الملك محمد السادس يقرر إدماج الأمازيغية في النظام التعليمي ويؤكد إجراء الانتخابات في موعدها

العاهل المغربي يحمل على الفساد ويدعو إلى إصلاحات عميقة تتلاءم مع تحولات العولمة

TT

أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب العرش الذي ألقاه أمس من مدينة طنجة وبث مباشرة على الاذاعة والتلفزيون، قرارا بادماج اللغة الأمازيغية في النظام التعليمي المغربي وإحداث معهد ملكي للثقافة الأمازيغية. وقال الملك محمد السادس «اعتبارا منا لضرورة اعطاء دفعة جديدة لثقافتنا الأمازيغية، التي تشكل ثروة وطنية، لتمكينها من وسائل المحافظة عليها والنهوض بها وتنميتها، فقد قررنا أن نحدث معهدا ملكيا للثقافة الأمازيغية نضع على عاتقه علاوة على النهوض بالثقافة الأمازيغية الاضطلاع، بجانب القطاعات الوزارية المعنية، بمهام صياغة واعداد ومتابعة عملية ادماج الأمازيغية في نظام التعليم». وأكد العاهل المغربي أن الانتخابات التشريعية والمحلية ستجري في موعدها الدستوري، داعيا لعدم الدخول في حملات انتخابية سابقة لأوانها، وقال «نؤكد أن من متطلبات توطيد ما تنعم به بلادنا من استقرار سياسي واستمرارية مؤسسية والارتقاء بمستوى النضج الذي بلغه بناء الصرح الديمقراطي الوطني اجراء الانتخابات في أوانها الدستوري والقانوني العادي». واضاف «اننا نهيب بالطبقة السياسية أن تجعل من الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات لحظات تعبئة وطنية قوية وتنافس شريف في اعداد برامج ملموسة واقعية قابلة للانجاز». وقال ان «الانتخابات وأنماط الاقتراع ليست غاية في حد ذاتها، وانما هي وسلية ديمقراطية لافراز نخبة من رجالات الدولة وأغلبية منسجمة نابعة من انتخابات تنافسية نزيهة معبرة بكل صدق وشفافية عن خيارات الناخبين والرأي العام وملائمة لواقع مشهدنا السياسي والحزبي». واكد العاهد المغربي ضرورة توسيع فضاءات الحوار بشأن قضايا حقوق الانسان، واشار الى المبادرات التي اتخذت مثل مشروع مراجعة مدونة الحريات العامة «التي ندعو الحكومة والبرلمان الى الاسراع باقرارها والانكباب على إحداث جهاز خاص يسهر على التطبيق السليم لقانون وأخلاقيات المهنة النبيلة للاعلام». واشار العاهل المغربي الى ان موقف المغرب من قضية الصحراء ينبع من ايماننا بـ«عدالة قضيتنا». وقال انه «من منطلق ائتماننا على سيادة المملكة ووحدة ترابها، فقد بادرنا الى الاستجابة لقرارات مجلس الأمن ومساعي ومقترحات الأمين العام للأمم المتحدة (كوفي انان) وممثله الشخصي، ومباشرة حوار جاد معهما لايجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول مغربية صحرائنا، في نطاق أرحب معاني الجهوية والديمقراطية». وحمل خطاب العاهل المغربي على الفساد ودعا لاصلاح الادارة اصلاحا عميقا يلائم التحولات واندماج الاقتصاد المغربي في العولمة، وقال «اذا كان تزامن الجفاف مع ظرفية دولية صعبة متسمة بارتفاع أثمان البترول وتقلبات أسعار العملة الصعبة، قد حال دون تحقيق كل النتائج المتوخاة من الاقلاع الاقتصادي، فاننا قد حققنا نتائج مشجعة في القطاعات الواعدة للاقتصاد الجديد لتكنولوجيات الاعلام والاتصال، وكذلك الصناعة التقليدية والصيد البحري والتصدير والسياحة». واوضح العاهل