إسرائيل تؤكد مواصلة الاغتيالات ضد الفلسطينيين وبيريس يشن حملة لصد الانتقادات في الغرب

TT

بعد اكثر من خمس ساعات من البحث المتواصل في الآثار والنتائج العسكرية والسياسية لجريمتي اقتحام الحرم القدسي الشريف، يوم الاحد الماضي، واغتيال ثمانية فلسطينيين في نابلس بينهم طفلان وصحافيان، قرر «المطبخ السياسي الامني» للحكومة الاسرائيلية، امس، الاستمرار في سياسة الاغتيالات، واتخاذ الاحتياطات الامنية اللازمة لمجابهة العمليات الانتحارية المتوقعة في اعقابها، والقيام بحملة اعلامية هجومية، بقيادة وزير الخارجية، شيمعون بيريس، لصد الانتقادات الصادرة في الغرب ضد العمليات الاسرائيلية.

واطلق المسؤولون الاسرائيليون، خلال الاجتماع وبعده، سلسلة تصريحات توضح ماهية القرارات والاجراءات المنوي اتخاذها في المرحلة القريبة المقبلة، على النحو التالي:

ـ الاعتذار عن مقتل الطفلين البريئين جراء الغارة الجوية في نابلس، اول من امس، والاعراب عن الاسف لمقتل الضحايا البريئة عموما.. «اذا كان هناك ابرياء فعلا»، كما قال وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر.

ـ التركيز على ان المقر الذي تم تفجيره هو مقر «حماس» في نابلس وكان المجتمعون يبحثون في القيام بسلسلة عمليات انتحارية في اسرائيل (مع العلم بأن الغارة تمت خلال اجراء مقابلة صحافية مع قائد «حماس» في الضفة الغربية، جمال سليم الداموني. وقتل خلالها الصحافيان وهما يقومان بعملهما في اجراء المقابلة).

* الادعاء بأن جمال الداموني وجمال منصور، اللذين قتلا في العملية، يقودان تنظيما يتحمل المسؤولية عن قتل 37 اسرائيليا وجرح 376 اسرائيليا آخرين خلال العمليات التالية: العملية الانتحارية في تل ابيب في الاول من يونيو (حزيران) الماضي، التي قتل فيها 21 شابا وفتاة وجرح 84 آخرين * والعملية الانتحارية امام المجمع التجاري في نتانيا في 18 مايو (ايار) الماضي، التي قتل فيها 5 اسرائيليين وجرح 74 * والعملية الانتحارية قرب حافلة ركاب في كفار سابا يوم 22 ابريل (نيسان) الماضي، التي قتل فيها اسرائيلي وجرح 47 * العملية الانتحارية قرب محطة الوقود على الخط الاخضر بين اسرائيل والفة الغربية في 28 مارس (آذار) الماضي التي قتل فيها اسرائيليان وجرح فيها اربعة آخرون * العملية الانتحارية في محطة الباص في حي التلة الفرنسية في القدس في 27 مارس الماضي التي جرح فيها 12 اسرائيليا * العملية الانتحارية في نتانيا في 4 مارس الماضي، التي قتل فيها ثلاثة اسرائيليين وجرح 91 * العملية الانتحارية في وادي عارة في الاول من مارس الماضي، التي قتل فيها مواطن اسرائيلي وجرح فيها 12 * العملية الانتحارية في نتانيا في الاول من يناير (كانون الثاني) الماضي، التي جرح فيها 36 اسرائيليا * العملية الانتحارية قرب مستعمرة محولا في غور الاردن في 22 ديسمبر (كانون الاول) 2000، التي جرح فيها 3 جنود * والسيارة المفخخة التي انفجرت في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) في الخضيرة وقتل فيها اسرائيليان وجرح 61.

* صد حملة الانتقادات في الغرب، بالقول «ان اسرائيل تتعامل مع الارهاب الفلسطيني بحزم يقل عن حزم الولايات المتحدة، التي اغارت على ليبيا، ويقل عن حزم الولايات المتحدة وبريطانيا في غاراتهما المتواصلة على العراق»، والتأكيد على ان اسرائيل، بعملياتها ضد الارهاب الفلسطيني انما تدافع عن ارواح مواطنيها وعن الاستقرار الامني في الغرب ايضا، كون هذا الارهاب، اذا ازداد قوة، فسينتشي ويتسع نحو دول الغرب والمصالح الغربية في المنطقة ايضا».

