«سي.آي.ايه» تسعى لاستعادة وثائق تكشف عن دورها في ذبح آلاف الشيوعيين الإندونيسيين في انقلاب سوهارتو

TT

يحاول المسؤولون الاميركيون استرداد كتاب للتاريخ الرسمي للمعاملات الاميركية مع اندونيسيا يسجل بعض المسؤولية الاميركية في عمليات قتل آلاف من الشيوعيين الاندونيسيين في منتصف الستينات، بعد انقلاب سوهارتو على مؤسس اندونيسيا ورئيسها السابق احمد سوكارنو، بما فيها برقية توصي بدفع اموال الى فرق الموت التي تحظى بتأييد الجيش.

وكان المسؤولون في وكالة المخابرات المركزية الاميركية ووزارة الخارجية اتفقوا في شهر مايو (ايار) الماضي على تأجيل الافراج عن الجزء الخاص بالدور الاميركي الذي يصدر في اطار سلسلة «العلاقات الخارجية للولايات المتحدة». ولكن المسؤولين ذكروا امس ان مكتب المطبوعات الحكومية وزعها على المكتبات في جميع انحاء العالم.

وذكر متحدث باسم مكتب المطبوعات الحكومية انهم يحاولون الآن استرداد الكتاب مرة اخرى بأوامر من مكتب الامن الدبلوماسي في وزارة الخارجية. واعترف المتحدث اندي شرمان بصعوبة استراداد النسخ المجهزة على ميكروفيلم التي تم ارسالها للخارج. وقال ان الاوامر الصادرة بعدم توزيع الكتاب وصلت متأخرة. وفي الوقت ذاته ذكر توم بلانتون مدير ارشيف الامن الوطني وهو مركز ابحاث لا يسعى للربح في جامعة جورج واشنطن في العاصمة الاميركية انهم «يحاولون اعادة معجون الاسنان الى الانبوب. وقد تمكن المركز من شراء نسخة من الكتاب الواقع في 830 صفحة يوم الخميس الماضي ووضعه على موقع الانترنت الخاص به».

واتهم بلانتون وكالة المخابرات الاميركية بمحاولة اخفاء هذا الكتاب الذي يحدد الدور الاميركي «القذر» في اندونيسيا وماليزيا والفلبين في الفترة من 1964 الى 1968، وكتاب اخر حول اليونان وتركيا وقبرص في الفترة ذاتها، بالرغم من ان الوثائق التي يحتويها الكتاب تم الافراج عنها قبل ثلاث سنوات.

وقد نفى المتحدث باسم الوكالة مارك مانسفيلد المسؤولية «الوحيدة» للوكالة. واوضح: «ان فكرة ان وكالة المخابرات المركزية قد منعت الافراج عن هذا الكتاب بمفردها هي ببساطة ليست الحقيقة، لاننا نعمل بالاشتراك مع وزارة الخارجية في هذه الامور، وكلنا نسعى للالتزام بالقانون، بينما نحمي في الوقت ذاته المعلومات السرية التي يمكن، ان تم الكشف عنها، ان تسبب اضرارا لنا».

والجدير بالذكر ان التاريخ الموثق المتعلق باليونان وقبرص وتركيا طبع في شهر فبراير (شباط) عام 2000، ولكنه بقى محفوظا في مكتب المطبوعات الحكومية تحت عنوان «محظور: وثائق لا يمكن الافراج عنها». ورفض المسؤولون ذكر السبب. ويحتوي الجزء الخاص بأندونيسيا على وثائق تشير الى ان المسؤولين الاميركيين قدموا، قبل 35 سنة قوائم باسماء آلاف من اعضاء الحزب الشيوعي الاندونيسي الى الجيش في جاكارتا، الذي كان يطاردهم ويقتلهم افرادا وجماعات. وتتراوح تقديرات عدد الذين تم قتلهم من مائة الف الى مليون.

وكان المسؤولون الاميركيون قد ادعوا في ما بعد انهم حصلوا على اسماء كبار قادة الحزب الشيوعي وكوادر الحزب من السجلات الرسمية، الا ان الوثائق تظهر ان القوائم كانت في غاية الاهمية بالنسبة للجيش الاندونيسي.

ففي 10 اغسطس (آب) من عام 1966 كشف تلغراف بعث به السفير الاميركي لدى اندونيسيا مارشل جرين الى رؤسائه في واشنطن عن ان قائمة اعدتها السفارة لكبار قادة الحزب الشيوعي، «من الواضح انها تستخدم من قبل سلطات الامن الاندونيسية الذي يبدو انها تفتقد الى ابسط المعلومات بخصوص قيادة الحزب الشيوعي الاندونيسي آنذاك».

كما اوصت مذكرة اخرى من جرين بتاريخ 2 ديسمبر عام 1965 عن دفع مبلغ وقدره 50 مليون روبية الى زعيم لجماعة كاب جيستابو، وهي جماعة يمينية تحظى بتأييد الجيش «التي لا تزال تنفذ الجهود القمعية ضد الحزب الشيوعي الاندونيسي وتصفية اعضائه، ولاسيما في وسط جافا». واوضحت برقية جرين ان خمسين مليون روبية تساوي حسب الاسعار الرسمية 1،1 مليون دولار، الا ان السياح يمكنهم شراء 50 مليون روبية بـ 6250 دولارا فقط في السوق السوداء. وقال «ان مساهمتنا تعتبر مبلغا صغيرا نسبيا ولكنه سيساعد كاب جيستابو بدرجة كبيرة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»