النقض المصرية تقضي بإعادة محاكمة جميع المتهمين في قضية الكشح

TT

في تطور كان متوقعا، قضت محكمة النقض المصرية بقبول الطعن الذي قدمته النيابة العامة وأهالي الضحايا في قضية العنف الطائفي المعروفة باسم «الكشح» وقررت المحكمة اعادة محاكمة جميع المتهمين والبالغ عددهم 92 متهما امام دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات أسيوط.

وكانت خلافات قد نشبت بين المسلمين والمسيحيين في قرية الكشح التي تقع جنوب القاهرة بنحو 450 كيلو مترا مما أدى الى مصرع 21 شخصا بينهم عشرون قبطيا في الأول من يناير (كانون الثاني) 2000، وبعد جلسات تقاضي امام محكمة جنايات سوهاج أمر المستشار محمد عفيفي بسجن أربعة متهمين واطلاق 92 متهما وهو ما أثار احتجاجات واسعة في أوساط الأقباط وطعنت النيابة العامة على الحكم. حيث قالت في طعنها ان الحكم شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون.

وأفادت النيابة الى أن المحكمة أغفلت الأدلة المادية في الدعوة والتي شملت معاينة النيابة للأحداث على الطبيعة في قرية الكشح، ولم تلتفت للأدلة المادية والفنية المتمثلة في تشريح جثث القتلى وروايات شهود العيان وضبط بعض المتهمين متلبسين بالمشاركة في الاحداث وحيازتهم لأسلحة نارية.

وفور صدور الحكم عبر الانبا ويصا اسقف البلينا والذي تتبعه قرية الكشح عن ارتياحه لاعادة المحاكمة وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن اعادة محاكمة المتهمين مجددا اقرار للعدالة واعادة الحق لأصحابه.

في الوقت نفسه أكدت مصادر الكنيسة المصرية ارتياحها للحكم خاصة وان البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط كان قد أبدى عدم رضاه عن الحكم الذي ألغي، وطالب علانية باعادة النظر في القضية.

وقد عقدت المحكمة جلستها صباح أمس وسط هدوء تام ولم يحضر أي من المتهمين سواء الأقباط أو المسلمين. ولم يحضر سوى ثلاثة محامين فقط أحدهم عن الكنيسة والمجني عليهم. وقال رئيس المحكمة المستشار حسن حمزة نائب رئيس محكمة النقض لـ«الشرق الأوسط»: إن المحكمة قررت اسقاط الطعن بالنسبة للمتهمين الطاغيين من بين الاربعة المدانين حيث لم يحضرا الجلسات، ولم يوكلا محاميا عنهما وان المحكمة تعد حاليا حيثيات الحكم الذي استندت اليه في اصدار طعنها وسوف تعلنه صباح الخميس المقبل، وقال رئيس المحكمة ان ملف القضية سوف يرسل الى رئيس محكمة استئناف اسيوط ليحدد موعدا من جديد لاعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة جنايات جديدة بسوهاج.

وكان المستشار نجيب جبرائيل المحامي قد حضر دفاعا عن المجني عليهم الأقباط الـ21 الذين لقوا مصرعهم في الأحداث ودفاعا عن الكنيسة، وأكد انه حضر للانضمام الى النائب العام في طعنه على الحكم الصادر من محكمة الجنايات بسوهاج ببراءة 92 متهما من مجموع 96 متهما وقال ان الحكم شابه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق مما يعني أن محكمة الجنايات عدلت القيد والوصف من القتل العمد والتجمهر الى القتل الخطأ وان المحكمة أغفلت التقارير الطبية التي انتهت الى أن وفاة المجني عليهم كانت عمدية نتيجة طلق ناري أو استعمال آلة حادة، وقال محامي الأقباط ان الميسحيين أضيروا في هذه الأحداث بإزهاق الارواح والاتلاف العمدي والتخريب ووصف الحالة البشعة التي كانت عليها الجثث في مسرح الأحداث، وقال المحامي إننا مازلنا ننكأ الجرح الذي سببه لنا ممدوح مهران في جريدة النبأ. وأرجع جبرائيل عدم وجود محامين عن المتهمين الى أن الكشح ودار السلام بها اميون كثيرون وغير قادرين على توكيل دفاع، وعقب صدور الحكم قال مهللا أن الحكم سوف يكون له الأثر الطيب على جميع أقباط مصر وعلى الشارع المصري ويعبر عن صرح العدالة المصرية، ووصفه بأنه بلسم شاف بعد أن أخطأت محكمة الجنايات وكنا ننتظر هذا الحكم. وقال الدفاع عن الكنيسة ان حكم النقض طبق صحيح القانون، مشيرا الى أنه أصلح ما حكمت به محكمة الجنايات مؤكدا انه من غير المعقول ان تؤكد جميع التقارير على ان الوفاة عمدية ثم تحكم الجنايات بالبراءة وتعتبر القضية جنحة.

بينما أكد ميشيل بسادة المحامي المدعي بالحق المدني عن 38 قبطيا برأتهم المحكمة من ارتكاب الأحداث، انه سوف يدعي بالحق المدني مرة ثانية امام المحكمة الجديدة.

وقال حافظ أبو سعد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان انهم توقعوا هذا الحكم بقبول الطعن لأن الحكم الأول كان فيه عيوب كثيرة وان اعادة الدعوى تعتبر تجديدا للمحاكمة حتى تتم معاقبة الذين ارتكبوا جرائم تهدد الوحدة الوطنية وجرائم استهدفت حق الحياة وأدت الى مقتل 22 مواطناً مصرياً، وكان من غير المقبول ومن غير المعقول ان يفلت هؤلاء من العقاب ونحن نشيد بموقف النيابة العامة التي طعنت الحكم امام النقض.