وفي الوقت نفسه قرر المجلس الوزاري الامني المصغر، مواصلة حالة الاستنفار الامني القصوى في المدن والبلدات الاسرائيلية، تحسبا من عمليات فلسطينية متوقعة. وتشديد الحصار على المناطق الفلسطينية وزيادة التفتيشات الامنيةن على الحواجز العسكرية، ونصب المزيد من الحواجز الفجائية ومراقبة الطرق الغربية واغلاقها لمنع تسلل فلسطينيين، وتشديد الحراسة والدوريات في الشوارع والاسواق العامة والمجمعات التجارية الكبرى. وتشديد الحراسة على المكاتب والمؤسسات الاسرائيلية في الخارج. وزيادة الحملات لاعتقال وطرد العمال الفلسطينيين الموجودين في اسرائيل من دون تصاريح.

وكان رئيس الحكومة الاسرائيلي، ارييل شارون، قد دافع ع تصرفات الشرطة في الحرم القدسي، خلال جلسة امس، وقال «ان هذ عملية نموذجية في الحزم ضد المخربين والمحرضين من جهة وفي الحرص على ان لا يقتل اي مصل داخل الحرم من جهة ثانية». وحمله مسؤولية التوتر في الحرم الى السلطة الوطنية الفلسطينية واعفاء الكنيست الاسرائيلي العرب الذين ـ حسب قوله ـ «اثاروا ضجة كبرى حول حدث صغير وتافه هو وضع حجر الاساس للهيكل في موقف سيارات بعيدا عن الحرم».

وقال شارون «ان هؤلاء يعرفون ان المحكمة والشرطة رفضتا السماح لتلك المجموعة الصغيرة من اليهود ان تدخل الحرم القدسي. ومع ذلك راحوا يتحدثون عن خطر المساس بالحرم. وبذلك، يحاولون تحويل الصراع القومي الى صراع ديني، بهدف التحريض على اسرائيل».

واما عملية نابلس، فوصفها شارون بأنها احد اهم الانجازات الاسرائيلية في الاشهر الاخيرة. وامتدح المخابرات الاسرائيلية على قدرتها في جمع المعلومات الدقيقة، في الوقت المناسب، وامتدح الطائرتين المروحيتين وطواقمهما على اصابة الهدف بدقة. وقال «آن هذه العملية تشكل ضربة قوية جدا لحركة «حماس» وبنيتها التحتية. وسيمضي وقت طويل حتى تستطيع النهوض من هذه الضربة».

وردد كلمات شارون مسؤولو الاجهزة الامنية المختلفة. وقال احدهم ان هذه العملية كانت ضرورية جدا ليفهم قادة «حماس» وغيرها من التنظيمات الفلسطينية، ان اسرائيل قادرة على الوصول اليهم فردا فردا بالشكل والوقت اللذين تختار. وان السلطة الفلسطينية واجهزتها لن تستطيع حمايتهم. وان عليهم الآن ان يكرسوا قسطا وافرا من وقتهم للهرب والاهتمام بالاختفاء عن الاعين الاسرائيلية.

وقال وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، ان هذه العملية كانت ضرورية للجم ولردع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، «الذي داس على البنزين بأقصى قوته وسمح بانفلات الارهاب ضد اسرائيل». واضاف: «منذ قيام اسرائيل قبل 53 عاما، لم يكن سكانها عرضة لأخطار امنية مثلما هو الحال هذه الايام. وهذا وضع لا يحتمل».

اما قائد الشرطة العام، شلومو اونيشكي، فقال ان شرطته تجد نفسها بعد هذه العملية امام تحديات جديدة لحفظ الامن. وقال ان قواته لا تكفي للقيام بالمهمة. وأكد انه يأخذ بجدية التهديدات الفلسطينية بالانتقام، بواسطة اغتيال سياسيين اسرائيليين وليس فقط بالعمليات الانتحارية، ولذلك فانه يعمل على تشديد الحراسة على المكاتب الحكومية، ويتعاون مع المخابرات في حماية الشخصيات البارزة.

بيد ان هناك اصواتا بدأت ترتفع في اسرائيل ضد هذه العملية وغيرها من العمليات والاغتيالات. فقال يوسي بيلين، وزير القضاء السابق، ان عملية نابلس لم تحقق شيئا سوى قتل طفلين فلسطينيين. بل انها عمقت الصراع والعنف وزادت من الشعور بقلة الامان لدى المواطنين. ودعا الى الجنوح للمفاوضات السلمية.

ودعا رئيس المعارضة، يوسي سريد، الولايات المتحدة لارسال قوة مراقبة ولغرض حل على الطرفين.

وقالت «كتلة السلام» ان عملية نابلس هي عملية ارهاب، وستؤدي الى عمليات رد قاسية وعمليا، تزيد من التوتر.