آلاف الجزائريين يصطفون في الشوارع طمعا في مساكن

TT

استيقظ سكان العاصمة الجزائر وعدد من المدن الجزائرية امس، على مشهد طوابير بشرية مترامية الاطراف امام دواوين الترقية والتسيير العقاري قصد الحصول على اوراق تسمح لهم بالتسجيل في برنامج جديد لتوزيع السكن.

ووقفت «الشرق الأوسط» على صفوف لا تنتهي من اشخاص من مختلف الاعمار على مداخل هذه المؤسسات المكلفة توزيع استمارة لكل راغب في الحصول على سكن وفق صيغة «البيع عن طريق الايجار» التي اقترحتها الحكومة، وهي موجهة في الاساس الى الفئات المتوسطة من المجتمع التي وجدت نفسها غير قادرة على شراء سكن خاص ومقصية من الحصول على سكن اجتماعي مخصص في الاساس للطبقات المحرومة.

السيدة فتيحة قالت انها خرجت من بيتها بعد صلاة الفجر «ومع ذلك فأنتم ترون كيف انني ما ازال انتظر دوري لدخول مكتب الديوان، هناك من قال لي انه قضى الليلة هنا».

خروج مئات الالاف من الجزائريين، في اليوم الاول، لانطلاق برنامج الحكومة السكني الجديد، اظهر مدى عمق وفداحة ازمة السكن لدى الجزائريين، وهي في الواقع ازمة مستمرة منذ سنوات طويلة، لكنها تفاقمت في العشرية الاخيرة. ويعلق مسؤول في وزارة السكن بأن هذه الازمة «يشترك في صنعها المواطنون والمسؤولون على السواء، ذلك ان ما صرفته الحكومات المتعاقبة على برامج الاسكان كان كافيا لإبعاد شبح هذه الازمة».

وكمثال على التوزيع غير العادل للسكن كشف وزير سابق للسكن ان جزائريا تمكن من الحصول على 13 شقة من حصص الدولة المخصصة لايواء الطبقة المتوسطة والفقيرة. ولا تكاد تتحدث الى جزائري في اية نقطة من البلد حتى يدلك على شقق شاغرة استفاد منها اصحاب النفوذ والجاه وتركوها غير مسكونة لانهم ليسوا بحاجة اليها، في حين فضل آخرون بيعها بأسعار خيالية واقاموا الاموال التي حصلوا عليها من عمليات البيع مشاريع صناعية او اقتنوا سيارات فخمة.

وفي الشارع الرئيسي لبلدية بئر مراد رايس، الواقعة على بعد اقل من كيلومتر من قصر الرئاسة، اصطف مئات الاشخاص منذ الساعات الاولى من فجر امس، لكن تكاثر اعدادهم مع مطلع النهار اضطر اعوان الشرطة المكلفين بمراقبة حركة المرور الى غلق الطريق امام اصحاب السيارات، فاسحين المجال للطابور البشري الممتد على مد البصر لانتظار دور للحصول على استمارة تسجل فيها المعلومات الخاصة بطلب السكن والتأشير عليها في البلدية ثم العودة في طوابير اخرى لايداع الملف وانتظار رد قد لا يكون بالضرورة قرارا بالاستفادة من السكن. ولم تخل مداخل هذه الهيئات التابعة لوزارة السكن، من مشادات وملاسنات بين الحالمين باقتناء سكن، ولسان حالهم يقول «لعل هذه هي الفرصة الذهبية»، شباب بل كهول فضلوا التضحية بقضاء ليلة من عمرهم تحت النجوم علهم يحصلون بعدها على شقة تسمح لهم بتحقيق حلم آخر هو الزواج وبناء عائلة في ظروف لائقة. ولم تخل تعاليق المارة امام تلك الطوابير الطويلة من الطرافة، وقد توجه احدهم الى شاب جالس على الارض ينتظر دوره قائلا «هل نقلت السفارة الفرنسية الى هنا؟»، حيث ان واحدة من اكبر الطوابير في الجزائر العاصمة هي تلك التي تشهدها السفارة الفرنسية من اجل الحصول على تأشيرة للهروب من مشاكل الجزائر، وعلى رأسها معضلة السكن.