فلسطينية من غزة تلد طفلها ميتا بسبب الإعاقات على الحواجز الإسرائيلية

TT

ضاقت الدنيا على محمد زعرب بما رحبت، اذ فاجأ المخاض زوجته سميرة (38 سنة) واشتد بها الألم واخذت منها المعاناة مأخذا كبيرا. لكن ليس في يد الزوج حيلة للتخفيف من معاناة زوجته، فشأنهما شأن جميع سكان منطقة المواصي الواقعة الى الغرب من مدينة خان يونس التي تخضع لسيطرة اسرائيلية كاملة، لا يستطيع التجول ليلا في هذه المنطقة بسبب الحظر الذي تفرضه سلطات الاحتلال.

غير انه وأمام معاناة زوجته التي تشتد بالدقيقة قرر محمد المغامرة رغم خطورة الوضع، ونقل زوجته بالسيارة قاصدا المستشفى. ولم يقطع سوى مسافة قصيرة عندما اصطدم بحاحز التفاح العسكري الذي يربط المواصي بخان يونس. اوقفه جنود الاحتلال وأصروا على عودة السيارة على اعقابها رغم انين وصرخات الألم الصادرة من داخلها. وهذا ما فعل.

ولم يستسلم محمد فحاول ان يتجه الى مدينة رفح عبر طرق ترابية اعتقد انها تخلو من الحواجز، إلا ان جنود جفعاتي سيئي الصيت كانوا له بالمرصاد ولم يسمحوا له بالمرور ايضا، لكنهم لم يجعلوا هذه المناسبة تمر من دون ممارسة التنكيل، فانهالوا عليه بسيل من الشتائم والاهانات.

واقتربت الساعة من الرابعة فجرا وآلام الزوجة تشتد ومحمد يشتاط غضبا. تذكر محمد في هذه الاثناء انه يحمل رقم هاتف احد رجال الارتباط الفلسطيني المسؤولين عن التنسيق مع الجانب الاسرائيلي، فاتصل به من هاتفه المحمول، فنصحه المسؤول ان يتجه مرة ثانية الى حاجز التفاح، فتوجه محمد وهناك بذل رجال الارتباط الامني الفلسطيني محاولات استمرت لساعتين في محاولة اقناع الجنود الاسرائيليين بضرورة السماح لزوجته بالانتقال الى المستشفى.

واخيرا وافق جنود الاحتلال على السماح لها بالمرور لكن ليس قبل ان تمر برحلة التفتيش حيث ادخلت اليها الكلاب المدربة. وصل محمد وزوجته الى المستشفى في الساعة السابعة، وضعت جنينها لكنه كان ميتا، اذ اكد الاطباء ان الأم عانت من نزيف جراء الانتظار الطويل والمعاناة.

مريم الاخرس شاهد حي آخر على تنكيل جنود الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين. فهذه السيدة وهي من مخيم البريج وسط قطاع غزة، تضع مولودها عبر عملية قيصرية. ومن غير الممكن ان يتم اجراء هذه العملية في المخيم، لذا كان من الضروري ان تنقل الى غزة لاجراء العملية هناك.

وعقدت العزم مع زوجها وركبا السيارة، فكان لهم جنود الاحتلال عند مفرق الشهداء القريب من مستوطنة نيتساريم جنوبي غزة، بالمرصاد ورفضوا السماح لهما بالمرور. وظلت المرأة تتالم وعصف بها النزيف وأخذت تصرخ بأعلى صوتها حتى سمح لها احد الجنود وهو من اصول اثيوبية بالمرور.

الحواجز العسكرية الاسرائيلية التي تقطع اوصال الاراضي الفلسطينية شهدت العديد من حالات الولادة نظرا لرفض جنود الاحتلال السماح للحوامل الفلسطينيات بالوصول الى المستشفيات. اول امرأة تضع مولودا على الحواجز العسكرية الاسرائيلية كانت ختام شعبان (31 سنة) من قرية مرج نعجة قضاء اريحا. ووضعت ختام مولودا ذكرا على الحاجز ولم يسمح لها الجنود بالمرور الا بعد ان سمعوا صوت المولود. عانت ختام بسبب المماطلات والتأخير الاسرائيلي من هبوط في الضغط وتناقص الهيموغلوبين.

الدكتور موسى حميد مدير المستشفيات في وزارة الصحة الفلسطينية يؤكد انه تم تسجيل تسع حالات ولادة لنساء فلسطينيات على الحواجز العسكرية الاسرائيلية. ويشير حميد الى انه ونظرا لهذه الحواجز التي تعيق وصول النساء في اوضاع الولادة للمستشفيات، حدث ارتفاع كبير على نسبة النساء اللواتي يتجهن لوضع مواليدهن في البيوت. ويذكر حميد انه حصلت زيادة بنسبة 128 في المائة على عدد حالات الولادة في البيت.

ويشدد هنا على ان ذلك يؤدي الى زيادة حالات الوفيات في اوساط المواليد والامهات، حيث ان المرأة ومولودها يفتقدان العناية الطبية اللازمة المتوفرة في المستشفيات. ويشير حميد ايضا الى انه نظرا لتزايد حالات الولادة في البيوت فان نسبة الاعاقات في اوساط المواليد زادت بشكل كبير، وذلك لان الحوامل يستعن بنساء غير مدربات على المساعدة في عمليات التوليد.

لكن بعض النساء الحوامل في شهورهن الاخيرة، اللواتي يقطن في مناطق نائية محاطة الطرق يتخذن الاحتياطات اللازمة، وذلك بالانتقال للاقامة لدى اقارب لهن في المدن.