حمى النشاط السياسي تجتاح البحرين والانفتاح يدفع لتأسيس جمعيات بالجملة

مسؤولة في وزارة العمل: تعديل قانون الجمعيات يصدر بداية العام المقبل

TT

جعلت خطوات الاصلاح السياسي والاداري الجريئة التي اتخذها امير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة من هذه الجزيرة الصغيرة أشبه بخلية نحل يحتدم فيها النشاط السياسي والاجتماعي، خاصة النسائي منه، على نحو لم تألفه البحرين من قبل، بل قلما عرفت مثله منطقة الخليج، اذ تجتاح البحرين منذ فبراير (شباط) الماضي عندما اقر ميثاق العمل الوطني، حمى تأسيس الجمعيات بشتى انواعها.

ووفقا لاحصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في البحرين، فان عدد الطلبات لتأسيس جمعيات جديدة التي تسلمتها الوزارة منذ بداية العام وحتى الآن بلغ 35 طلبا، وتم منح الترخيص حتى الآن لعشرين جمعية منها، بينما تجري دراسة الطلبات الاخرى.

واعتبرت الشيخة هند آل خليفة، الوكيل المساعد للشؤون الاجتماعية بوزارة العمل، في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان «هذا الاندفاع في تأسيس الجمعيات يأتي نتيجة طبيعية للشعور العام بأجواء الانفتاح التي من الممكن ان تستفيد منها الجمعيات، وكذلك الرغبة في القيام بالواجب الوطني من بناء وتوعية من خلال هذه الكيانات، فنشطت الجمعيات القائمة، كما تقدمت مجموعات من المواطنين الذين تربطهم مهن او توجهات مشتركة بطلبات ترخيص لجمعيات جديدة، بعضها بأهداف مهنية والبعض الآخر بأهداف وطنية متعددة الاتجاهات، كما ان بعض الجمعيات يحمل اهدافاً قومية».

وحمل الاندفاع لتأسيس الجمعيات معه عدداً من الأمور، بعضها غير مسبوق، ابرزها تبلور مشروعات لجمعيات ذات طابع سياسي، يرى الساعون لتأسيسها انها بديل مثالي «لأحزاب السياسة التي يحظر القانون تأسيسها». كما برز نشاط نسائي ملحوظ اذ تم تقديم خمسة طلبات لتأسيس جمعيات نسائية من اجمالي 35 طلباً تسلمتها وزارة العمل خلال الفترة الماضية.

وفي خضم التدافع نشأت صراعات «باردة» بين الافراد المنتمين للمهنة الواحدة او الاتجاه الواحد لنيل فرصة التفرد بتأسيس بعض الجمعيات وبالتالي رئاستها في فترتها الاولى، وما قد يتبع ذلك من احتمالات الترشح للهيئات المدنية المرتقبة خلال المرحلة المقبلة. ونشأ عن هذا الصراع تشابه كبير في عدد من مشاريع الجمعيات التي تسلمت طلباتها الوزارة وأبرزها مشروعا جمعية الأكاديميين، بالاضافة الى عدد من الجمعيات المعنية بالشأن العام والاصلاح الاداري.

ومن بين الطلبات التي تسلمتها الوزارة، وللمرة الاولى في تاريخها، على الاقل طلبان لتأسيس جمعيات ذات طابع سياسي، الاولى باسم «جمعية العمل الوطني الديمقراطي» تضم من بين مؤسسيها منتمين لتيارات سياسية يسارية وبعض المستقلين. وكان هذا التجمع في بدايته يطمح لتوحيد الوطنيين اليساريين وأبرزهم من كانوا ينتمون لما كان يسمى بـ«الجبهة الشعبية»، و«جبهة التحرير» الا ان هذه المجموعة الاخيرة اعلنت مؤخرا انفصالها وتشكيل «المنبر الديمقراطي التقدمي». وتقدمت مجموعة من الناشطين الدينيين الشيعة بطلب لتأسيس «جمعية الوفاق الوطني» التي تهدف لتأطير العمل الاسلامي الشعبي التطوعي تحت مظلة شرعية يحكمها الدستور والقوانين والأعراف، والتقريب بين المذاهب وحفظ الطاقات الاسلامية من التشتت وتعزيز دور المرأة، وعدد من الأهداف الاخرى.

وأعلن عدة تجمعات عن نفسها بوثائق تعريفية تمهيدا لسلوك الطريق الرسمي بتقديم طلب الاشهار من الوزارة، فقد اعلن «الوسط العربي الاسلامي الديمقراطي» عن نفسه في وثيقة بثت على شبكة الانترنت، وهو تيار مستقل لا يرتبط ايديولوجيا ولا دينيا بأي من التيارات السائدة على الساحة، ويطمح لتمثيل الاغلبية اللامنتمية من الشارع المحلي باعتبار ان انتماءه يعود الى العروبة والاسلام، كما انه اعلن انه سيسعى ليكون مشاركا في بناء الدولة وليس معارضاً لمجرد المعارضة.

الى جانب ذلك يدور الحديث في المجالس عن وجود ما لا يقل عن مجموعتين اخريين تدرسان بلورة كيان ذي طابع سياسي احدهما ديني.

ولا يتوقع ان تحصل اي جمعية ذات طابع سياسي على ترخيص في عهد تطبيق قانون الجمعيات الاهلية الحالي الذي تنص احدى مواده نصا صريحا على منع تعاطي الجمعيات المرخص لها العمل السياسي.

وتسعى الوزارة لتعديل قانون الجمعيات الحالي الذي يعود تاريخه الى عام 1989 والغى بدوره قانون الجمعيات الاول لعام 1959. وبحسب الشيخة هند فان الوزارة دعت الجمعيات بأنواعها المختلفة لتقديم تصوراتها بشأن تعديل القانون الحالي. واوضحت ان الوزارة تسلمت مؤخراً وجهات النظر المختلفة التي ستنقلها بدورها للجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة تفعيل الميثاق التي يترأسها ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة والتي يتوقع ان تجتمع في نهاية الصيف الحالي. وتوقعت الشيخة هند ان تنتهي اللجنة الفرعية من اعداد مشروع التغيير في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كما توقعت ان لا يتأخر اصدار قانون الجمعيات المعدل عن بداية العام المقبل.

وتشير الشيخة هند الى ان النسخة المعدلة من القانون سوف يحذف منها بند منع الجمعيات الاهلية من تعاطي الشأن السياسي.

وتوقعت الشيخة هند ان يصل العدد الاجمالي للجمعيات في البحرين مع نهاية العام الحالي الى 260.

وفي ما يخص الجمعيات النسائية قالت الشيخة هند انه اعطي مؤخرا ترخيص لجمعيتين نسائيتين جديدتين تضافان لخمس جمعيات تأسست اولها قبل خمسين عاما، كما تتم حاليا دراسة ثلاثة طلبات اخرى يتوقع الترخيص لها قريبا.

وتقول الشيخة هند ان الوزارة تجتهد لتتواكب مع التغييرات التي ولدت هذا الاندفاع لتشكيل هذه المؤسسات الاهلية التي يتطلع الداعون لتأسيسها الى خدمة المجتمع، وان الوزارة تنظر في جميع الطلبات المقدمة وتسعى للتقريب بين وجهات نظر مؤسسي هذه الجمعيات وتشريعات الوزارة لتسهيل اظهار الجمعيات الى الوجود.