المحايدون في نزاع الاتحاد الاشتراكي المغربي

شكلوا مجموعة ضغط وأطلقوا حملة توقيعات على وثيقة بعنوان «نداء الوحدة والديمقراطية»

TT

شكل المحايدون في الصراع الدائر في حزب «الاتحاد الاشتراكي» المغربي بين المتشبثين بشرعية المؤتمر السادس للحزب ومعارضيه مجموعة ضغط للحيلولة دون حدوث الانشقاق، الذى بات العديد من المراقبين يعتبرونه أمرا واقعا. ومكن النجاح الذي لاقته حملة التوقيعات على وثيقة «نداء الوحدة والديمقراطية» هذه المجموعة من الظهور كطرف ثالث في معادلة الاتحاد الاشتراكي لما بعد المؤتمر.

وكحصيلة أولى منذ إطلاق النداء في 7 يوليو (تموز) الماضي بلغ عدد الموقعين عليه نحو 450 من الأطر والقيادات الحزبية، منهم 40 عضوا في اللجنة الإدارية الجديدة المنبثقة عن المؤتمر السادس. وسجلت حملة التوقيعات إقبالا كبيرا في مختلف الفروع باستثناء فرعي الرباط والدار البيضاء اللذين يشهدان تخندقا كبيرا لأطراف الصراع. وتحظى حركة الوحدة والديمقراطية بدعم عدد من كبار المسؤولين في الحزب، منهم فتح الله ولعلو (وزير المالية والاقتصاد) ومحمد بوزوبع «الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان) والحبيب المالكي (وزير سابق) وبعض الوجوه البارزة مثل محمد عابد الجابري. وقررت لجنة تنسيق هذه الحركة الجديدة خلال اجتماعها الأخير في الرباط تعميم الوثيقة وطرحها للتوقيع على مستوى القواعد الحزبية، بعد أن ركزت حملتها في السابق على القيادات والأطر. ويرتقب أن تنظم خلال الأسبوعين المقبلين عدة ندوات حزبية في مختلف المحافظات للتعريف بوجهة نظرها وكسب مزيد من الدعم لمساعيها.

ومنذ انطلاقها نظمت لجنة متابعة حركة الوحدة والديمقراطية عدة لقاءات مع مختلف الأطراف الحزبية. وكان أول لقاء لها مع عبد الرحمن اليوسفي الأمين العام للحزب، الذي طلبت منه اللجنة نشر ندائها في صحيفة الحزب. إلا أن المكتب السياسي للحزب رفض هذا الطلب عندما عرض عليه لاحقا. ثم التقت مجموعة «الوفاء للديمقراطية» وهي أحد أهم الأطراف المنسحبة من مؤتمر الحزب، ومنظمات الشباب ومجموعة من المثقفين. واعتبرت مجموعة «الوفاء للديمقراطية» نداء الوحدة بمثابة آخر فرصة للحيلولة دون حدوث الانشقاق، وعبرت عن مساندتها للمبادرة ودعت إلى تنظيم ندوة حزبية على المستوى الوطني لإنقاذ الحزب.

كما تم الإتصال بالكونفيدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي موال للحزب، وأحد أهم الأطراف المنسحبة من المؤتمر). وأكد عبد المجيد بوزوبع نائب الأمين العام للكونفيدرالية أن الإتحاد العمالي سيعطي لممثلي «نداء الوحدة والديمقراطية» جوابه على أقتراحها بعد دراسته خلال اجتماع الهيئة التنسيقية للحركة التصحيحية التي شكلها المنسحبون من المؤتمر ويرأسها محمد نوبير الأموي الأمين العام للكونفيدرالية . وفي تصريح لـ «الشرق الأوسط» قال مسؤول في الاتحاد النقابي أن هيئة الحركة التصحيحية تنتظر نتائج اجتماع اللجنة الإدارية المنبثقة عن المؤتمر السادس، المقرر عقده بعد غد قبل الإعلان عن موقفها. وأشار إلى أن اجتماع اللجنة الادارية كان قد تأجل في وقت سابق بسبب ضغوطات بعض المتشددين من أتباع محمد اليازغي، الرجل الثاني في الحزب، الذين يطالبون بالتعامل بحزم مع المنسحبين من المؤتمر واتخاد قرار بفصلهم من الحزب في اجتماع اللجنة الإدارية. وأضاف أن ظهور طرف ثالث ينادي بالوحدة من داخل شرعية المؤتمر قد شكل إحراجا جديا لهؤلاء.

وفي الطرف الآخر المتشبت بشرعية المؤتمر السادس للحزب التقت حركة الوحدة والديمقراطية مع إدريس لشكر (رئيس الفريق البرلماني للحزب) وطلبت منه تنظيم لقاء مع اليازغي باعتباره زعيم هذا الطرف. وحول ما يروج من أن يكون اليوسفي وراء هذه المبادرة بهدف إحداث توازن جديد داخل الحزب، قال أحد المسؤولين في حركة «الوحدة والديمقراطية» أن الحركة مستقلة عن اليوسفي وجاءت بمبادرة مجموعة من الأطر الحزبية التي حافظت على استقلاليتها ولم تتخندق في التقاطب الذي شطر الحزب. وأضاف أن حركة «الوحدة والديمقراطية» لا تشكل حاليا تيارا جديدا داخل الحزب، فهي لا تتمتع بأية أرضية سياسية أو أيديولوجية خاصة، وهي الآن مجرد اتفاق للدفاع عن وحدة الحزب. غير أن المصدر لم ينف إمكانية تحول الحركة إلى تيار حزبي جديد.

وتنطلق الحركة من الاعتراف بشرعية المؤتمر السادس للحزب وما تمخض عنه من قرارات وأجهزة، لكنها تنتقد فشل المؤتمر في معالجة أزمة الحزب وترى أنه أدى إلى تعميقها وجعلها، حسب ما جاء في النداء، تأخد أبعادا خطيرة أضحى معها الأفق الحزبي رهين المجهول. ويشخص النداء الأزمة التي يتخبط فيها الحزب في «غياب الديمقراطية وسيادة الأسلوب الحلقي في تدبير الحزب وترسيخ الولاءات الشخصية، وتهميش عدد هائل من الأطر الحزبية المتنورة، وضياع المرجعيات الضرورية لتعايش المناضلين وتنافسهم الشريف وتوزيع المسؤوليات داخل الحزب حسب الكفاءات والتمثيلية الديمقراطية لا حسب الولاءات». ودعا إلى تجنب كل ما يضر بوحدة الحزب، وإعطاء الأولوية للحوار الهادئ بين كل مكونات الحزب لإيجاد صيغ عمل وحدوي مسؤول من أجل معالجة الأزمة من جذورها، وذلك بتوفير شروط الديمقراطية الداخلية.