحدثة باسم البيت الابيض «ترشيحات الرئيس تتم على اساس المعرفة والخبرة.. وعلى اساس المقدرة على تنفيذ اجندة الرئيس».

ومن الترشيحات المثيرة للجدل غادى فاسكيز الذي اختاره بوش الاسبوع الماضي لرئاسة فرقة السلام. وقد تبرع فاسكيز بمبلغ 106 آلاف دولار للحزب الجمهوري في عامي 1999 و2000، كان اغلبها من صندوق لتبرعات الحرب ترجع الى ايامه بمقاطعة اورانج (كاليفورنيا) عندما كان عضوا بلجنة الاشراف على الصندوق.

واستقال فاسكيز من تلك اللجنة عام 1995 بعد ان سجلت المقاطعة خسائر بلغت 2.1 مليار دولار من استثماراتها. وفي عام 1996 قالت لجنة قامت بالتحقيق في هذه الخسائر ان «المشرفين احجموا عن كشف بعض المعلومات المادية حول الوضع المالي لولاية اورانج». وكان فاسكيز احد هؤلاء المشرفين.

يقول ستيوارت مولريش، المستشار السياسي الذي عمل مع فاسكيز، عن قضية مقاطعة اوراج «كان في المكان الخطأ في الوقت الخطأ». ويقول عن فاسكيز انه انسان رائع، ومتحدث ممتاز وملهم.

ويشك بعض قدامى الاعضاء في فرقة السلام، في انه يمكن ان يقود المنظمة. ويقول جون كوين، محرر موقع كتاب فرقة السلام، التي تنشر اعمال المتطوعين: «اصبحت (اي الفرقة) جزءا من الوحش السياسي. تبرع بالمال تحصل على الوظيفة. ولكن المرء يتوقع على الاقل ان يكون الحاصل على المنصب على صلة ما او ارتباط بفرقة السلام».

ويواجه مرشحو بوش للمناصب القضائية فحصا اشد صرامة. وما تزال لجنة الشؤون القانونية بالكونجرس منقسمة على نفسها، حول ما اذا كانت ستوجه اسئلة للمرشحين حول تبرعاتهم المالية.

المرشح للدائرة القضائية التاسعة رتشارد كلفتون، تبرع بأكثر من 20 الف دولار للحزب الجمهوري منذ 1999. ديبورا كوك، الدائرة السادسة، تبرعت بأكثر من 7000 دولار للجمهوريين منذ 1998.

مرشحو بوش للوظائف الدبلوماسية متبرعون من الوزن الثقيل هم ايضا. وقد اعلن يوم الجمعة تعيين ميلفين سمبلر ـ الموظف في مجال الاراضي بفلوريدا ـ سفيرا الى ايطاليا. وكان من المتبرعين كذلك السفراء الذين اختارهم بوش الى ايرلندا، بريطانيا، فرنسا، وغيرها.

هذا التقليد يرجع على الاقل الى الرئيس فرانكلين روزفلت عندما عين جوزيف كنيدي سفيرا الى بريطانيا العظمى، ولكن يبدو ان حجمه يتصاعد في ايام بوش. ويقول تحليل بـ«الفينانشيال تايمز»، 13 يونيو (تموز)، ان 46% من السفراء معينون سياسيا، وليسوا دبلوماسيين ذوي خبرة. ولكن ربما تنخفض هذه المعدلات الى مستواها التقليدي مع حدوث تعيينات جديدة.

يقول ستيف وايز من معهد السياسات المستجيبة «هناك افراد كثيرون بارزون لهم مؤهلات عظيمة. ولكن ما يميز موظفي بوش هو عطاؤهم»!

* خدمة «كريستيان ساينس مونوتورز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»