المغربي انه اولى «عناية خاصة لكسب رهان جعل قطاع السياحة قاطرة قوية للتنمية، لما يدره من فرص شغل وعملة صعبة، وما يتيحه من انفتاح على الحداثة، باعتباره نشاطا اقتصاديا وثقافة وفنا للتواصل مع الغير». وبخصوص اهتمامات المغرب بالقضايا العربية، قال الملك محمد السادس لقد «شكلت قضايا أمتنا العربية أهمية كبرى في انشغالاتنا وتفكيرنا، وفي مقدمتها القضية العادلة للشعب الفلسطيني الشقيق، مساندين، في كل مناسبة الجهود الرامية الى توفير الشروط المؤدية الى وقف البطش الاسرائيلي واستئناف الحوار قصد الوصول الى ارساء سلام دائم وعادل وشامل في المنطقة». واضاف لقد «حرصنا على الدعوة في القمتين العربيتين للقاهرة وعمان الى خلق مناخ عربي جديد، يؤهل الأمة العربية للقيام بدور مؤثر وفاعل لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة ونبذ الخلافات وتعزيز التعاون والتضامن العربي». وتحدث العاهل المغربي عن علاقات بلاده مع الدول الغربية، فقال ان «علاقاتنا مع أوروبا عرفت مرحلة جديدة اتسمت بدخول اتفاق الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي حيز التنفيذ». واكد اننا «نسعى جادين الى العمل مع الادارة الأميركية الجديدة من أجل زيادة توطيد علاقات الصداقة التاريخية والتعاون المثمر، التي تجمع بلدينا الصديقين، كما نعمل على توسيع آفاق التعاون والتضامن بين المغرب ودول أميركا اللاتينية التي نتقاسم واياها نفس الانشغالات التنموية والحضارية». واشار العاهل المغربي الى «الدور الفاعل» الذي لعبته المملكة في تنشيط التعاون الأورو ـ متوسطي «تجسيدا لدورنا الحضاري في المنطقة المتوسطية، حيث دعت دبلوماسيتنا في كل المناسبات إلى ضرورة البحث عن أسلوب جديد يمكن المنطقة المتوسطية من السير نحو فضاء يسوده السلم والازدهار في إطار احترام ثقافات وقيم كل الأطراف». وقال انه «عملا على توسيع آفاق التعاون بين المغرب والدول الآسيوية، فقد قمنا بزيارة رسمية لجمهورية الهند، ساهمت في تمتين روابط الصداقة العريقة التي تجمعنا بهذا البلد الكبير، كما انتدبنا وزيرنا الأول للقيام بزيارة إلى كل من باكستان وإيران، مؤكدين بذلك عزمنا على تعزيز علاقات المغرب بهذين البلدين الآسيويين الإسلاميين الكبيرين». وبخصوص اتحاد المغرب العربي «الذي تتقاطع فيه الدوائر العربية والإسلامية والافريقية والمتوسطية لسياستنا الخارجية»، فان تجاوب المغرب مع المبادرات الهادفة إلى تحريك آليات هذا الاتحاد «لا يوازيه إلا حرصه على أن يعرف انطلاقة جديدة قائمة على الواقعية والمصداقية والتوجه نحو المستقبل».

ودعا الملك المغربي الى التعامل مع الماء «كمادة ثمينة لا تعوض والنظر للأرض الصالحة للزراعة كثروة إن لم تنقص مساحتها فإنها لن تزيد، وإلى الإنسان كوسيلة وغاية للتنمية القروية المبنية على تكوينه وتحسين ظروف عيشه وفك عزلته».

ودعا النقابات والمقاولات والسلطات العمومية إلى «تبني ثقافة اجتماعية جديدة تعتمد المواطنة والحوار الدائم وإحلال قوة القانون محل قانون القوة وتركز على ضمان فرص الشغل والاستثمار، لكسب رهانات العولمة والتنافسية»، كما جدد الدعوة لحكومته «بالإسراع بوضع النص المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي».